سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
«صرف الرواتب» يبهج فلسطينيى جنين بالعيد.. و«حماس» رغم الحصار تشارك الغزاويين «فرحتهم» «المقدسيون» يترحمون على أيام ما قبل الجدار.. و«الخلايلة» بقناعة: «الله يديم إلنا الدجاج»
من جنين إلى القدس إلى الخليل إلى غزة.. مدن فلسطينية مختلفة، الاحتلال هو قاسمها المشترك، بيد أن الجغرافيا والسياسة كان لهما دور كبير فى تباين مظاهر احتفالات أهاليها بعيد الأضحى المبارك. ففى جنين، الواقعة شمال الضفة الغربية، تضافرت احتفالات المواطنين باحتفائهم بانتشار قوات الأمن الفلسطينية، التى ساعدت على نشر الاستقرار واستتباب الأمن منذ أشهر، أو هكذا أرادت وكالة «معاً» للأنباء أن تروج. يقول تقرير ل «معاً» إن أسواق جنين تحتضن المتسوقين - بعضهم قادمين من داخل الخط الأخضر - لابتياع حاجياتهم «وسط جو من الطمأنينة» تبثها «الأجهزة الأمنية الفلسطينية، مشيراً إلى أن عربات الباعة الجائلين أغلقت الشوارع الرئيسية، فلم تعد تتسع للمرتادين، فى إقبال شرائى وازدحام جماهيرى غيرمسبوق كان بمثابة «أزمة» أسهب التقرير فى الحديث عنها، وكأن الأزمة المالية العالمية لم تترك أثرها على أهالى جنين. التقرير أيضاً نقل عن أحد الباعة قوله على عجل - نظراً لانشغاله مع الزبائن - إن «صرف الرواتب» ساعد على إنعاش حركة البيع والشراء وعلى تلبية احتياجات المواطنين من ملابس ومواد غذائية، فى حين أكد بائع آخر «أن من يرى جنين هذه الأيام لا يصدق عينيه»، إذ تبدأ الحركة فى المدينة باكراً وتنتهى فى ساعات متأخرة جداً، «فالجميع فرحون ومبتهجون وصرف الرواتب ساعد المواطنين على رسم فرحة ولو بسيطة على وجوه أبنائهم» - على حد تعبير الوكالة - والمعروف أن عدم صرف رواتب الموظفين الفلسطينيين فى قطاع غزة بسبب رفض إسرائيل تحويل السيولة النقدية أثار استياءً كبيراً وإحباطاً شديداً لأبناء القطاع، الذين باتوا يشعرون بالانفصال والتمييز بينهم وبين فلسطينيى الضفة منذ انقلاب يونيو 2007 . تلك الصورة المبهجة فى جنين تقل تدريجياً إذا ما اتجهنا جنوباً صوب القدسالمحتلة، حيث يؤكد تجار المدينة أنه رغم انتعاش الحركة التجارية فى المدينة نسبياً، إلا أن الوضع لا يرتقى بأى حال من الأحوال لما كان عليه فى الأعوام التى سبقت بناء جدار الفصل العنصرى، وتكثيف الحواجز والمعابر العسكرية، التى عرقلت تحركات المواطنين، وأثرت على جميع مناحى الحياة اجتماعية واقتصادية. غير أن الأسواق المقدسية التاريخية المشهورة مثل باب خان الزيت والعطارين واللحامين والقطانين والدباغة لاتزال تضج بالمرتادين، ومع ذلك، يشكو التجار من ضعف القدرة الشرائية للمواطنين رغم الزحام، بسبب الغلاء الفاحش، الذى جعل المقدسيين - الذين يتمتعون نسبياً بوضع اقتصادى أفضل من فلسطينيى المدن الأخرى - يفضلون ابتياع مشترياتهم من البضائع المعروضة على الأرصفة، لاسيما الصينية، نظراً لرخصها. وفى الخليل، حيث تزايد التوتر فى الآونة الأخيرة جراء هجمات مستوطنين متطرفين، حالت الظروف الاقتصادية دون تمكن العديد منهم من تحضير مستلزمات العيد وشراء الأضاحى واللحوم، بحسب وكالة «وفا» للأنباء، التى نقلت عن الحاجة أم عرابى قولها «الله يديم إلنا الدجاج.. سنكتفى بتناوله فى العيد.. لا نستطيع أن نضحى.. ولم نصنع حلوى المعمول لارتفاع تكاليف مستلزماتها بسبب الأوضاع الحالية». كما شكا العديد من تجار الملابس فى الخليل من تراجع الإقبال على الشراء مقارنة بالمواسم والأعياد الماضية، نظراً لنقص السيولة وانتشار البطالة، مؤكدين أن معظم المواطنين لا يستطيعون شراء احتياجاتهم الخاصة بالعيد، معتبرين أن الحركة التجارية عادية ولا توحى «بأجواء أعياد». وبطبيعة الحال، فإن الحال فى غزة أسوأ ما عليه، حيث تسود حالة من الفقر جراء الحصار الخانق، فضلاً عن الإحباط الناجم عن ضياع موسم الحج هذا العام على حجاج غزة، والذى جعل دعوات المواطنين على كل من تسبب فى منعهم ترتفع مع كل تكبيرة صلاة تصدح فى جميع أرجاء القطاع «بأن يحرم الله رائحة الجنة من كان سبباً فى حرمان حجاج قطاع غزة من الحج»، وكل ذلك علاوة على نقصان الأضاحى، باستثناء تلك المهربة عبر الأنفاق من مصر، والتى يرى المواطنون أنها «لا تصلح للتضحية بها لأنها نحيفة وغير مغذية»، إضافة إلى ارتفاع سعرها، حيث يؤكد أحد المواطنين أنه اضطر لبيع مصاغ زوجته من أجل الإتيان بالأضحية. «أبويوسف» قال والدموع تنهمر من عينيه إنه فرح كثيراً عندما فاز فى القرعة بعد 4 محاولات سابقة باءت بالفشل، ولكن «هذه الفرحة تتبدد اليوم بمنع الملعونين لنا من أداء ركن من أركان إسلامنا»، وأضاف داعياً بصوت مجلجل «حسبنا الله ونعم الوكيل، اللهم أهلك كل من منعنا من الحج، وأهلك الظالمين وأرهم أشد عذابك». وما بين قهر الفلسطينى أخاه الفلسطينى، والحصار الإسرائيلى الاقتصادى، لم يلتفت الكثيرون إلى ممارسة رفاهية الشراء، فى ظل ما يعانونه من فقدان العديد من الخدمات الأساسية كالمياه والكهرباء والوقود، حيث تفاقمت أزمة نقص الوقود والعديد من السلع الضرورية. وخلافاً لتلك الأوضاع القاتمة، بثت حركة حماس، الحاكمة فى غزة، تقريراً على موقع «المركز الفلسطينى للإعلام»، الناطق بلسان حال المقاومة، مدعماً بصور وتسجيلات فيديو لمشاركة نشطاء الحركة «فرحة العيد» مع أهالى القطاع، وذلك «ضمن النشاطات الاجتماعية المتميزة التى تنفذها»، وأشار التقرير الذى كان أشبه بتقرير دعائى أكثر منه إعلامى لنقل صورة حية لأوضاع الفلسطينيين داخل القطاع مع قدوم العيد، إلى أنه تم توزيع الهدايا على مختلف الأسر، لاسيما فى المناطق الشمالية، وأن الهدايا كانت رمزية وعبارة عن «علبة من الحلوى، تم تصميمها بشكل سداسى، على كل واجهة ثابت من الثوابت الفلسطينية».