على الرغم من تصنيفه كمفكر أسلامى، فإن مؤلفات جمال البنا والتى تتجاوز الأربعين بقليل، لم تقتصر على المؤلفات الدينية ولكنها تنوعت ما بين الكتب السياسية، والاقتصادية، والنقابية أيضًا. والحديث عن مؤلفاته، يأخذك بين عناوينها لتدرك أن كل ما يتناوله من قضايا، تجمعها صلة واحدة، حتى لو اختلف ما تنضوى تحته من مصنفات، تلك الصلة تتلخص فى الحرية والتجديد وإعمال العقل والبحث عن حلول للعديد من القضايا. تتوقف مثلاً عند كتاب «مطلبنا الأول هو الحرية»، الذى يناقش فكرة مهمة مفادها أن الحرية مطلب إسلامى، تأتى فى المقام الأول، قبل المطالبة بتطبيق الشريعة، لأنها الضامن لكل الحقوق والمطالبات فى المجتمع، كما أنها الوسيلة الوحيدة لتفعيل العقل والتوصل لقرارات سليمة. وتتضح رؤيته بشكل أعمق فى كتابه «التعددية فى الإسلام» الذى يؤكد فيه أن التسليم بوحدانية الله تعالى، يستتبع التعددية فيما عداه، وأن الاختلاف مبدأ رئيسى فى الإسلام لا يثير العداوة، ولأن الله خص نفسه بالفصل فيه يوم القيامة، مؤكداً أن التعددية كالحرية ليست بحاجة لأى ضوابط، فهى تضبط نفسها بنفسها. وفى كتابه «الإسلام وحرية الفكر»، يتناول البنا قضية حرية الاعتقاد والتفكير، التى كفلها الدين منذ مجيئه، بل يعتبرها من أهم وأقدس القضايا التى يجب أن يحارب الإنسان فى سبيلها، مؤكداً أن الإيمان الدينى لا يزدهر وينمو، إلا فى مناخ من الحرية، بينما يموت فى غيابها. وفى كتابه «إخوانى الأقباط» يتعرض لعلاقة المسيحيين والمسلمين من المصريين. مؤكداً أن التوترات الطائفية التى تصيب العلاقة بين الطرفين، لا علاقة لها بطبيعة الديانتين القائمة على التسامح، والحرية البشرية، مشيراً إلى أن الأقباط أقلية ولكنهم مصرين يتمتعون بجميع الحقوق التى يكفلها مفهوم المواطنة، كما يتحدث عن الخيارات التى يجب على الأقلية أن تنتهجها، مؤكداً أن الخيار الأمثل هو ما نادى به المسيح والقديس بولس وبطرس، القائم على قصر دور الكنيسة على الجانب الروحى. ثم يناقش فى كتابه «الولاء والبراء» قضية علاقة المسلم بالآخر، رافضاً التصنيف الذى وضعه السلف من أن هذا الآخر إما مؤمن تقى، علينا التقرب له،وإما كافر شقى، نتبرأ منه. واصفاً ذلك التصنيف بأنه «تحكمى» لا يصدر إلا من شخص لايرى فى العالم غير الإسلام وحسب. فى نفس الوقت الذى يتهم فيه هذا الفكر بالتسبب فى حالة العنف الذى أصاب الكثير من شباب المسلمين، موضحاً أن آية الولاء والبراء، إنما نزلت فى فترة تكاثر فيها أعداء الإسلام عليه، وعندما قوى الإسلام،إنتهت تلك الفكرة والدليل، الآية الكريمة التى تقول: «وإن جنحوا للسلم فاجنح لها». وفى كتاب «منهج الإسلام فى تقرير حقوق الإنسان» يوضح الكاتب جمال البنا، حقوق الإنسان على مدار التاريخ، ثم يوضح بالأدلة كيف اهتم الإسلام بها على اعتبار أن الإنسان خليفة الله على الأرض، وكيف نصت الآيات على كرامة الإنسان وحقوقه، مجرياً فى متن الكتاب، مقارنة بين ما نص عليه القرآن، وما نصت عليه الدساتير الغربية، من مواد لضمان تلك الحقوق، بشكل ترجح