وزير العمل: قريباً توقيع اتفاقية توظيف للعمالة المصرية في صربيا    الوفد القبطي يلتقي بابا الڤاتيكان الجديد    محافظ القليوبية يبحث مع مساعد وزيرة البيئة تطوير منظومة إدارة المخلفات    حوافز غير مسبوقة بالبرنامج الوطني لتطوير صناعة السيارات    وزارة النقل تتعاقد على توريد وتوطين 21 مترو لصالح خط الإسكندرية    الاحتلال يواصل استهداف العزّل والمنشآت الصحية ..نتنياهو: علينا تفادى حدوث مجاعة.. لأسباب دبلوماسية!    الهلال يعلن تجديد عقد قائده سالم الدوسري رسميا حتى 2027    كاورو ميتوما يمنح برايتون التعادل أمام ليفربول    ريفيرو لم يحسم تشكيل الجهاز المعاون للأهلي.. ولم يقود التدريبات حتى الآن    قرارات مهمة من النيابة في واقعة سرقة فيلا الدكتورة نوال الدجوي    خروج 7 عربات قطار بضائع عن القضبان بالدقهلية    استجابة لشكاوي المواطنين.. محافظة الجيزة: رفع 1100 حالة إشغال بحدائق الأهرام    «أنا مش بتاع الأيام دي».. رسالة من عبدالرحمن أبو زهرة عن مجال الفن    ياسمين صبري تكشف كواليس مشاركتها في «المشروع X» مع كريم عبدالعزيز    القاهرة الإخبارية: الاحتلال سمح بدخول عدد محدود من المساعدات إلى غزة    ميلونى: ترامب وزيلينسكي والأوروبيون يرحبون بعرض البابا استضافة المحادثات    الغزالي حرب: محمد سلماوي مازال محتفظا بروحه الناصرية النبيلة    متخصص بالشأن الليبي: استقرار طرابلس «خداع بصري» وغياب المؤسسات أغرق الدولة في فوضى الميليشيات    نيكوشور دان رئيسًا لرومانيا... فمن هو؟    مدحت بركات يزور مجلس الشيوخ بدعوة من تحالف الأحزاب المصرية    ألمانيا تلمح إلى التخلي عن معارضتها للطاقة النووية وتقربها من الموقف الفرنسي    جولة للأطفال بقصر محمد علي ضمن احتفالات قصور الثقافة باليوم العالمي للمتاحف    هل يجوز للمرأة أداء فريضة الحج عن زوجها أو شقيقها؟.. أمينة الفتوى: هناك شروط    وزير الصحة: عدد المستفيدين من التأمين الصحي الشامل 12.8 مليون مواطن حاليا    «للرجال 5 أطعمة تحميك من سرطان البروستاتا».. تعرف عليهم واحرص على تناولهم    محمد صلاح.. والكرة الذهبية    خالد الجندي: الحجاب لم يُفرض إلا لحماية المرأة وتكريمها    ما حكم تأخير الصلاة عن وقتها؟.. أمين الفتوى يجيب    قصور.. ثقافة!    إيرادات الأحد.. "سيكو سيكو" الأول و"نجوم الساحل في المركز الثاني    مزارع الدواجن آمنة إعلامى الوزراء: لم نرصد أى متحورات أو فيروسات    خلال لقائه البابا تواضروس.. الرئيس اللبناني: مصر بكل ما فيها قريبة من قلب شعبنا    مباحث الجيزة تكشف ملابسات فيديو "خناقة المنيب"    ب"طعنة في القلب".. إعدام قهوجي قتل شابًا أمام مقهى بالجيزة    ما حكم صيام يوم عرفة للحاج وغير الحاج؟    