يتولد انطباعان لدى المتابع لأداء الرئيس الأمريكى الجديد باراك أوباما فى الأسبوع الرئاسى الأول: الانطباع الأول أن التنافس بين الحزبين الديمقراطى والجمهورى وهو ما دعا أوباما لفتح «صنبور» الهجوم على المحافظين حتى فى خطابه الإذاعى، أما الانطباع الثانى أن أوباما شخص فظيع مثله مثل الرئيس السابق. ويمكن التأكد من هذين الانطباعين من خلال استرجاع ما قاله أوباما ونقلته عنه وكالة «الاسوشيتد برس» أنه قال للأقلية الجمهورية «سأفوز ويمكننى المراهنة على ذلك» وذلك خلال مناقشته لخطته لتحفيز الاقتصاد مع قيادات الكونجرس، وذلك بعد أن أثار زعيم الأقلية الجمهورية فى مجلس النواب سؤالا حول جواز منح أموال دافعى الضرائب للشركات التى لا تدفع الضرائب (ربما لمعانتها من الخسائر). وباستعادة ما قاله بوش عام 2004 «لقد حصلت على رأس مال خلال هذه الحملة، رأس مال سياسى، وأنا اعتزم أن أنفق رأس المال هذا بطريقتى» وذلك فى أعقاب إعادة انتخابه، معتبرا أن ذلك بمثابة إقرار بخططه للإصلاح الاجتماعى والحرب على الإرهاب. ويبدو واضحا هنا أن كلا من بوش وأوباما ارتكبا الخطأ نفسه بافتراض أن انتخابهما يعنى تطابقا مع أجنداتهما السياسية وليس رفضا للاختيارت الأخرى المتاحة أمام الناخب. فقد تمت إعادة انتخاب بوش لأن منافسه (السناتور جون كيرى) كان ضعيفا، ولأن الأمريكيين تقليديا لا يميلون لتغيير الرئيس فى وسط خوضهم للحروب. أما أوباما فقد استفاد من نسيان منافسه لمن يكون بشكل مؤقت، ومن انهيار الاقتصاد، إلا أنه لا يجب نسيان أن جون كيرى حصل على 48% من أصوات الأمريكيين، بينما حصل جون ماكين على 46%. وإذا كان أوباما قد حصل على تفويض شعبى بإدارة أمريكا، فذلك حتى يتمكن من رفع البلاء الذى أصيب به الأمريكيون نتيجة سياسات سلفه، وعلى الرغم من وعود أوباما إلا أنه يبدو أن الفرق بينه وبين بوش هو الابتسامة المتكلفة التى يرسمها الأول، بينما يتقاسم الاثنان الشعور بالسلطة الشخصية التى يتمتعون بها. ويمكن أن نلمس مدى الإحباط والغضب لدى المحافظين الأمريكيين بسبب تصريحات أوباما والتى طالبهم فيها بعدم الاستماع إلى بعض مفكريهم، لاسيما أن القواعد السياسية المعروفة هى: لا تبدأ حربا برية فى آسيا، ولا تجادل رجلا يسترى الحبر بالبرميل (أى لديه القدرة على الرد والكتابة بكثافة) ولا تهاجم مجموعة من الناس الغاضبين لاسيما إذا كانت شعبيتهم تماثل شعبيتك تقريبا. وعلى الرغم من أن هجوم أوباما على بعض الرموز الجمهورية مفهوم، إلا أنها تدل على قلة الحكمة السياسية، لاسيما فى ظل ما أعرب عنه بعض الرموز الجمهورية عن رغبتهم فى فشل أوباما لأن نجاحه يعنى تحول أمريكا إلى الاشتراكية، حتى إن أحد الأقطاب الجمهورية البارزة قال «قالوا لنا إن علينا أن نتمنى له النجاح لأنه أول رئيس أسود وعلينا أن نأمل له فى النجاح، وعلينا القبول بوجوده». وعلى الرغم من أنه علينا أن نعترف بأن انتخاب أول رئيس مزدوج العرق يدعو للاحتفال، إلا أن تمنى نجاحه لا ينبغى أن يكون عنصرا للشعور بالذنب، فالغالبية ترغب فى نجاح أوباما لأنهم لا يريدون سياسات سيئة فى المستقبل القريب. ولاشك أن الأزمة الاقتصادية الحالية تفرض الإقلال من الهجوم الحزبى، وتلزم أوباما بأن يحذف صفحة من الدليل السياسى لسلفه وهى: «لا تكرم أعداءك أبدا بالاعتراف بهم». كاثلين باركر نقلا عن صحيفة واشنطن بوست ترجمة خالد عمر عبد الحليم