558 مدرسة جاهزة لاستقبال 186 ألف طالب بالعام الدراسي الجديد في بورسعيد    محافظ الفيوم: 2167 مدرسة جاهزة لاستقبال 986 ألف طالب بالعام الدراسي الجديد    بعد توقيع التحالف من أجل التنمية المستدامة مع مصر.. وزير خارجية إسبانيا: الإعداد لتعريف تحالف جديد مع بنما    أسعار الحديد اليوم الخميس 18-9-2025 فى سوهاج    وزير الإنتاج الحربي يدعو الشركات اليابانية للمشاركة في معرض EDEX 2025    ننشر المواعيد الشتوية لفتح وغلق المحلات التجارية والمطاعم بالمحافظات    وكالة الأنباء الفلسطينية: الجيش الإسرائيلي يهدم منزلين في حي الطيران جنوبي الخليل بالضفة الغربية    فيديو.. مراسل إكسترا نيوز من معبر رفح: الوضع الميداني جنوب غزة يشهد تصعيدا خطيرا    مقتل إسرائيليين في إطلاق نار عند جسر الملك حسين الحدودي.. والأردن يعلن متابعة الحدث الأمني    مسؤولة أممية عن السلام: الحل لن يأتي من الولايات المتحدة بل من مصر    اليماني يعلق على استبعاد شيكو بانزا من لقاء الإسماعيلي    الإسماعيلي يعلن تشكيله لمواجهة الزمالك    ظهور جديد للخطيب في الأهلي بعد اعتذاره عن عدم الترشح في الانتخابات    اليوم.. مصر تواجه رواندا في ربع نهائي بطولة إفريقيا لشباب الطائرة    كشف ملابسات مقطع فيديو تضمن قيام أشخاص ببيع المخدرات بالسلام    بيان هام من الأرصاد بشأن طقس الجمعة: بشاير الخريف ظهرت    آخر المستجدات في واقعة اختفاء إسورة ذهبية نادرة من المتحف المصري    الشروق تكشف تفاصيل مشروع إضاءة معبد حتشبسوت الذي يفتتحه ملك إسبانيا    مهرجان طرابلس للأفلام ينطلق اليوم من لبنان بمشاركة مصرية متميزة    مواقيت الصلاة اليوم الخميس في سوهاج    نائب وزير الصحة يوجه باستبعاد مدير مناوب بمستشفى قطور المركزي في الغربية    نائب رئيس جامعة بنها تفتتح المؤتمر السنوي لقسم الباطنة العامة بكلية الطب    قرض ومنحة ب60 مليون يورو.. قرار جمهوري بشأن مركز التحكم الإقليمي بالإسكندرية    شبانة: وكيل إمام عاشور تخطى حدوده    «الري»: خرائط لاستهلاك المحاصيل للمياه للوفاء بالتصرفات المائية المطلوبة    هل اقترب موعد زفافها؟.. إيناس الدغيدي وعريسها المنتظر يشعلان مواقع التواصل    فى حوار له مع باريس ريفيو فلاديمير سوروكين: نغمة الصفحة الأولى مفتتح سيمفونية    معا من أجل فلسطين.. حفل خيري بريطاني يهدم جدار الخوف من إعلان التضامن مع غزة    برعاية المحافظ.. إطلاق مبادرة "صحح مفاهيمك" بالوادي الجديد    بينهم رضيع.. إصابة 12 شخصا في حادث انقلاب سيارة أجرة بأسوان    محمد صلاح يرفع شعار الأرقام خلقت لتحطم    وزير الدفاع الصيني يجدد تهديداته بالاستيلاء على تايوان لدى افتتاحه منتدى أمنيا    "الرحلة انتهت".. إقالة جديدة في الدوري المصري    فرنسا تستعد لاحتجاجات واسعة وسط إضرابات وطنية ضد خطط التقشف الحكومية    ديستيني كوسيسو خليفة ميسي ويامال يتألق فى أكاديمية لا ماسيا    مفتى كازاخستان يستقبل وزير الأوقاف على هامش قمة زعماء الأديان    النقل تناشد المواطنين الالتزام بعدم اقتحام المزلقانات أو السير عكس الاتجاه    وزير الخارجية يستعرض مع وزير الصناعة السعودى الفرص الاستثمارية المتاحة بمصر    "الطفولة والأمومة" يطلق حملة "واعي وغالي" لحماية الأطفال من العنف    آثار تحت قصر ثقافة ومستوصف.. سر اللقية المستخبية فى الأقصر وقنا -فيديو وصور    «نعتز برسالتنا في نشر مذهب أهل السنة والجماعة».. شيخ الأزهر يُكرِّم الأوائل في حفظ «الخريدة البهية»    فيديو متداول يكشف مشاجرة دامية بين جارين في الشرقية    أكثر من 10 طعنات.. ضبط المتهم بإنهاء حياة زوجته في بورسعيد    التأمين الصحي الشامل: 495 جهة حاصلة على الاعتماد متعاقدة مع المنظومة حتى أغسطس 2025    "الألفي": الزيادة