لقد أخذ الوقت نحو أسبوع كامل حتى يجنى «قراصنة الكاريبى» 100 مليون دولار من خلال الاستيلاء على السفن العابرة فى هذه المنطقة. فى حين يأخذ قراصنة الصومال أقل من يوم لجمع نفس المبلغ من خلال الاستيلاء على ناقلات النفط التى تعبر السواحل الصومالية، وهو ما يجعل مناقشة قضية القرصنة فى الصومال تحتاج لمزيد من التعمق. فقد استولى قراصنة الصومال على حاملة النفط السعودية سيريوس والتى بحوزتها 2 مليون برميل من النفط الخام فى خطوة تبرز حجم المخاطر التى تحدق بالتجارة البحرية، خاصة أن القاعدة المعروفة تقول «إن زيادة أعمال القرصنة تعنى وجود نظام حماية ضعيف». فقراصنة الصومال استولوا على نحو 95 سفينة فى عام 2008 فقط، وهو عدد يتجاوز أعداد ما تم اختطافه فى السنوات السابقة بكثير. والخطورة من جانب آخر أن تعرض الرحلات البحرية لأعمال القرصنة سيجعلها أكثرة تكلفة. ولمواجهة خطر القرصنة تحتاح السفن لتشديد الخطط التأمينية إلى أعلى مستوى وهو ما سيشكل عبئا ماليا آخر، بالرغم من أن كل المستهلكين لن يشعروا بألم هذه التكاليف كثيراً وذلك بسبب ما تتمتع به اقتصاديات النقل البحرى من نظام مختلف. وهناك 3 مستويات لحماية أى سفينة من أعمال القراصنة، يتعلق أغلبها بأمور إحصائية مثل حجم السفينة، وعدد الطاقم، وطول الرحلة، وطريق النقل، وميناء الرسو. فالمستوى الأول، وهو الأساسى لتأمين السفينة وحمولتها من أى أضرار، والمستوى الثانى ويعرف باسم «سياسة الحرب» وهو يحمى السفينة من أى أعمال عنف، أما المستوى الثالث فيعرف باسم سياسة «الاختطاف والفدية» K AND R وهو موجود فى النظم الملاحية وهو يؤمن ضد الخسائر المحتملة من أعمال القراصنة. وبالتأكيد فإن تكاليف النقل البحرى ارتفعت مؤخرا وخاصة لتلك الرحلات التى تمر فى خليج عدن حيث أصبحت فاتورة التكاليف تشمل الحماية من أعمال القرصنة. فالممر المائى «قناة السويس – خليج عدن» هو الممر الرئيسى لسفينة الشحن القائمة على التجارة بين آسيا وأوروبا، حيث تعبره 20 ألف سفينة فى العام، كما أن الطريق البديل ليس مثاليا، حيث ستضطر السفن إلى أن تبحر بطول الساحل الشرقى لأفريقيا والدوران حول رأس الرجاء الصالح وبعد ذلك الإبحار عبر الساحل الآخر. ويقول المحللون إن طريق رأس الرجاء الصالح سيضاعف مدة إبحار السفن نحو أسبوعين إلى 3 أسابيع أى بزيادة 30% مقارنة بطريق قناة السويس وخليج عدن مما سيؤدى إلى ارتفاع تكاليف الرحلة الواحدة بمئات الآلاف من الدلارات. ومما يزيد الأمور تعقيدا أن سفينة النفط السعودية سيريوس تم اختطافها وهى فى طريقها نحو طريق رأس الرجال الصالح وليس خليج عدن – قناة السويس. ومن جانب آخر، كتب رود نوردلاند فى نيوزويك يشرح كيفية التخلص من كابوس القرصنة فى الصومال، قائلا : هناك وسيلتان لإيقاف هذه الهجمات: إما باستعادة حكم القانون فى الصومال، التى تعد تجسيدا للدولة الفاشلة، أو حصار البلاد وتفتيش كل سفينة تغادر شواطئها. أحد هذين الحلين صعب التنفيذ والآخر واقعى تماما، لكن الحكومات الخارجية رفضت أن تجربه. وقد أثبتت الأسابيع الماضية كم هى صعبة هزيمة القراصنة فى البحار العالية، والذى يبدو أنه النهج الذى اتبعه المجتمع الدولى، فعندما حاولت قوات المارينز البريطانية فى 11 نوفمبر أن تصعد على متن مركب صيد مختطف، فعلوا ذلك وهم يطلقون وابلا من النيران وقتلوا فى العملية أحد الرهائن المحتملين.