رئيس جامعة دمياط يفتتح المعرض البيئي بكلية العلوم    الموساد يكشف عن 2500 وثيقة وصورة وممتلكات للجاسوس الإسرائيلي إيلي كوهين    البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية يطلق خطة تحويل «القاهرة» إلى مدينة خضراء    موعد امتحانات الشهادة الإعدادية بالمنيا 2025.. جدول رسمي    رسوم ترامب الجمركية تلقي بظلال سلبية على توقعات نمو الاقتصاد الأوروبي    على نفقته الخاصة.. الملك سلمان يوجه باستضافة 1000 حاج وحاجة من الفلسطينيين    رسميا.. تحديد موعد حفل الكرة الذهبية 2025    الإسراع بتعظيم الإنتاجية.. وزارة البترول تكشف معدلات إنتاج حقول بدر الدين    مع أبطال العالم وأمل الأولمبياد: نوران جوهر وزياد السيسي ينضمّان لنجوم روابط.. رسميا    وزارة الصحة تدعم مستشفى إدكو المركزي بمنظار للجهاز الهضمي    السعودية: إطلاق المعرض التفاعلي للتوعية بالأمن السيبراني لضيوف الرحمن    روسيا تحظر منظمة العفو الدولية وتصنفها" منظمة غير مرغوب فيها"    محافظ الدقهلية يكرم عبداللطيف منيع بطل إفريقيا في المصارعة الرومانية    «الشيوخ» يستعرض تقرير لجنة الشئون الاقتصادية والاستثمار    ضبط 5 أطنان أرز وسكر مجهول المصدر في حملات تفتيشية بالعاشر من رمضان    الزمالك يُنفق أكثر من 100 مليون جنيه مصري خلال 3 أيام    مسابقة الأئمة.. كيفية التظلم على نتيجة الاختبارات التحريرية    إطلاق مبادرة لخدمة كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة بالإسماعيلية    تعرف على حالة الطقس اليوم الإثنين 19-5-2025 فى الإسماعيلية.. فيديو    صندوق النقد يبدأ المراجعة الخامسة لبرنامج مصر الاقتصادي تمهيدًا لصرف 1.3 مليار دولار    محافظ الإسماعيلية يتابع انطلاق فوج حجاج الجمعيات الأهلية للأراضى المقدسة    قبل أيام من مواجهة الأهلي.. ميسي يثير الجدل حول رحيله عن إنتر ميامي بتصرف مفاجئ    هل يجوز أداء المرأة الحج بمال موهوب؟.. عضوة الأزهر للفتوى توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كارثة فى مجلس الشعب

حاول الأزهر من مدة طويلة الانفراد بالفتوى ، لأنه يرى نفسه الهيئة الوحيدة التى لها حق الحديث عن الإسلام باعتبارها هى وحدها المتخصصة فى ذلك ، وأنه ليس من المبادئ المقررة فى ممارسات المعرفة تطفل غير المختصين على مجال غير تخصصهم ، فلم يسمع بمهندس يتكلم عن القانون ولا بمحام عن الطب ، ولكن ما أكثر المحامين والأطباء والمهندسين الذين يتحدثون عن الإسلام ، كأنه كلأ مُباح ، وكأنه ليس فيه أعلى مستويات الفنية والتخصص .
ولكى يُسوق الأزهر هذه الدعوى ، ويبعد عن الطبيعة الذاتية لها فإنه يتكئ على "فوضى الفتاوى" ، فجاء فى "الأهرام" (22/12/2006) تحت عنوان "مجمع البحوث الإسلامية يضع ضوابط للإفتاء" [ فى خطوة تتسم بالإيجابية تجاه فوضى الفتاوى والمتطفلين عليها من الهواة وغير المختصين الذين ازدحمت بهم شاشات الفضائيات ، وصفحات الجرائد، قرر مجمع البحوث الإسلامية مخاطبة وزير الإعلام بالضوابط الواجب مراعاتها فى العمل الإعلامى بجميع صوره المقروءة ، والمسموعة ، والمرئية تجاه القضايا الدينية ،وعلى الأخص ما يتعلق بأمور الحلال والحرام ] .
علماء المجمع حذروا من خطورة استعانة وسائل الإعلام وأجهزتها بمن سموهم "أدعياء الفتوى" واستقروا على ضرورة ألا تستضيف البرامج الدينية إلا المتخصصين فى الشريعة الإسلامية ، خاصة علوم الفقه الإسلامى ، وأن يلتزم كل عالم بالتحدث فى إطار تخصصه العلمى من عقيدة أو حديث ، وتكون الأسئلة الموجهة له مراعية لذلك .