السكانية تمثل تحديًا رئيسيًا يؤثر على جودة الخدمات    جبران: تحرير 3676 محضرًا خاصًا بتراخيص عمل الأجانب خلال 5 أيام فقط    10 ورش تدريبية وماستر كلاس في الدورة العاشرة لمهرجان شرم الشيخ الدولي لمسرح الشباب    مصر وروسيا تبحثان سبل التعاون بمجالات التعليم الطبي والسياحة العلاجية    التحفظ على أكثر من 1400 كتاب دراسى خارجى مقلد داخل مكتبتين    الهلال الأحمر يدفع بأكثر من 80 ألف سلة غذائية للأشقاء الفلسطينيين عبر قافلة «زاد العزة» ال 40    ملك إسبانيا: المتحف الكبير أيقونة مصر السياحية والثقافية الجديدة    حكم تعديل صور المتوفين باستخدام الذكاء الاصطناعي.. دار الإفتاء توضح    شديد الحرارة.. حالة الطقس في الكويت اليوم الخميس 18 سبتمبر 2025    هنيئًا لقلوب سجدت لربها فجرًا    "سندي وأمان أولادي".. أول تعليق من زوجة إمام عاشور بعد إصابته بفيروس A    "معندهمش دم".. هجوم حاد من هاني رمزي ضد لاعبي الأهلي    سعر الأرز والفول والسلع الأساسية في الأسواق اليوم الخميس 18 سبتمبر 2025    احتفظ بانجازاتك لنفسك.. حظ برج الدلو اليوم 18 سبتمبر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد سعيد باشا أحب مصر أكثر من المصريين

قبل 155 عاماً، وفى قصره المنيف الذى بناه لنفسه فى بنها، قتل عباس باشا الأول ثالث حكام مصر فى أسرة محمد على باشا بعد محمد على وابنه إبراهيم باشا، وكان مقتله فى الثامن عشر من يناير عام 1854 وعمره 41 عاماً.
وجاء خلفاً له -فى عام مقتله- محمد سعيد باشا الحاكم الرابع فى الأسرة العلوية، وعمره يوم تولى 32 عاماً، وهو مولود فى الإسكندرية عام 1822 وهو أيضاً ابن محمد على باشا المولود فى مصر.
ولذلك كان محمد سعيد باشا محباً للمصريين، كما اعتنى محمد على باشا بتربيته اعتناء فائقاً، بلغ حد التشدد فى المأكل والمشرب والملبس والسلوك، وهناك رسالة نادرة بعثها له أبوه محمد على أثناء دراسته فى الإسكندرية، والرسالة تنطوى على التأنيب والتحذير يقول فى بعض منها: «لقد وصل إلى علمى نبأ عدم التفاتك للدروس وميلك للراحة والرقاد وميلك لمصاحبة القبودانات القديمة الذين لا يدرون شيئاً من الآداب، وترك مجالسة من يكتسب منهم مسلك الإنسانية،
وقد سبق أن نبهنا عليك بدوام الانتباه للمدرس والسير بالمشى والحركة لعدم حصول السمنة «أى البدانة»، والواجب عليك الائتلاف بمن لهم معرفة بالأصول الجديدة العارفين بالحاكم وتعلم الأصول حتى لا يقال إن محمد على سيئ الخلق، وعليك تعظيم كبرائك والتزام التواضع مصداقاً للحاكم وسأحضر للإسكندرية لامتحانك أمام أحد المدرسين».
وفوق هذا فقد دفعه أبوه لأفضل المعلمين، فلما أتم تعليمه ألحقه بسلاح البحرية، وأمر مدرسيه بأن يدفعوا به فى التدريبات القتالية بل شدد أبوه على قائدى البحرية أن يعيش ابنه سعيد بينهم نفس عيشة أقرانه، فلما أتم دراسته العسكرية خدم فى الأسطول المصرى وأصبح قائداً لإحدى البوارج، فلما صقلت خبرته عينه أبوه مساعداً لناظر البحرية «قائد القوات البحرية» وشدد عليه أن يؤدى التحية لقائده ويحترم رؤساءه دون النظر لكونه ابن الحاكم.
وترقى سعيد إلى أن صار قائداً للأسطول خلفاً لعباس ابن أخيه طوسون، وكان سعيد قد استهل حكمه بما يكشف عن ميله للمصريين وكراهيته للأتراك.
وكان أحمد عرابى قد سجل فى مذكراته تحت عنوان «كشف الستار عن سر الأسرار» أن سعيد باشا ألقى خطاباً فى مأدبة أقامها بقصر النيل قال فيها مخاطباً الحاضرين: «إنى نظرت فى أحوال الشعب المصرى من حيث التاريخ فوجدته مظلوماً مستعبداً لغيره من أمم الأرض فقد تعاقبت عليه دول ظالمة كثيرة».. إلى قوله: «وحيث إننى أعتبر نفسى مصرياً فوجب أن أربى هذا الشعب وأهذبه تهذيباً حتى أجعله صالحاً لأن يخدم بلاده خدمة نافعة، ويستغنى بنفسه عن الأجانب».
