أكدت دراسة حديثة عن المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية ارتفاع نسبة الاتجار بالأطفال، حيث بلغت 13.3٪ من إجمالى الجرائم، وتمثلت فى بيعهم لمن يدفع أكثر، أو لترويج المخدرات وممارسة السرقة أو أعمال منافية للآداب. وقالت الدراسة إن الفقر هو العامل الأساسى الذى يدفع الإنسان للإقدام على بيع طفله، فعلى الرغم من أن عاطفة الأم فطرية فإن البطون الخاوية من الطعام تجعل الإنسان يتخلى عن أى شىء، ومن الأسباب الأخرى، التى رصدتها الدراسة، تعاطى المخدرات، موضحة أن الإدمان يذيب الأنا العليا وهى النخوة والضمير لدى الإنسان فتجعله يبيع شرفه وزوجته وأولاده للحصول على المخدر، وأشار إلى الحادثة الشهيرة التى وقعت بمنطقة منشية ناصر، عندما قامت المباحث بضبط «كشك» خصصه صاحبه لعرض بناته على راغبى المتعة، بهدف إنجاب أطفال، ثم عرضهم للبيع مقابل 2000 جنيه للطفل الواحد. ووصفت الدراسة الاتجار بالأطفال ب «جريمة أخلاقية» بشعة تقشعر لها الأبدان، وهذه الجريمة تعد مؤشراً على غياب منظومة القيم والأخلاق، وغياب الضمير الإنسانى والاجتماعى، لأن السيدة التى استطاعت أن تحمل سفاحاً عدة مرات، بعيداً عن أنظار المجتمع، أكبر دليل على غياب هذه المنظومة. وأشارت الدراسة إلى أن أغلب هذه الحوادث تظهر فى الأحياء الشعبية، التى تسودها علاقات الود والتقارب، وكل أفرادها يعرفون همومهم ومشكلاتهم ولا يعيشون بمعزل عن الآخرين، إلا أن القيم السلبية غلبت القيم المجتمعية ونال التدنى الاقتصادى من تلك القيم الاجتماعية، ورصدت الإدارة العامة لمباحث القاهرة، خلال السنوات الثلاث الأخيرة وجود 1727 طفلاً متسولاً، و715 طفلاً يبيتون فى الشوارع و7352 طفلاً يمارسون السرقة، و3686 طفلاً متغيبين عن ذويهم. وأرجع الدكتور عماد مخيمر، أستاذ علم النفس بكلية الآداب جامعة الزقازيق، اتجاه الآباء للاتجار بأبنائهم إلى عدة أسباب، أولها «السيكوباتية» بمعنى انعدام الضمير لدى الأبوين وانعدام الشعور بالذنب لديهما، فالأم تبيع ابنها من أجل الحصول على المال، ثانيها: التفكك الأسرى وانفصال الأبوين ورغبة كل منهما فى التخلص من الطفل الذى يربط بينهما. وأشار الدكتور مخيمر إلى أن التاريخ النفسى السيئ للأبوين يلعب دوراً مهماً فى بيع الآباء لأبنائهم، وتعرف ب «دورة الإساءة» بمعنى أنه من لم يجد الحب لا يستطيع أن يقدمه، فهؤلاء الذين يتاجرون بأطفالهم نجد أنهم عاشوا فى جو أسرى شائك يتسم بالعدوانية والعنف والقسوة واللامبالاة. وأكد أنه من أهم الأسباب التى تجعل الآباء يتاجرون بأطفالهم تعاطى المخدرات، موضحاً أن الإدمان يفقد الإنسان الإحساس بالشرف، فتجعله يبيع شرفه وزوجته وأولاده من أجل الحصول على المخدر.