مازالت أعمال القرصنة فى الصومال تسيطر على مساحات كبيرة فى تغطية الصحف الأجنبية والتى تشرح من خلالها المخاطر الجمة التى تتعرض لها الملاحة البحرية مع تزايد خطف السفن وناقلات النفط. وقد حذرت الصحف من أن القرصنة ستزيد من تكاليف النقل وهو ما سيؤثر بدوره على الأسعار. كما تعرضت الصحف لمناقشة قضية نظم الأمان بالسفن فيما وضع البعض حلولاً لمواجهة القرصنة أبرزها حل الأزمة السياسية والاقتصادية فى الصومال وحذرت من استخدام طريق رأس الرجاء الصالح بدلا من قناة السويس - خليج عدن، مشيرة إلى أن القراصنة يستهدفون أيضا هذا الطريق. عندما قامت مجموعة من القراصنة الصوماليين بالسطو على سفينة أوكرانية تحمل 33 دبابة منذ شهرين، كان التعليق على ما فعلوه أنهم مجموعة من المجرمين الذين صادفهم حسن الحظ، إلا أن القراصنة الصوماليين أثبتوا أنهم لا يعتمدون فقط على «الحظ الغبى»، وذلك عندما استولوا على ناقلة النفط السعودية الأكبر فى العالم وبحوزتها حمولة نفطية تتجاوز قيمتها ال100 مليون دولار. وحدثت هذه الواقعة على الرغم من اهتمام القوات الأمريكية وقوات حلف شمال الأطلنطى (الناتو)، ودول أخرى، بتأمين المنطقة التى تسير هذه السفينة فيها. وأثار أسر القراصنة للناقلة السعودية قلق الخبراء من أنه قد يكونون لم يقدروا قدرات القراصنة بالشكل الملائم، مشيرين إلى أنه يبدو أن لديهم قدرات تفوق ما ظنه الخبراء الأمنيون، لاسيما أن عملية اختطاف السفينة تمت على بعد 450 ميلا جنوب المنطقة التى يجرى فيها عادة نشاط القراصنة. ويعتبر مسؤولو البحرية الأمريكية أن قرار القراصنة بتوسيع نطاق عملهم إلى خارج نطاق نفوذهم قرب السواحل الصومالية يجعل من شبه المستحيل السيطرة على هؤلاء القراصنة، لاسيما أنه ثبت أن لدى القراصنة القدرة على الانتظار فى البحر لفترات طويلة للغاية وانتظار مرور سفينة ليقوموا بالاستيلاء عليها. ويشكل الاستيلاء على الناقلة السعودية أيضا إحراجاً للبحرية الأمريكية ول«الناتو» الذين نشروا سفنهم فى المنطقة للرد على أى هجمات يشنها القراصنة فى تلك المنطقة، وذلك استجابة للتصاعد الأخير فى الهجمات فى المنطقة، حيث شن القراصنة حوالى 80 محاولة للسيطرة على السفن خلال العام الحالى، وعلى الرغم من فشل ما يزيد على نصف تلك المحاولات، فإن هذا العدد يوضح النشاط المكثف للقراصنة الصوماليين. وبمجرد أن يتم أسر السفينة فإن مخاطر القيام بعملية لتحرير السفينة المختطفة وطاقمها تكون عالية للغاية، وهو ما يدفع الشركات المالكة فى معظم الأحيان إلى الرضوخ ودفع الفدية، وعلى الرغم من تفكير العديد من شركات الشحن فى تغيير مساراتها لتجنب خليج عدن، فإن ارتفاع التكاليف، وتخوف تلك الشركات من قلة الطلب على رحلاتها، بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية، سيدفع الكثير منها إلى الاستمرار فى المرور فى طريقها العادى، مخاطرة باحتمال تعرض سفنها للاختطاف. ويبدو أن آمال القراصنة بدأت فى التعاظم مع تزايد عملياتهم، وأنهم سيعمدون فى الفترة المقبلة إلى التركيز على السفن الأكبر أملا فى الحصول على مبالغ فدية أكبر، وعادة ما ينفذ هجمات القراصنة قاربان سريعان أو ثلاثة محملة بالمسلحين، إلا أن تقارير «الناتو» تؤكد ازدياد عدد القوارب التى تهاجم السفن وزيادة عدد المسلحين، وهو ما يدل على زيادة قدرة القراصنة على الحصول على معدات ورجال أكثر. ويشير قائد قوات البحرية الأمريكية فى منطقة خليج عدن إلى أنه على شركات الشحن أن تأخذ احتياطات أكبر لدى إبحارها بالقرب من خليج عدن، لاسيما بعد أن أثبت القراصنة الصوماليون قدرتهم على تحديث الأساليب التى يتبعونها فى الاستيلاء على السفن، مشيرا إلى أنه إذا كانت الشركات تعمل على تأمين شحناتها على الأرض فعليها أن تفعل ذلك فى المياه أيضاً. وعلى الرغم من التأثير الإيجابى لانتشار السفن البحرية الغربية فى منطقة القرن الأفريقى، فإن تأثيرها يبدو محدوداً، حيث إن لدى القراصنة باستمرار مكان يؤوون إليه فى ظل الدولة الصومالية التى تكاد لا تكون موجودة، وفى ظل القواعد الصارمة التى تمنع السفن الغربية من الاشتباك مع أى سفينة مشتبه بها ما لم تكن تقوم بالفعل بشن غارة على سفينة أخرى.