العنوان يشير إلى درجة برودة الجو فى مدينة تورونتو الكندية خلال فترة أعياد الميلاد ونهاية السنة الميلادية الجارية. لست من محبى فصل الشتاء الذى ينفرد وحده هنا بنصف أشهر العام، كما أنى لست من هواة رياضة التزحلق على الجليد الذى يبلغ ارتفاعه مسافة ربع متر فوق سطح الأرض. لا صالح لى يجبرنى على التواجد فى هذه البقعة من العالم أثناء هذا المناخ الشتوى الرهيب، إلا دافع الحب والشوق والحنين الجارف لضم ذلك الابن المهاجر لملء بؤرة الفراغ التى خلفها فى صرة القلب. تعتبر دولة كندا هى الوحيدة فى العالم حالياً التى تشجع الهجرة إليها لأسباب اقتصادية. سكانها الذين يبلغ تعدادهم الآن نحو ثلاثة وثلاثين مليونًا، هم خليط متنوع من الأجناس والثقافات والديانات، حيث يشكل الجنس البريطانى 21% من تعداد السكان، والفرنسيون 15.8%، وباقى الأعداد خليط من الصينيين، والهنود، والعرب، وغيرهم. هذا الاختلاف فى الثقافات والمعتقدات داخل الوطن الواحد، كان من المتوقع أن يكون شرارة نار على وشك الاشتعال عند أول بادرة خلاف، لكن الذى يحدث هنا هو العكس تماماً، فالدستور الكندى ينص على احترام جميع الثقافات والديانات مادامت هى تحترم الدستور والقانون. هذا التنوع والاختلاف فى الأجناس والمعتقدات يشبّهه الكنديون بلوحة الفسيفساء العملاقة، التى يلونها ويشكلها هذا الخليط المتنوع بكل ألوان الطيف. من ناحية أخرى، فإن هذا الاختلاط الغريب والفريد للأجناس، لابد أن يثير أكثر من سؤال محير ومقلق، إذ كيف سيكون شكل الحياة فى المستقبل القريب فى هذا المجتمع الذى تختلط فيه الأنساب والأعراق ليصبح هجيناً مختلطاً بين الجنس الأصفر والأبيض، الأسود والهندي؟! كيف سيكون نوع الجينات الوراثية؟ هل سيطول عمر الإنسان أم يقصر، يصبح أكثر صحة أم مرضاً؟ ما مستقبل الأديان فى مجتمع يتزوج فيه الهندوسى من المسلم، المسيحى من البوذى، اليهودى من الملحد؟! فى كندا 43 ثقافة إثنية، فهل ستستمر فى التعايش مع بعضها البعض فى سلام ووئام كما هى الآن، أم أن المستقبل يحمل مفاجآت غير آمنة؟! منذ أيام قليلة ذهبت إلى إحدى الأسواق الكبيرة المزدحمة بأعداد من البشر، للوهلة الأولى تصورت نفسى فى شمال شرق آسيا، فالجنس الأصفر من المهاجرين الصينيين يتمركز فى مدينتى تورونتو وفانكوفر. توقفت للحظات أمام مشهد فريد من نوعه، شاب صينى وفتاة هندية يحملان طفلاً، بشرته بُنية وعيناه صينيتان! ابتسمت داخل نفسى وتذكرت خليط الأجناس الذى أنتج لنا أول رئيس دولة ملون للولايات المتحدةالأمريكية. عموماً نحن ننتظر المستقبل ليثبت لنا نجاح أو فشل هذه الخلطة الجينية والثقافية الجديدة والمعقدة، بعدها ربما نتشجع فى مصر ونقرر انتخاب رئيس للجمهورية من أم كندية وأب مصرى، على أن تكون جدته من أمه صينية، ومن أبيه هندية! [email protected]