وجاء فى "المصور" (17 يناير سنة 2007م ص 44) تحت عنوان "فوضى الإفتاء على الهواء" أصدر مجمع البحوث الإسلامية بياناً رسميًا أكد فيه أنه المرجعية الوحيدة للإفتاء فى مصر ، وأن له حق التعقيب وحده على فتاوى دار الإفتاء المصرية . البيان يعنى ببساطة نهاية عصر فتاوى شيوخ الفضائيات ، الذين تسبب عدد منهم فى حالة من فوضى الإفتاء على الهواء مباشرة ، صحيح أن هذه الفتاوى تجد صدى وجمهورًا من البسطاء فى مصر والعالم العربى .
 لكن بيان المجمع يحاصرها الآن مشككاً فى شرعيتها ومصداقيتها حالة الإفتاء الفضائى تتضخم دون علاج ، والعلماء الكبار يؤكدون أن هناك دخلاء كثيرين اقتحموا الإفتاء عبر الشاشات الفضائية ، فتوالت فتاواهم العجيبة والشاذة تصدم الرأى العام ،وتتخطى القواعد الشرعية ذاتها .
وأخيرًا.. وجد الأزهر ضالته أن يسن قانونا لذلك خاصة ،وقيض الله لهم نائبًا فى مجلس الشعب يمكن أن يقوم بالمهمة ، وهكذا قرأنا فى "المصرى اليوم" مانشيت "الأزهر يوافق على مشروع قانون يجرم إطلاق الفتاوى دون ترخيص" وجاء فيه : وافق الأزهر على الاقتراح بمشروع قانون، تقدم به النائب مصطفى الجندى ،لتعديل قانون العقوبات حتى يسمح بتجريم كل من يطلق فتوى دون الترخيص به بالإفتاء ،ومعاقبة من يفعل ذلك بالسجن ما لا يقل عن سنة، ولا يزيد على ثلاث سنوات .
وقال على عبد الله الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية خلال اجتماع لجنة الاقتراحات والشكاوى بمجلس الشعب أمس : إن هناك فوضى فى الإفتاء ساهمت فيها القنوات الفضائية المختلفة .
وأضاف أن الفتوى ليست هبة وإنما لها شروط ، وكشف عن عدد من الإجراءات التى حددها الأزهر لمواجهة فوضى الإفتاء، وفى مقدمتها إعداد قانون يجرم الفتوى التى يطلقها غير المختصين استنادًا إلى الأفكار المستوردة التى تحاول نشر العنف والتطرف والتشيع ، مثل الفتاوى الصارخة التى تبثها الفضائيات كإباحة المعانقة بين الشباب وزميلاتهم فى الجامعات ، وهاجم عبد الله وزارة الإعلام بسبب منحها التراخيص لتلك الفضائيات، مطالبًا بوضع ميثاق شرف تلتزم به هذه القنوات ، وشكا من قلة المساحة الممنوحة للأزهر فى الصحف أو التليفزيون لنشر صحيح الإسلام .
ليسمح لى الأمين العام أن أقول إنه لم يكن موفقاً عندما ضرب مثلاً للفتاوى التى يطلقها غير المختصين كإباحة المعانقة بين الشباب وزميلاتهم فى الجامعات ، لأن هذه لم تكن فتوى ،وإنما كانت تحليلاً لظاهرة انفلات الشباب وقد أعدتها إلى أن الآباء والأمهات ضربوا عرض الحائط بالحديث "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة فى الأرض وفساد كبير" ، وفضلوا الخاطب الغنى ،الذى يملك شقة ويستطيع أن يؤسسها ويدفع مهرًا كبيرًا، بحيث أصبح معظم الشباب لا يمكن أن يتزوج إلا فى الثلاثين ، وماذا يفعلون تجاه أقوى الغرائز طوال عشر سنوات تكون تلك الغريزة فى عنفوانها ؟
لقد حدث ما حذر منه الرسول ، فظهرت صور انحراف مثل تبادل القبلات ، وكان لابد أن تحدث لأنه رد فعل سيئ لفعل سيئ ، وكل فعل لابد له من رد فعل ، فهذه هى طبيعة الأشياء وبدلاً من لوم الطلاب كان يجب لوم الآباء والأمهات الذين هم سبب هذه الظاهرة ، فأنا لم "أبح المعانقة" وإنما قلت عنها رد فعل سيئ لفعل سيئ ، على أنها تدخل فى باب اللمم الذى تكفر عنه التوبة والاستغفار ، ونقلت صفحات من تفسير الطبرى والقرطبى وابن كثير والزمخشرى كلها تقول إن القبلة والضمة من اللمم .
