مريم ماكيبا: صوت أفريقيا تموت وهى تغنى ضد العنصرية

على مسرح كاستيل فى فولتورنو، وهى من بلدات جنوب نابولى فى إيطاليا، مساء 9 نوفمبر الماضى، وقفت مريم ماكيبا (76 سنة) تغنى فى حفل لمناصرة الكاتب روبرتو سافيانو المهدد بالقتل من «الكامورا» (مافيا نابولى) بسبب كتابه «عمورة» الذى فضح فيه هذه العصابة من عصابات الجريمة المنظمة، والذى اختارته «نيويورك تايمز» أحسن كتاب عام 2007، وأخرجه ماثيو كارونى فى فيلم فاز بالجائزة الكبرى فى مهرجان كان 2008.
ولم تكن مشاركة ماكيبا فى الحفل لمناصرة سافيانو فقط، والذى أصبح يعيش فى مكان غير معروف لينجو بحياته، وإنما أيضًا استنكارًا لقتل «الكامورا» ستة من المهاجرين من أفريقيا فى شهر سبتمبر فقط. وبعد أن انتهت من الغناء، وأسدل الستار، طالب الجمهور بعودتها مرة أخرى، ولكن خرج من الكواليس من يسأل عن طبيب فى صفوف الجمهور، وأعلن أنها أصيبت بنوبة قلبية، وتوفيت مريم ماكيبا فى الساعات الأولى من يوم 10 نوفمبر وهى فى كواليس المسرح.
ماتت مريم ماكيبا على المسرح وهى تغنى ضد العنصرية ودفاعًا عن الحرية على نحو يلخص ما عاشت وغنت من أجله طوال ما يزيد على نصف قرن من الزمان حتى لقبت ب «ماما أفريقيا». فقد ولدت فى جنوب أفريقيا عندما كانت تجسيدًا للعنصرية فى حدها الأقصى، ولجمال صوتها اختيرت للغناء فى كورس إحدى كنائس جوهانسبرج وهى فى الثامنة من عمرها، وما أن بلغت العشرين حتى أصبحت نجمة فريق «إخوة مانهاتان السود» عام 1952.
ومع أغنية «باتا باتا» عام 1956 تجاوزت ماكيبا حدود بلدها، وطبقت شهرتها الآفاق. بل قد أصبحت هذه الأغنية من أيقونات عصرها، وبعثت من جديد فى مظاهرات الطلبة فى أوروبا وأمريكا عام 1968.
وفى عام 1957 حكم على ماكيبا بالنفى لمناهضتها الفرقة العنصرية، وذهبت إلى أمريكا حيث اشتركت فى الفيلم التسجيلى «عودى يا أفريقيا» عام 1959، وعندما حاولت السفر لحضور جنازة والدتها عام 1960 اكتشفت أن الحكومة العنصرية سحبت منها الجنسية وألغت جواز سفرها.
وفى أمريكا غنت ماكيبا أمام جون كنيدى فى البيت الأبيض فى عيد ميلاده عام 1962، وكانت أول مغنية سوداء تفوز بجائزة جرامى للغناء والموسيقى عام 1966 عن ألبومها المشترك مع هارى بلافونتى فيما عرف باسم «موسيقى العالم» المستمدة من الموسيقى الشعبية الأفريقية. وفى عام 1969 تزوجت ستوكلى كارمايكل أحد قادة «الفهود السود» الذين حاربو العنصرية فى أمريكا.
عندما سحبت الجنسية من مريم ماكيبا عام 1960 عرضت عليها جنسيات عدة دول، ولكنها فضلت أن تحمل جنسية غينيا. وفى عام 1990 سقط النظام العنصرى فى بلادها، ودعاها مانديللا للعودة، فعادت وحملت جواز سفر جنوب أفريقيا الحرة.
samirmfarid@hotmail.com