فيه كفة الإسلام. ويتجسد فى كتاب «العودة للقرآن» فكر جمال البنا المنادى بالتحرر من السلف، وأراء الفقهاء، ويعد تلخيصاً لما جاء فى كتاب «الأصلان العظيمان» حيث يتحدث عن تعطيل القرآن إما بدعوى النسخ، أو بطرح أسلوب قرآنى فى الاستدلال،والأخذ بأسلوب آخر والافتئات على المعانى، ولذا ينادى فيه جمال البنا بالاعتماد على القرآن، وليس غيره فى إصدار الاجتهادات والفتاوى ويعبر فى كتابه «نحو فقه جديد» يتناول فيه بالنقاش ضرورة التمييز بين العقيدة والشريعة والفقه، مشيراً إلى أن النشأة التاريخية لفقه العبادات ارتبطت برغبة الحكام فى التخلص من الآراء والمبادئ التى نادى بها الإسلام، كالشورى، والحرية، والتفكير، وحرصهم على حصر دور العلماء فى فقه العبادات فقط، لإبعادهم عن السياسة وأمور الحكم. كما يتحدث فى الكتاب عن ضرورة فهم الخطاب القرآنى بعد المرحلة النبوية وحتى المرحلة المعاصرة فى تاريخ الإسلام. مؤكداً أن القرآن الكريم لم يهتم بتحديد تفاصيل الصلاة والوضوء والصوم والحج وغيرها من العبادات، لحكمة تستند على أساس أن يكون الرسول هو المبين لتلك العبادات عن طريق وحى سنى، وهو أقل درجة من الوحى القرآنى، مستدلاً على رأيه هذا بنهى الرسول المسلمين بمحو ما سجله له المسلمون من أحاديث. ويأتى أحدث كتب الكاتب جمال البنا حول تجريد البخارى ومسلم من 650 حديثاً غير ملزم، موضحاً أن الأحاديث التى تتناقض مع نصوص القرآن، علينا إهمالها وعدم الأخذ بها. وتتواصل القضايا التى تثيرها مؤلفات البنا، لتصل للمرأة عبر عدد من الكتابات، ومنها «المرأة بين تحرير القرآن وتقييد الفقهاء»، ويتناول فيه كيفية ارتقاء القرآن بحقوق المرأة فى الملكية والنسب واختيار الزوج وتولى المناصب والمشاركة فى المجتمع، وكيف قيد الفقهاء تلك الحقوق بتفسيراتهم. هناك أيضاً كتاب «ختان البنات» الذى يؤكد فيه أن تلك العادة ليست من الإسلام، وكتاب «جواز إمامة المرأة الرجال» الذى يسجل فيه الأراء الدينية حول تلك القضية التى لم تشغل بال المسلمين فى صدر الإسلام. وينتقل فى كتاب «الإسلام دين وأمة وليس ديناً ودولة» للحديث عن مفهوم الحكم فى الإسلام، مؤكداً أن السلطة مفسدة للعقيدة، وأن أى نظام يقترن بها أو يحاول تطويعها يفشل.وأن الأمم لا تتقدم إلا بدعوات الأنبياء وجهود الجماعات والهيئات والعلماء. وإلى جانب تلك الأعمال، ألف جمال البنا العديد من الكتب التى عنيت بالحركة النقابية ومسارها وتأثيرها، ومنها «الحركة النقابية المصرية عبر مائة عام 1892 – 1992»، الذى يتناول نشأة الحركة النقابية فى مصر وتطورها. وكتاب «الحرية النقابية» فى ثلاثة أجزاء ويعد موسوعة عن الحرية النقابية، عالج فى جزئه الاول حرية التكوين، وما يتضمن ذلك من حرية وضع اللوائح وانتخاب القيادات دون وصاية، بينما يتناول الجزء الثانى حرية العمل النقابى، ويتحدث فى الجزء الثالث عن الجوانب الدولية للحرية النقابية. هناك أيضاً كتاب «الأزمة النقابية بين المجتمع الرأسمالى والاشتراكى» الذى يعالج أزمة الحركة النقابية فى العصر الحديث.