الجلاد: على مسؤوليتي.. تغيير 60 % من أعضاء "مستقبل وطن" بالبرلمان المقبل    بدء الجلسة العامة للشيوخ لمناقشة ملف التغيرات المناخية    إجازة عيد الأضحى المبارك 2025 في مصر للقطاعين الخاص والحكومي والبنوك    «التضامن»: انطلاق معسكرات «أنا وبابا» للشيوخ والكهنة لتعزيز دور رجال الدين في بناء الأسرة المصرية    استعدادات مكثفة لمياه أسيوط والوادي الجديد لاستقبال عيد الأضحى    البنك الزراعي المصري يعيد افتتاح فرعه الاسلامي بالمهندسين بعد تطويره    توريد 169 ألفا و864 طنا من محصول القمح لصوامع وشون سوهاج    وزيرا الاتصالات والتضامن الاجتماعي يشهدان توقيع مذكرة تفاهم وبروتوكولين لدعم الشمول الرقمي والمالي    النائب محمود القط يطالب الحكومة بتوضيح خطط التكيف الخاصة بالمناطق الساحلية    محافظ القاهرة: الدولة تولي اهتمامًا كبيرًا بتأمين الاحتياجات الأساسية للمواطنين    تحكي تاريخ المحافظة.. «القليوبية والجامعة» تبحثان إنشاء أول حديقة متحفية وجدارية على نهر النيل ببنها    ضمن الاحتفال بيوم البيئة العالمي 2025.. «فؤاد» تفتتح معرض «إعادة التدوير»    مصدر في الوفد الأوكراني إلى محادثات السلام في إسطنبول: كييف مستعدّة لاتخاذ "خطوات كبيرة نحو السلام"    وزير الخارجية: التصعيد العسكري لا يخدم استقرار المنطقة    أزمة المعادن النادرة تفجّر الهدنة التجارية بين واشنطن وبكين    مصادر طبية فلسطينية: 35 قتيلا بنيران إسرائيلية قرب مراكز المساعدات خلال الساعات ال 24 الأخيرة    محمد سيحا: الانضمام إلى الأهلي لا يحتاج للتفكير.. وأتمنى حصد ميدالية بكأس العالم للأندية    "غصبًا عن الرابطة".. جدو يوجه رسالة بعد فوز بيراميدز بدوري الأبطال    ترتيب الكرة الذهبية بعد فوز باريس سان جيرمان بدوري الأبطال.. مركز محمد صلاح    إنتر ميلان يضع مدرب فولهام ضمن قائمة المرشحين لخلافة إنزاجي    كواليس تسريب امتحان الجبر للشهادة الإعدادية في أسيوط.. وقرارات التعليم كاملة    قيمتها 190 مليون جنيه.. القوات البحرية تحبط محاولة تهريب مواد مخدرة عبر سواحل البحر الأحمر    حملات مكثفة لإزالة الإشغالات والتعديات بمدينة أبوتيج فى أسيوط    ميراث الدم.. تفاصيل صراع أحفاد نوال الدجوى في المحاكم بعد وفاة حفيدها أحمد بطلق ناري    الحكم على المنتجة ليلى الشبح بتهمة سب وقذف الفنانة هند عاكف 23 يونيو    في ذكرى ميلاده.. محمود ياسين أشهر جندي بالسينما المصرية    آن ناصف تكتب: "ريستارت" تجربة كوميدية لتصحيح وعي هوس التريند    قبل طرحه.. ماذا قال محمود حجازي عن فيلم "في عز الضهر"؟    "الإغاثة الطبية" بغزة: الاحتلال يستهدف كل شىء بلا تمييز ولا مكان آمن بالقطاع    الأربعاء.. قناة الوثائقية تعرض الجزء الثاني من فيلم «الزعيم.. رحلة عادل إمام»    دعاء للأم المتوفية في العشر الأوائل من ذي الحجة «ردده الآن» ل تضىيء قبرها    بعد عقود من "الرعب".. وزير الصحة يتحدث عن إنجاز السيطرة على الفيروسات الكبدية    رئيس الوزراء يُتابع جهود اللجنة الطبية العليا والاستغاثات خلال شهر مايو الماضي    المدير التنفيذي: أنجزنا 99% من مشروع حدائق تلال الفسطاط    تفاصيل مظاهر احتفالات عيد الأضحى عبر العصور    تعليم دمياط يطلق رابط التقديم للمدارس الرسمية والرسمية لغات    "الكورة اللي