ومعذرة عن إقحام هذه المعلومة ، ولكن كان يجب إيرادها بعد أن ضرب بها أمين المجمع الأمثال للفتاوى التى يطلقها غير مختصين .
وقد دعيت لتقديم مداخلة فى ندوة عن القانون الذى أريد إصداره فى برنامح "تسعين دقيقة" الذى يديره السيد معتز الدمرداش ولم أسمع من السيد النائب إلا فقرة أخيرة من كلامه كان يستنكر إصدار فتوى بتأييد حماس أو دعمها ماليًا ، مما أعطى مؤشرًا له دلالته .
وعندما أريد رأيى قلت كلمة واحدة مثل هذا القانون"مرفوض" ، مرفوض أصوليًا لأنه يمكن أن يمس حرية الفكر والاعتقاد التى يجب أن يتمتع بها كل أفراد المجتمع ، وحرية الفكر للمجتمع هى كحرية الهواء للإنسان ، إذا امتنع الهواء اختنق الإنسان، وإذا فقدت الحرية شُل المجتمع ، وهو مرفوض عمليًا لأن تجارب العالم كله منذ أن حكم على سقراط بالموت أن كل محاولات كبت الحرية وتقييد الفكر من مصادرة الكتب أو تصفية مؤلفيها لابد أن تفشل فى النهاية .
قد يقولون إن مواضع الفتوى ستكون هى حالات معينة تدخل فى القضايا الفروعية والجزئية التى تطرأ للمسلم والمسلمة فى الحياة الخاصة مثل قسمة الميراث ، والحيض والنفاس ، وطرق يمين الطلاق ، وتسوية العلاقة ما بين زوج وزوجة .. إلخ ، مما يتطلب فنا وتخصصًا ، فنقول إن الأحكام فى هذه القضايا الفروعية تعود إلى «أصول الشريعة». وأصول الشريعة محتاجة إلى تجديد بعد أن طال عليها الأمد وعجزت عن معايشة العصر.
على أنه من الصعب وضع خط يفصل ما بين الفتوى والاجتهاد ، ما بين الحالات الفروعية والقضايا العمومية ، فمن ذا الذى يمنع أحدًا من أن يسأل المفتى عن بلد يبيع الغاز بأسعار متدنية لإسرائيل، ويشترى الغاز من دول أخرى بأسعار عالية ليسد حاجته، إن المفتى الذى يصدر عن روح الإسلام لابد سيقول :«إنها حماقة وخيانة»، حماقة لأنه يبيع سلعة يحتاج إليها بسعر هابط ويضطر ليشتريها بسعر عال .
 فأول بديهية لذى عقل أن يحتفظ بسلعته لنفسه حتى يكفى حاجته ، وخيانة لأنه يبيع هذه السلعة المهمة ليقوى بها أشد أعداء الإسلام على محاربة المسلمين ، فأى خيانة أشد من هذه ؟ فهل يمكن أن ينطق بهذه الفتوى أخذ «رخصته» من الأزهر ؟ إذا كان مفتى الديار المصرية عندما سئل هذا السؤال تمحل بشتى التعلات عن الإجابة .
إن الإسلام أيها السادة ليس حرفة ، ليس مهنة ، ليس سبوبة للارتزاق .
إن الإسلام يعنى الله، والكون ، والوجود والمجتمع والإنسان .
فهل هناك أشد «عمومية» من هذا ؟
إن الإسلام نزل لينقذ الناس من الظلمات إلى النور ويرفع عنهم إصرهم والأغلال التى كانت عليهم وأنتم تريدون إضافة قانون جديد إلى ترسانات قوانين الإرهاب !
يا مجلس الشعب . أوقف هذا المشروع المريب حتى لا تقيد الحياة الآخرة بعد أن قيدت الحياة الدنيا .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.