لا أعتقد أن الشعب المصرى حمل مشاعر كراهية لشخص مثلما حمل للهارب ممدوح إسماعيل، صاحب عبارة الموت المعروفة ب «السلام 98»، بدليل أن الرجل الذى حصل على حكم قضائى ببراءته لا يستطيع العودة إلى مصر ومواجهة أهلها وشعبها حتى الآن. لو أن هناك استطلاعات رأى حقيقية فى مصر، لاكتشفت أن 99.9٪ من الشعب المصرى غضبوا بشدة يوم صدور حكم براءة صاحب العبارة، والذى وصفته النيابة العامة بأنه حمل فسادًا فى الاستدلال، ليصبح حكم الشعب أقوى بكثير من حكم القضاء، وإن كان الأخير قد صدر باسم الشعب. ممدوح إسماعيل الذى هرب إلى لندن بحجة العلاج منذ وقوع الحادث، لا يكف عن الاستمرار فى استفزاز الشعب المصرى. فعندما تناول أحد البرامج اليومية الجديدة مشروعية التعليق على أحكام القضاء أرسل ممدوح «الهارب» برسالة تهديدية فورية بأنه سيغلق القناة الجديدة، وكان الرجل يريد أن يكتم أفواه الشعب بعد أن تسببت عبارته فى كتم أنفاس 1034 مصريًا وإشاعة الحزن بين أهاليهم وذويهم سنوات طويلة. نفس الموقف كرره مؤخرًا ممدوح إسماعيل مع الكاتب الكبير وحيد حامد، حين أرسل له الهارب إنذارًا على يد محضر حسبما نشرت جريدة الوفد أمس الأول يهدده فيه بسبب قيام وحيد بكتابة فيلم عن العبارة وهو ما اضطر الكاتب الكبير إلى أن يتقدم ببلاغ للنائب العام يطالب فيه بحمايته بعد أن تسلل إليه الخوف، فالمؤكد أن حامد قد تعرض لمواقف لم يكشف عنها بعد فور إعلانه التحضير لإعداد فيلم عن العبارة. وحيد حامد سافر على نفس رحلة العبارة ذهابًا وإيابًا، ليرصد الواقع بنفسه ويبدو أنه بذل كعادته مجهودًا كبيرًا فى الإعداد للفيلم، لكنه لم يكن يتصور أن يصل الجبروت والنفوذ والعجرفة إلى هذا الحد، فحامد المعروف عنه المعارضة الشديدة للحكومة والجماعات الدينية عبر أفلام ومسلسلات عديدة لم يتعرض لمثل هذا الإرهاب سواء من الحكومة أو الجماعات الإسلامية.. فحامد الذى واجه الإرهاب بقلمه لم يتعرض لتهديدات من الإرهابيين، لكنه يتعرض لتهديدات من ممدوح إسماعيل عندما أراد أن يكتب فيلمًا سينمائيًا عن العبارة، وكأن صاحب العبارة أصبح أقوى من الحكومة والجماعات الدينية، وهو ما يثير السؤال من جديد حول نفوذ الهارب ممدوح إسماعيل. إذا كانت السينما لن تعبر عن الواقع الذى يعيشه الشعب، ولن توثق أخطر وأبشع حادث فى مصر خلال القرن الحالى، فماذا سيكون دورها؟ لذا يجب أن تكون هناك حملة من المثقفين والشعب لمساندة وحيد حامد ضد الجبروت اتساقًا مع حرية الرأى والتعبير والتأكيد على أن الشعب المصرى لن ينسى ضحايا العبارة، ولن يتسامح مع أصحابها أو من يساندونهم فالأمر جد وخطير ولا يجب التهاون أمامه.. وإذا كان وحيد حامد قد تعرض للتهديد فيجب على الكتاب والصحفيين أن يعيدوا محاكمة ممدوح إسماعيل شعبيًا أمام محكمة الرأى العام، وليرسل تهديداته للجميع.. لقد وجد ممدوح إسماعيل حكم براءته من محكمة أول درجة فرصة ليخرج لسانه للجميع، ولننتظر حكم الاستئناف لعله يعيد الحق لأصحابه. ■ ■ بالمناسبة لقد حصلت على جائزة نقابة الصحفيين كأفضل عمود صحفى عن مقال كتبته ضد ممدوح إسماعيل تحت عنوان «بيعلموا على بعض» وأخشى أن يرسل الهارب إنذارًا إلى نقابة الصحفيين يطالبها بسحب الجائزة، لأن المقال أزعج سيادته فى لندن.. كل شىء ممكن!!