بيلعبوها اختفت".. مالك وادي دجلة ينتقد طريقة لعب بيراميدز    السعودية: أخرجنا أكثر من 205 آلاف شخص من مكة حاولوا الحج بلا تصريح    هيئة الشراء الموحد: إطلاق منظومة ذكية لتتبع الدواء من الإنتاج للاستهلاك    وزير الصحة: 74% من الوفيات عالميًا بسبب الإصابة بالأمراض غير المعدية    الخانكة التخصصي تنقذ حياة رضيعة تعاني من عيب خلقي نادر    تكريم الفائزين بمسابقة «أسرة قرآنية» بأسيوط    22 سيارة إسعاف لنقل مصابي حادث طريق الإسماعيلية الدواويس    الإصلاح والنهضة: صالونات سياسية لصياغة البرنامج الانتخابي    المخابرات التركية تبحث مع حماس تطورات مفاوضات الهدنة في غزة (تفاصيل)    حكم الأخذ من الشعر والأظفار لمن أراد أن يضحي؟.. الإفتاء تجيب    «من حقك تعرف».. ما إجراءات رد الزوجة خلال فترة عِدة الخُلع؟    رئيس التشيك: نأمل في أن تواصل قيادة بولندا العمل على ترسيخ قيم الديمقراطية    بركات: بيكهام مكسب كبير للأهلي ووداع مستحق لمعلول والسولية    موعد عودة الموظفين للعمل بعد إجازة عيد الأضحى المبارك 2025    زلزال بقوة 6.3 درجة يضرب قبالة سواحل هوكايدو شمالي اليابان    مجلس الأمن الأوكرانى : دمرنا 13 طائرة روسية فى هجوم على القواعد الجوية    الرئيس السيسي يهنئ مسلمي مصر بالخارج بحلول عيد الأضحى المبارك    4 أبراج تتسم بالحدس العالي وقوة الملاحظة.. هل أنت منهم؟    أمين الفتوى: صلاة الجمعة لا تتعارض مع العيد ونستطيع أن نجمع بينهما    هل حقق رمضان صبحي طموحه مع بيراميدز بدوري الأبطال؟.. رد قوي من نجم الأهلي السابق    قرار جديد من الزمالك بشأن المدرب الجديد.. مدحت شلبي يكشف    رئيس حزب الوفد في دعوى قضائية يطالب الحكومة برد 658 مليون جنيه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السيد المذيع.. ومعجبوه
نشر في المصري اليوم يوم 23 - 11 - 2008

فى أعقاب الكشف عن مقتل سوزان تميم، استضافت «شاشتنا القومية» رجل الأعمال والسياسى الشهير المتورط فى الجريمة، ومعه أحد «رجال الخير» من خلصائه، فى محاولة مكشوفة للغاية لغسل سمعته، وإعادة بيعه لنا ك «اقتصادى وطنى» و«وجه من وجوه العطاء والشرف».
وبدا السيد المذيع مجتهداً فى محاولة «تلميع» الضيف، معدداً مزاياه ومناقبه، ومندهشاً من حجم «أعمال الخير» التى ينفذها ويعلنها، ومبتهجاً ومستبشراً ومستحسناً أفعال الرجل. وفى ذروة إعجاب المذيع بعطاء الضيف وسخائه، طلب إليه على الهواء (هوائنا) أن يقبل انضمامه إلى «قافلة الخير»، وأن يتيح له فرصة «المشاركة فى أحد أعماله النبيلة».
حاولت مرة أن أحلل خطاب هذا المذيع، وأرصد أكثر العبارات تكراراً وتردداً فى كلامه؛ فوجدت عبارتين تترددان باستمرار؛ هما: «أنا رأيى»، و«أنا شخصياً»، وكثيراً ما ينهى حديثه مع أحد الضيوف قائلاً: «الآن فرغ دورى كمذيع، لكن دعنى أقول لك بشكل شخصى..».
مذيع آخر يتحدث إلينا من خلف مكتبه وأمامه أربع قبعات يبدلها سراً وعلانية؛ واحدة لسياسى ونائب فى البرلمان، وثانية لمسؤول كروى رفيع، وثالثة لنجم رياضى سابق، ورابعة لزعيم مناطقى لا يشق له غبار.
 الرجل يستخدم «شاشاته» ويتلاعب بنا جميعاً، مفتئتاً على كل معيار أو منطق، فيشن حروبه، ويرهب أعداءه، ويقهر خصومه، ويبنى مصالحه، ويخلط بين أدواره حسب الطلب، ليضخم نفوذه ويبنى أمجاده على حسابنا.
