هل تعرف أن جمعية الهلال الأحمر المصرى تأسست عام 1898، بناء على دعوة من الشيخ محمد عبده، وكان هدفها جمع التبرعات لرعاية أيتام وأرامل وجرحى الحملة المصرية على السودان، التى تمت فى عهد الخديو عباس حلمى الأول. سقط فى هذه الحملة العديد من أبناء الجيش المصرى ما بين قتيل وجريح، وكانت مبادرة الشيخ محمد عبده بتأليف هيئة لحصر ضحايا الحرب وتنظيم المعونة لهم من تبرعات المحسنين بعد أن اعتذرت الحكومة عن عدم مد يد العون ومساعدة الضحايا. وقامت الجمعية الوليدة بدورها فى ذلك الحين، لكن خبا وهجها، حتى أججها من جديد وضع إنسانى استلزم التآزر، وهو الغزو الإيطالى لليبيا عام 1911، وشعور الشعب المصرى بمختلف طبقاته بضرورة مساندة إخوانهم الليبيين، وهذه المرة تولى الدعوة وجمع التبرعات الشيخ على يوسف صاحب جريدة «المؤيد»، الذى كان صديقًا مقربًا من الخديو عباس حلمى الثانى. أعيد تأسيس الهلال الأحمر المصرى، وترأس مجلس إدارته الشيخ على يوسف، وانهالت التبرعات على الجمعية من كل محافظات مصر، ومن جميع فئات المجتمع، ودعمت أمينة هانم إلهامى، والدة الخديو، الجمعية الوليدة، وتبرعت لها وتحملت نفقات تجهيز البعثة الطبية المصرية لطرابلس التى خرجت من مصر فى نوفمبر 1911. وفى أكتوبر 1912، تنازل الشيخ على يوسف عن رئاسة الجمعية للأمير محمد على توفيق شقيق الخديو، بالإضافة لوضع الجمعية تحت رعاية أم المحسنين والدة الخديو، ثم وضعت الجمعية تحت رعاية الخديو شخصيًا فى فبراير 1913، وفى هذا التاريخ صدرت اللائحة الأساسية للجمعية، وفيها أن هدف الجمعية الأساسى معالجة الجرحى ومداواة المرضى من الجنود فى زمن الحرب وتغذيتهم وتخفيف آلامهم كما تقوم الجمعية أيضًا بمساعدة جرحى الجنود الأجنبيين المحاربين لنا وفق اتفاقيات جنيف، وفى زمن السلم تعُاون الجمعية البؤساء الذين يصابون بمصائب عامة فى أنحاء القطر المصرى. فتح الهلال الأحمر المصرى العضوية أمام الجميع على اختلاف الجنس والجنسية والدين، ومجلس إدارتها الأول كان يضم فى عضويته مصريين وغير مصريين ومسلمين وأقباطًا ويهوداً، لكنها للأسف منعت النساء من أن يكنّ عضوات مؤسسات أو عاملات، لكنهن فقط عضوات شرف أو مكتتبات ولم يحدث تغيير فى لائحتها الأساسية فى هذا الشأن إلا عام 1959 فى عهد الرئيس جمال عبدالناصر. جاءت هذه المعلومات التاريخية الموثقة عن تاريخ جمعية الهلال الأحمر المصرى، فى سلسلة «أيام مصرية»، التى يصدرها أحمد كمالى وعمرو إبراهيم، التى أرسلها لى وزير التضامن الاجتماعى مشكورًا وقد أعجبتنى مقدمة الدكتور على المصيلحى التى يقول فيها، إن هدف وزارته من دعم إصدار هذه السلسلة التاريخية عن الجمعيات الأهلية الكبرى فى مصر، باعتبار ذلك جزءًا من خطة الوزارة فى الحفاظ على الذاكرة الوطنية للأمة المصرية، فما أحوجنا لمن يذكرنا بالنقاط المضيئة فى تاريخ مصر التى لم تعرف عبر تاريخها الطويل سوى التسامح وقبول الاختلاف.. وليتنا نعود للجذور.