مانويل جوزيه واحد من أكثر المدربين الذين كتبوا أسمهم بحروف من نور فى سماء الكرة الأفريقية والمصرية، لاسيما وهو الأكثر نجاحاً وفوزاً بالبطولات مع المارد الأحمر على مر تاريخه، اتهمه البعض بالغرور والإطاحة بآمال الجماهير المصرية فى كأس العالم للأندية باليابان، بعد أن حمله الكثيرون مسؤولية الظهور الباهت للفريق فى هذا العرس العالمى، وفى هذا الحوار اقتربت «المصرى اليوم» فوق عنان السحاب من المدرب البرتغالى كثيراً أثناء عودة الفريق من اليابان ووجدت فيه مدرباً يعشق الأهلى وجماهيره بقوة ويحلم بقيادة الفريق للمزيد من البطولات، كما وجدت فى إجاباته عن أسئلتها قلب شاعر وعقل فيلسوف، وأجاب بكل صراحة وصدق مع النفس عن جميع النقاط والأسئلة التى حاصرناه بها. * بداية، كيف تقيم أداء الأهلى فى مونديال الأندية؟ - فى البداية فضلنا الذهاب إلى اليابان مبكراً للتغلب على مشكلة الساعة البيولوجية، لأن فارق الساعات السبع يتطلب الحضور قبلها بوقت كاف، والطبيعى أن كل يوم يقضى على ساعة بيولوجية واحدة، وأعتقد أن الفريق وصل لحالته الطبيعية واستقر قبل لقاء باتشوكا الأول، وما أصاب الفريق فى رأيى هو تكرار سيناريو المرة الأولى فى موسم 2005 عندما وضع الجميع الآمال على الفريق وتحمل اللاعبون ما يفوق طاقتهم، وكانت الخسارة أمام اتحاد جدة فى اللقاء الأول وبعد فقدان الاتزان وضياع الأمل خسر الفريق أمام بطل أستراليا 1/2، وكنا الأفضل أيضاً، والهزيمة الأولى أمام باتشوكا المكسيكى بالأربعة أفقدت الفريق توازنه وحطمت الدافع نحو تحقيق مركز متقدم. * ومن يتحمل هذا الإخفاق؟ - يجب أن يفهم الناس أننا أبطال أفريقيا، وأن الأهلى هو الأفضل فى القارة، ورشحنا الفيفا والإعلام للوصول للنهائى، وكان الأمر الطبيعى، و،لكن كانت هناك ضغوط كبيرة من الجماهير والإعلام حملت الفريق مسؤوليات جسيمة، وزادت قبل اللقاء الأول، خاصة بعد أن شاهدنا شرائط فريق باتشوكا وأدركنا أننا أمام منافس قوى، ولعبنا اللقاء الأول بجرأة، وحققنا المراد فى الشوط الأول، ولكن الثقة الزائدة ورغبة المنافس القوية فى إدراك التعادل بعد أن أخطأ الحكم وألغى هدفاً صحيحاً لمحمد بركات كان جديراً بحسم اللقاء، وعودة الضغط العصبى للاعبين بعد الهدف الأول لباتشوكا فى الدقائق الأولى من الشوط الثانى والعودة للقاء، ولكننى دائماً أحمى اللاعبين وأؤكد أن الخطأ يجب أن يتحمله الجهاز الفنى، وأعلنت مسؤوليتى عن الهزيمة، لأننى لا يمكن أن أتهرب من المواجهة، فحماية اللاعبين واجب علىّ، ومعركة لا أتردد فى خوضها، لأنهم أبطال ويستحقون المساندة. * لكن هل أنت راض عن الأداء بشكل عام؟ - بالطبع لا، خاصة فى اللقاء الأول الذى شعرت فيه فى وقت من المباراة بأن لاعبى الأهلى لم يحضروا اللقاء وأننا لم نقدم كرتنا المعهودة وأن زيادة التوتر العصبى أثرت على اللاعبين، وأشدد على الخطأ التحكيمى الذى عكس سير اللقاء، فلو احتسب هدف بركات الصحيح لانتهى الأمل المكسيكى لكنها كرة القدم. * ألا ترى أن تقدم الأهلى بهدفين ثم الهزيمة بالأربعة أمر غير طبيعى؟ - نعم ولكن كرة القدم نفسها لا تعترف بالثوابت، وقد أبلغت اللاعبين بين الشوطين بضرورة النزول فى الشوط الثانى وكأن النتيجة مازالت هى التعادل السلبى، وطالبتهم بالهدوء ولكن سير المباراة أخرج اللاعبين عن تركيزهم وظهروا بشكل غير لائق ببطل أفريقيا، ولم يكن الأداء مقنعاً بالنسبة لى. * رغم سيطرة الفريق فى اللقاء الثانى إلا أن الهزيمة كانت النهاية؟ - أنا شخصياً كنت أتوقع الهزيمة أمام بطل أستراليا على الرغم من إمكانياتنا التى تفوق قدرات لاعبيه وخبرتنا التى تؤهلنا للفوز عليه، فضلاًَ عن تفوقنا فنياً وبدنياً داخل الملعب، لكن حالة عدم التركيز فى إحراز الأهداف كانت طبيعية لغياب الحافز الذى سافر اللاعبون من أجله لفقدانهم اللعب على مركز متقدم، وأحبطت الصدمة الأولى أمام باتشوكا الفريق عزيمته فبدا وكأنه ميت أمام أديليد الأسترالى. * ولماذا لم تتدخل لإخراج لاعبيك من حالتهم السيئة وأنت تتوقع الخسارة؟ - حاولنا أن نستعيد الحالة العامة للاعبين، وأن نعيد لهم الثقة المفقودة، ولكن الحزن لديهم كان أكبر، والضغط الإعلامى الرهيب الذى تعرض له الفريق من هجوم حاد عقب الهزيمة الأولى كان سيئاً على نفسية اللاعبين، ومن شاهد اللقاء الثانى أدرك أن الأهلى كان الأحق بالفوز. * وماذا كان شعورك وقتها؟ - شعرت بالإحباط والضغط الإعلامى كان قوياً بالفعل، وشاهدت كيف واجه بطل الإكوادور باتشوكا بنفس طريقتنا وتعلم الدرس منا واستغلوا المساحات فى الشوط الأول، وزاد ذلك شعورى بالحزن للتفريط فى المكسب لأننى لست أذكى رجل فى العالم، لكننى قرأت الفريق المنافس جيداً وتغلبت عليه فى الشوط الأول لكن النهاية كانت مؤلمة، وأكثر ما أحزننى هو جماهير الأهلى التى عاشت أياماً حزينة، لكننى أذكرها أن فريقها هو البطل الذى أسعدها كثيراً والذى سيعود ليطربها ويسعدها، ولكننى مصمم على أن الإعلام تسبب فى الإحباط الكبير. * لماذا تعلق الخسارة على شماعة الإعلام؟ - بالمناسبة أحب أن أوضح أن الترجمة العربية فى المؤتمرات التى عقدتها فى اليابان لم تكن جيدة وكانت دون المستوى، فأنا أكدت ومازلت أؤكد أن بعض الإعلاميين والصحفيين ينتقدوننا بشكل غير موضوعى، وأنا لا أخص الإعلام بالكامل، لكننى أوضح أننى أخص فئة قليلة، وأنا لا أعترض على النقد لأن أداء فريقى استحق النقد، ولكنى أطالب بالنقد البناء وليس المحبط، ولكن لن أتردد فى مواجهة من يحاول تدمير الفريق تحت شعار النقد ومن يراجع نفسه يجدنا وصلنا للنهائى الأفريقى 4 مرات فى أربع سنوات وتأهلنا لليابان فى ثلاث منها، فهل يغضب ذلك البعض، أم أن هناك من مل من سيطرة الأهلى على الساحة، وأطالب الإعلام بأن ينتقد الأهلى كما يشاء ولكن بالصورة المثلى التى تحدد الخطأ حتى يمكن إصلاحه وليس بقتل المواهب وتدمير الفريق. * والآن كيف يرى جوزيه المرحلة المقبلة؟ - لدينا تحد كبير ونلعب الآن على ثلاث بطولات مختلفة السوبر الأفريقى والدورى والكأس المحليين والتحدى أن نحصد ألقابها كلها، وأؤكد أن لاعبى الأهلى هم الأفضل حتى الآن على المستوى القارى والمحلى. * ألا ترى أنك كمدير فنى لم تتوقع ذلك قبل السفر لليابان؟ - بالعكس فإذا عدنا لمؤتمر الفيفا الذى عقد بمناسبة تأهل الأهلى لليابان أكدت فيه أن نسبة تأهلنا للنهائى لا تتعدى 5 فى المائة وهذه كانت الرسالة التى لم تصل إلى أحد ولم يستوعبها أحد، وأنا شخصياً لم أكن أتمنى ذلك وأرى أن البعض لا يفرق بين الكرة الأفريقية والأوروبية والأمريكية الجنوبية والأسترالية هناك فروق وكلها غير متشابهة. * ألا تخشى من تعثر الفريق عند استئناف المباريات؟ - أثق فى قدرات اللاعبين ولدينا محطات مهمة ستثبت إمكانيات اللاعبين، أولاً لدينا خمسة لقاءات مؤجلة إذا نجح الفريق فى الفوز بها سيتصدر جدول الدورى، وهناك لقاءات ستعيد تنظيم الفريق مثل لقاء الفرق الكبرى فى الدورى كالإسماعيلى والزمالك، فالفوز عليهما سيعيد الثقة للفريق واللاعبين، وسأظل فخوراً باللاعبين لأنهم مازالوا أبطال أفريقيا والإخفاق لا يعنى شطب سجل الإنجازات السابقة. * هل ترى فارقاً بين مشاركة الأهلى فى بطولة العالم 2006 و2008؟ - الفارق واضح، فى 2006 كسبنا اللقاء الأول وتأهلنا لقبل النهائى وخسرنا اللقاء الثانى أمام بطل كبير إنترناسيونال بهدفين مقابل هدف فى لقاء تاريخى ثم حصدنا المركز الثالث لأننا لم نحمل وعوداً ولم نتعرض لضغوط ولعبنا الكرة الحقيقية، أما فى البطولة الحالية فإن الهزيمة الأولى كانت وراء التراجع الكبير، وبصراحة كان أداء اللاعبين مختلفاً. * الفريق فى وضع صعب.. فلماذا يرحل نجمه محمد أبوتريكة؟ - أنا لا أرى أننا فى موقف صعب، لماذا تصرون على أن موقف الفريق سيكون صعباً، الواقع يؤكد أننا لم نكن فى حالتنا فى بطولة العالم والمستوى كان متراجعاً ولكن فريقى قادر على استعادة الثقة والعودة لمساره الحقيقى واقتناص نقاط المباريات المؤجلة التى ستعيد للفريق هيبته والفريق دائماً يكون أداؤه جماعياً والحديث عن رحيل لاعب أو التعاقد مع آخر شأن يخص الإدارة ولجنة الكرة التى تعمل بكل جهد من أجل مصلحة الفريق ولم تقف أمام مصلحة أى لاعب، وفى النهاية البطولة هناك فاتورة مجملة سيحين وقتها الحساب، فالدور الأول فى الدورى لم ينته. * بماذا تعلل ابتعاد الفريق عن مستواه من قبل المشاركة فى كأس الأندية؟ - أعلم أن الفريق لم يكن فى حالته أمام فريقى الشرطة وإنبى وأرى أن هذا الأمر طبيعى جداً لأن تركيز اللاعبين تراجع عقب الحصول على البطولة الأفريقية، وهذا أيضاً أمر طبيعى، فالشعور بالنشوة والاحتفالات يخرج اللاعبين عن حالتهم، فضلاً عن تركيز اللاعبين فى بطولة العالم والتفكير فى الأداء العالمى، وهذا أدى إلى عدم التركيز بخلاف أن هناك أشباحاً تلعب فى رؤوس اللاعبين وتتدخل فى عقولهم عقب إحراز أى لقب، فاللاعبون لم يفقدوا بريقهم ولا إمكانياتهم وأنا شخصياً غير قلق على مستقبل الأهلى. * تلمح إلى أن عقلية اللاعب المصرى قليلة الاستيعاب؟ - بالفعل عقلية اللاعب المصرى تتأثر بسهولة وتنجرف وهو نتاج عدم التنظيم فى الكرة المصرية والعشوائية التى تدار بها اللعبة، فمستقبل الكرة فى مصر صعب فى ظل عدم الاهتمام بالناشئين والتخبط فى التخطيط، فالكرة والتفكير فيها والتحضير أعمق من المتاح، والصدفة تكتشف المواهب، والجماهير تتشبث بخيال، والكل لا يفرق بين مدارس الكرة وثقافاتها. * ومتى تصل الكرة المصرية للعالمية؟ - ضحك جوزيه كثيراً ثم صمت أكثر وقال: من الصعب أن تحدد الفترة لأن ذلك يحتاج لأشياء كثيرة أهمها الشخصية وتطوير المنظومة وتطوير فكر اللاعبين والاهتمام بالناشئين والوقوف على المكان الحقيقى للمستوى قبل المقارنة مع الكرة الأوروبية والعالمية فالفارق مازال كبيراً. * هل يبحث جوزيه عن لاعبين محددين لتدعيم الفريق؟ - لم أعلنها أبداً على الملأ وأفضل أن أحتفظ لنفسى بمتطلبات الفريق، ولدىّ لجنة كرة تعمل معى على توفير متطلبات الفريق، فأنا أحترم كل اللاعبين وأثق فى قدرات أى لاعب يرتدى القميص الأحمر، ولن أكون سبباً فى هز ثقة اللاعبين، فكل لاعب بالفريق يستحق تمثيله. * ومتى ستشرك اللاعبين الجدد؟ - هذا السؤال يجب أن تسأله للاعبين الأساسيين، فاللاعبون القدامى هم أصحاب هذا القرار، وأنا بدورى مدير فنى للفريق أقول إننى أمتلك أفضل لاعبين، واللعب عليهم ليس سهلاً، و،لكننى أعدل بينهم وأعطى الفرصة لمن يستحق وهذا هو سبب حصد الفريق البطولات، ولهذا يجب أن يسأل الرأى العام نفسه، لماذا حصلنا على 17 بطولة فى فترة زمنية قصيرة، وفى النهاية أحب أن أوجه اعتذاراً لجماهير الأهلى عن الإخفاق وأطالبهم بالحضور لمؤازرة الفريق فى مبارياته المقبلة.