شارع الألف عام.. الشارع الأعظم.. المعز لدين الله الفاطمى، أسماء واحدة لشارع حير المؤرخين، وبهر السائحين، ودفع الباحثين إلى الغوص فى تاريخه، بحثاً عن كنوزه.. وحواديته. قبل أيام أصدرت وزارة الثقافة كتاباً مصوراً ضخماً فى سلسلة تحمل عنوان «القاهرة التاريخية». الكتاب بعنوان «شارع المعز لدين الله الفاطمى.. الشارع الأعظم»، ومع الصور الفوتوغرافية الممتازة، التى يتضمنها، مجموعة نادرة ورائعة للوحات أنجزها فنانون غربيون من المستشرقين التى جسدت الكثير من مظاهر القاهرة التاريخية. قدم للكتاب فاروق حسنى، وزير الثقافة، الذى عرض تجربة إحياء الشارع الأعظم وإعادة رونقه التاريخى بعد مسيرة ترميم طويلة أنجزها واستلزمت جهداً خرافياً وتكلفة كبيرة وحشداً لنخبة من الخبراء والمرممين، وهى مهمة وصفها الوزير ب«المغامرة» التى استقطبت استثماراً أكيداً. هذا المشروع سيحسب بلا شك لفاروق حسنى، فمثلما كان هناك مشجعون ومؤيدون، كان هناك أيضاً مشككون فى نجاح المهمة الطويلة والصعبة أيضاً، التى كانت حلماً فخيالاً فحقيقة. أما محاولات التشكيك فقد تحدث عنها زاهى حواس فى كلمته، فى تقديم الكتاب، لكن سرعان ما تأكد للجميع أن شارع المعز أصبح مزاراً أثرياً وسياحياً مفتوحاً. تشير مقدمة الكتاب للخصوصية التاريخية لهذا الشارع الذى يعد من أقدم شوارع العالم، وأغناها بالآثار الإسلامية التى يحتشد بها ففيه مر المعز للمرة الأولى وسط جنوده وحاشيته، ومنه انطلق الناصر صلاح الدين، محرراً القدس، وفى إحدى حواريه عاش المقريزى وفى عطفة منه ولد وعاش روائى نوبل نجيب محفوظ وفى إحدى مدارسه تعلم جمال عبدالناصر. عرض الكتاب فى بدايته للعصور التاريخية التى تعاقبت على شارع المعز بدءاً من المؤسس الأول للقاهرة والشارع معاً، المعز لدين الله الفاطمى، الذى كلف قائد جيوشه جوهر الصقلى لدخول مصر وقد جاءت القاهرة كثالث عاصمة لمصر بعد فسطاط عمرو بن العاص وقطائع ابن طولون. وعن موقع وحدود مدينة القاهرة فإنها كانت تقع شمالى الفسطاط على مساحة محدودة تمتد من جامع الحاكم، حتى باب زويلة، وتحدها من الشرق جبال المقطم ومن الغرب الخليج الكبير ومن الجنوب مدينة القطائع ومساحتها كانت تقع فى 340 فداناً فى شكل مربع طول ضلعه 120 متراً وقد أحيطت فى البداية بسور من الطوب اللبن، وبقيت آثاره حتى أيام المقريزى وكان للسور 8 أبواب لكل جهة بابان ففى الشمال يقع باب «الفتوح» وباب «النصر» ومن الجنوب باب «زويلة» وباب «الفرج».ومن الشرق باب «القراطين» (الباب المحروق)، وباب «البرقيه»، ومن الغرب باب «سعادة» وباب «القنطرة». كان هذا السور وهذه الأبواب الثمانية النواة الأولى للقاهرة، التى أنشأ المعز فيها الجامع الأزهر، وأشاع فيها العمران إنها القاهرة التى وصفها ابن خلدون بقوله «رأيت حاضرة الدنيا وبستان العالم، ومحشر الأمم، ومدرج الذر من البشر، وإيوان الإسلام وكرسى الملك، تلوح القصور والأواوين فى جوه، وتزهو الحدائق والمدارس والكواكب بآفاقه، وتضىء الدرر والكواكب من علمائه».