تسعى إسرائيل من خلال غزوها البرى لغزة إلى إيصال رسالة بسيطة إلى قادة حماس مفادها «نحن قادمون إليكم، ونحن سنبقى طالما لزم الأمر، وذلك فى إطار حملة إسرائيلية يشنها قادة إسرائيل العسكريون والسياسيون تؤكد أن العملية العسكرية الإسرائيلية ضد قطاع غزة «لن تكون سهلة»، وهو ما وضح من خلال تصريح وزير الدفاع الإسرائيلى إيهود باراك بقولة «الحملة العسكرية لن تكون قصيرة ولا نريد أن نخدع أحداً». وأكد على رسالته بإصدار أوامر تعبئة لعشرات الآلاف من قوات الاحتياط الإسرائيلية. والغرض من تلك العملية العسكرية التى أطلقت عليها إسرائيل لقب «الرصاص المتدفق» لا يزال رغم كل ذلك وقفاً دائماً لإطلاق النار ينهى إطلاق الصواريخ من غزة على جنوب إسرائيل. لكن المسؤولين الإسرائيليين يعتقدون أنه من أجل التوصل إلى مثل هذا الاتفاق، يجب شد حركة حماس على حبل المشنقة، حتى يتم إجبار قادتها على قبول هدنة لضمان بقاء الحركة واستمرار سيطرتها على قطاع غزة. وعملية التوغل البرى الإسرائيلية فى قطاع غزة، التى بدأت السبت الماضى بقصف مكثف للمدفعية الثقيلة على طول الحدود مع غزة، لا تهدف فقط لتدمير تحصينات مقاتلى حماس ولكن أيضا لإعطاء إشارة إلى أن إسرائيل مرة أخرى تكسر القيود المفروضة على العمل العسكرى فى غزة، من أجل الوصول لما هو أصعب مع قادة حماس وذلك بغض النظر عن أينما كانوا أو مهما كانت حتى تؤمن إسرائيل حدودها الجنوبيةالغربية. وبالفعل فى الأيام الأخيرة ضربت القوات الإسرائيلية منزل أحد قادة حماس بينما كان عدد كبير من المدنيين يتحصنون به وقصفت أحد المساجد فى بيت لاهيا شمال قطاع غزة، حيث كانت تعتقد أن قادة حماس يخبئون الأسلحة بداخله. مع كل هذه الإجراءات، إسرائيل تتعمد غرس إحساس لدى قادة حماس بأنها غيرت قواعد الاشتباك فى شل حركة حماس. فطوابير المدرعات بدأت تتحرك ببطء وبشكل منهجى داخل غزة مدعومة بطائرات الهليكوبتر والطائرات بدون طيار التى تعطى قادة إسرائيل صوراً حقيقية لميدان المعركة. ورغم أن مقاتلى حماس كانوا يأملون استدراج القوات الإسرائيلية إلى حرب شوارع وسط أحياء غزة الضيقة والمكتظة بالسكان ومخيمات اللاجئين، فإن الإسرائيليين يبدو أنهم بدلا من ذلك يسعون إلى الاستيلاء على قمم التلال الاستراتيجية التى من شأنها أن تسمح لهم بسيطرة أفضل على تلك الأجزاء من قطاع غزة الذى يختلط فيه مقاتلو حماس بالسكان المدنيين. وكما هو الحال فى حرب عام 2006 بين إسرائيل وحزب الله فإن حماس تعتقد أنها ستفوز بمعركة لمجرد بقائها بوافر قوتها واقفة على أقدامها. وعلى الرغم من أن إسرائيل ليس لديها نية السيطرة على قطاع غزة، فإن الغرض من الغزو البرى هو جعل قادة حماس يؤمنون أن بقاءهم على قيد الحياة واستمرار سيطرتهم على القطاع بعد عملية الرصاص المتدفق هو أقصى أمانيهم، وهو ما سيجعل حماس أكثر استعدادا لتقبل شروط إسرائيل للهدنة ولهذا السبب لن تستمر عملية التوغل العسكرية طويلا.