وصف البحارة ال 6 العائدون من ليبيا، بعد حبسهم شهرين فى سجن الجلاء بمنطقة «طبرق»، الأيام التى عاشوها فى محبسهم بأنها «سوداء» وقالوا إنهم تعرضوا خلالها للضرب والشتائم، وتم تركهم دون علاج، رغم وجود مريض بينهم، مما دفعهم للبكاء طوال سجنهم أيام عيد الأضحى الماضى. وروى على جابر، أحد بحارة مركب «حودة يا عسل»، العائدين، تفاصيل مأساتهم بقوله: «خرجنا من ميناء مرسى مطروح يوم 27 نوفمبر الماضى، ومعنا ترخيص بالصيد وكان متوقعاً عودتنا يوم 6 ديسمبر الماضى، أى قبل عيد الأضحى، وكنا 6 بحارة يعملون ب«السنار» وفى ثانى يوم لنا على المركب، أبحرنا بين برانى والسلوم، وفجأة تعطل الموتور وهبت علينا رياح شديدة، وفشلنا فى إنزال الخطاف، لمواجهة الرياح، التى تتقاذف المركب، وكنا وقتها على الحدود المصرية. وتابع: أرسلنا استغاثات عبر الأجهزة، التى كانت معنا ورفعنا الراية البيضاء فوق المركب ولم يتحرك أحد من السلطات الليبية لإنقاذنا بعدما اكتشفنا أن الريح نقلتنا إلى المياه الليبية، ومكثنا 3 أيام فى البحر وتأكدنا أننا ميتون فقمنا وصلينا لله جماعة، على ظهر المركب المعطلة، ودعوناه أن ينقذنا من أجل أولادنا، الذين ليس لهم عائل غيرنا، وبدأنا تقسيم الطعام والماء بكميات أقل علينا لنظل أحياء «وقرينا الشهادة لأننا حنموت حنموت». أضاف جابر: فجأة بعد اليوم الثالث، لمحنا على البعد أحد الشواطئ، على مسافة بعيدة فأرسلنا استغاثات بالأجهزة، أننا تعطلت مركبنا ونريد من يسحبنا من عرض البحر، فلم يسمع لنا أحد، رغم تأكدنا من وصول رسائلنا، وتغيرت فجأة الرياح وقادتنا إلى الشاطئ القريب وعندما وصلنا منطقة ليبية تسمى «مرسى لك» قرب الحدود المصرية الليبية، صرخنا فى وجه من رأيناهم أمامنا فسحبونا بقارب مطاطى صغير وعرفنا بعد ذلك أنهم تابعون «للثروه السمكية الليبية»، وعندما سألناهم: ألم تسمعوا استغاثاتنا ورأيتمونا نرفع الراية البيضاء فلماذا لم تأتو لإنقاذنا؟ قالوا لنا «إنهم كانوا يحسبوننا مهاجرين غير شرعيين فتركونا». وقال على جابر، من الطاقم: «أنا مريض بالقرحة وأخبرتهم بمرضى وإننى أحتاج علاجاً، فلم يستجيبوا لى وبعد إلحاح ذهبوا بى إلى الطبيب فكتب لى علاجاً ورفضوا أن يصرفوه لى وعدت إلى الزنزانة بحجة أننى لا أملك ثمنه». وتابع: «هناك أكثر منن 250 مصرياً فى سجن الجلاء بطبرق، لا يعلم عنهم أحد شيئاً، وقال لى أحد المسجونين إن حوالى 80 مصرياً مسجونين منذ 10 شهور وحكى لنا بعضهم أن هناك سجناً آخر يدعى «جرينادا» يملأه المصريون لكنهم لم يسجنوا به». ويروى حسن سعد، أحد طاقم المركب: «اتصلوا بالنيابة العسكرية الليبية، وأخذونا للحبس وقضينا ليلة فى مخفر «مرسى لك» بعد أن فتشوا المركب فلم يجدوا فيها غير «الطعم»، الخاص بالصيد والثلج وبعدها تم نقلنا إلى سجن الجلاء، فى منطقة طبرق، بعدما اتهمونا بالهجرة غير الشرعية، رغم تأكيداتنا لهم أن المركب الذى نستقله صغير، ولا يصلح للهجرة وتركونا فى السجن قائلين: «بعد العيد تتم محاكمتكم». وقال عمرو عبدالرحمن، من طاقم المركب: قضينا أيامناً سوداء داخل سجن الجلاء، وبكينا طوال أيام العيد، كما عاملنا مسؤولو السجن بقسوة، وكأننا لسنا بنى آدمين، غير الشتائم الدائمة، وحين دخلنا الزنزانة بسجن الجلاء تركونا فى برد ديسمبر دون فرش ننام عليه أو غطاء يحمينا من الشتاء، فاضطررنا لخلع بعض ملابسنا والنوم عليها وحين كنا نغسلها بسبب بقائها على أجسادنا لأسابيع كنا نموت من البرد ولا مجيب لدرجة أن بعضنا مريض بالكلى وظل يصرخ فلم ينقذوه. وأضاف حسن سعد، من الطاقم، أنه تعرض للضرب دون سبب فى إحدى مرات نقلهم لمحكمة طبرق، حيث قذفه أحد الجنود فى أحد الجدران بعد نزوله من سيارة الترحيلات فشجت رأسه وأصيب وجهه بكدمات وجروح. وقال أحمد عطية: «كنا نأكل فى الصباح بيضة ورغيف حتى الغذاء، وفى الظهيرة يرمون لنا 3 أطباق بها مكرونه مطبوخة لا تكفى لنصف عددنا فكنا نجوع طوال اليوم ولم يكتفوا بذلك بل كانوا يجبروننا فى أيام البرد الشديد على مسح العنبر بالماء والصابون، رغم قيامنا بتنظيف العنبر من تلقاء أنفسنا، بحجة أن العنبر غير نظيف، ولم تنته معاناتنا إلا بعد قضاء شهرين من الحبس ودفع غرامة 50 ديناراً لكل منا وترحيلنا إلى مصر ليصدر أحمد سعد، وكيل نيابة مطروح، قراراً بإخلاء سبيلنا بغرامة 200 جنيه لكل منا. وحول مصير قاربهم المعطل قال سعيد عوض سعد، صاحب المركب، إن الليبيين تركوه ولم يهتموا برفعه إلى الشاطئ فغرق فى 9 ديسمبر الماضى، بعد 8 أيام فى البحر، دون إنقاذ، مؤكداً أنه سيقوم برفع دعوى قضائية ضد السلطات الليبية يطالب فيها بالتعويض عن المركب الغارق، بعد الاطمئنان على طاقم مركبه وتوصيلهم إلى منازلهم.