وكان رفاعة الطهطاوى آنذاك فى السودان فأمر سعيد بعودته هو ورفاقه، لكن كراهية سعيد للأتراك لم تمتد للفرنسيين والأوروبيين عموماً، وكان يجد فى بيت نائب القنصل الأطعمة الدسمة والمكرونة التى كان يحرمها عليه أبوه محمد على، وكان ابن القنصل هو «فرديناند ديلسبس» وتوطدت العلاقة بينه وبين سعيد،
ولما كان سعيد فى فرنسا أثناء دراسته توطدت العلاقة أكثر ولم يكد سعيد باشا يتولى حتى أرسل له ديلسبس تهنئة من باريس كان رد سعيد عليها أن يبعث إليه يستضيفه، بل ذهب بنفسه إلى الإسكندرية ليكون فى استقباله، إلى أن قام ديلسبس بمفاتحة سعيد بمشروعه التاريخى وهو حفر قناة ملاحية تصل بين البحرين الأبيض والأحمر، فمنحه سعيد بسهولة الامتياز العظيم حتى أن ديلسبس فى مذكراته تحدث باستخفاف عن قبول سعيد بهذا المشروع العملاق بسهولة.
وكان التفويض الكامل والامتياز الذى يمتد 99 عاماً قد وقع فى 30 نوفمبر من نفس العام 1854.وفى عهد سعيد أيضاً تم تطهير ترعة المحمودية التى كانت على وشك أن تطمر، وهى القناة الملاحية النيلية الواصلة من فرع رشيد عند مدينة المحمودية وتصب فى الإسكندرية، وفى عهده أيضاً جرى تنظيم القضاء وتم تعيين المصريين فى المناصب الإدارية الكبرى.
وكان من أعظم إصلاحاته أنه حول الجيش المصرى إلى نعمة بعدما كان نقمة، فأنقص سنوات التجنيد وجعلها سنة واحدة وجعل التجنيد إجبارياً وعاماً للمصريين دون استثناء لأبناء المشايخ والعمد واعتنى بشؤون الجيش وألبس الجنود أفضل الملابس واهتم بطعامهم وشرابهم وزاد فى عدد أفراده.
وفى عام 1858 أصدر اللائحة السعيدية التى قضت بتمليك الأرض للفلاحين وحرص على التخفيف عن الفلاح وأسقط عنه الضرائب المتأخرة وجعل اللغة العربية لغة المعاملات فى الحكومة، وأنشأ خط سكة حديد القاهرة - السويس فى 1858، ومن قراراته اللافتة أنه كان يرفض أن يستقبله الناس إثر عودته من أى سفر بالاحتفالات والزينة.
وهناك رسالة نادرة وطريفة.. بعث بها سعيد من الإسكندرية التى وصل إليها عائداً من أوروبا، وكان يهم بالعودة إلى القاهرة بعد أيام فكتب إلى نائبه فى القاهرة إسماعيل باشا رسالة تتضمن أمره العالى جاء فى بعض منها: «نظراً للأخبار الواردة لطرفى من محافظ الإسكندرية من أن هناك استعدادات جارية تتعلق بإقامة زينة واحتفالات عند عودتى، نحيطكم علماً أنى لا أريد أن يتحمل أى شخص مصاريف زائدة ولا أرغب فى أن الأهالى والمستخدمين «الموظفين» يكلفون أنفسهم مصاريف التزلف إلىّ، أما ذاتكم الشريفة إذا تفضلتم بالحضور لاستقبالى فأكون ممنوناً ومحظوظاً جداً».
لكن يظل هناك أمران مهمان حدثا فى عهد سعيد، إذ أرسل تجريدة «فرقة عسكرية» إلى حرب المكسيك ليشارك فيها استجابة لنداء نابليون الثالث، الذى طلب منه أن يساعده فى حربه بالمكسيك، وبالفعل دعمه سعيد بحملة من الجنود السودانيين عددها 1200 مقاتل يقودها البكباشى «المقدم» خير الله محمد السودانى والصاغ «الرائد» محمد أفندى الماسى،
كان ذلك فى عام 1863 ولأن الأمور كانت مستقرة فى السودان فى ظل إدارة الحكومة المصرية لها فقد تشجع الأوروبيون على القيام برحلات استكشافية لمنابع النيل، وكان من هؤلاء المستكشفين صمويل بيكر والتقى رحالين كانا اكتشفا بحيرة فيكتوريا وتابع صمويل سيره حتى اكتشف بحيرة أخرى سماها بحيرة «ألبرت» وأكد هذا زوج الملكة فيكتوريا التى سميت البحيرة الأولى على اسمها.
وبعد ثلاثة أسابيع فقط من إرساله الحملة المصرية على المكسيك أدركت المنية محمد سعيد باشا ولم يكن قد تجاوز الثانية والأربعين من العمر حكم منها ثمانى سنوات وتسعة أشهر وستة أيام، فى الثامن عشر من يناير عام 1863، ولعلنا فى حاجة لاستحضار بعض المقولات التى قالها سعيد باشا والتى تقوم مقام الحكمة المأثورة ومما قاله: «أمة جاهلة أسلس قيادة من أمة متعلمة» و«الأمة التى لا تقدر مفكريها لا تساوى شيئاً بين الأمم».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.