أما هذا المذيع، فقد تلبسته روح زعيم قومى وخطيب سياسى وناقد اجتماعى ومحتكر أوحد للحقيقة. يطل الرجل علينا عبر شاشة خليجية بكلام محفوظ ومعد سلفاً، يحرص على أن يجعله يبدو مرتجلاً. يجلد الجمهور كأى صاحب سلطة، أو اى سادن فى سجن.
 وفى غزوته الأخيرة، تخير سياسياً عربياً وحكم عليه بالخيانة ووصفه ب«المجرم»، واصطفى سياسياً آخر، واعتبره مخلّصاً وطنياً وأفضل من صلاح الدين. وليت الأمر انتهى عند هذا الحد، لكن الرجل شن هجومه على الأمة العربية كلها، ووصفها بما يلى نصاً: «أمة جاحدة ناكرة ذليلة تلفانة عدمانة أونطة... كانت أمة محمد، فصارت أمة مهند».
وفيما يصر هذا الأخير على لعب دور الزعيم حامى الوطنية والقيم ومحتكر الحقيقة ومعلم الناس، يعتقد مذيعنا الرابع أنه نجم كوميدى خفيف الدم موهوب. ينقل الرجل أسوأ ما أتت به كوميديا «الفارس» من تكنيكات «قلب المواقف» و«التكرار» والإفيهات المأفونة، ويتحفنا بها عبر شاشته المشفرة. يخلط العام بالخاص، ويتجاوز حدود اللياقة، ويمارس الابتذال بدأب، ويبقى أهم ما يميزه محاولته لعب دور «الساذج» و«المندهش دائماً».
أما هذا المذيع فنجم فوق العادة، ساعده خواء الصناعة وضيق أفقها على الارتقاء مرتقى صعباً، فبات علماً زاهراً ونجماً محورياً برأسمال محدود ومعطوب. ثمُل الرجل بأضواء الشهرة، فتحول قائداً سياسياً وسلطاناً للخير فى آن. وفى إحدى شطحاته، شن حرباً شعواء على وزير مأزوم مطالباً بإطاحته.
بات الرجل أكثر من رئيس جمهورية، وأحكم من عالم، وأعدل من قاضٍ، فأصبح يعطى الأوامر، ويفرز الصح عن الخطأ، ويصدر الأحكام، ويعفو ويدين، ويمنع ويمنح، فيما هو جالس أمام الكاميرات.
تقول الأكاديمية إن المذيع فى برامج الأحداث الجارية يجب أن يحافظ على الحياد، ببقائه على مسافة واحدة من جميع أطراف القصة التى يعالجها، وألا يخلط الرأى بالخبر، وألا يظن أبداً أنه الوحيد الذى يعلم الحقيقة، أو يمتلك القدرة على تصحيح الناس.
وتؤكد المعايير المهنية أن المذيع يجب أن يحافظ على «التقديم الواقعى» طيلة برنامجه، وألا تظهر ذاته أبداً، أو ينم عما يكشف مواقفه أو آراءه أو توجهاته، وأن أفضل ما يمكن أن يفعله صحفى تليفزيونى أن يتخير أفضل القصص، ويشخص أطرافها تشخيصاً دقيقاً، ثم يختار أفضل المصادر المعبرة عن تلك الأطراف، قبل أن يتيح لها الفرص العادلة، لتعبر عن مواقفها تعبيراً حراً مسؤولاً فى إطار من النزاهة والتوازن.
 ثمة إشكال وخصومة يظهران، الإشكال يتعلق بما يحققه هؤلاء المذيعون من رواج ومجد فى وقت يناقضان فيه كل قيمة مهنية أو معيار احترافي، حيث يقدمون أداءً يصلح للتدريس فى معاهد الإعلام بوصفه «مجمل الأخطاء التى يمكن أن يقع فيها مذيع».
 أما الخصومة، فلا تنشأ مع الدولة التى تمتلك بعض محطات هؤلاء المذيعين؛ إذ أثبتت مراراً تبديدها لكل قيمة أو معيار، ولا للقائمين على تلك الأجهزة الإعلامية، الذين يستسلمون لسطوة «النجوم» وخطاياهم المهنية، ولا للزملاء الصحفيين الذين يعملون فى برامجهم، فيتخلون عن تقاليد العمل ويهملون السياسات والأدلة ويتساهلون فى سلب أدوارهم واستبعاد وجهات نظرهم، لكن الخصومة تنشأ مع الجمهور الذى صنع مجد هؤلاء وروّج لهم.كل «موزاً»، وابق «كوولاً»، وبع عقلك لأنصاف متعلمين وحواة، وتلق الإهانة والتجريح من مصابى جنون العظمة، واسمح للمنتهزين ببيع شاشتك وبيعك أنت شخصياً على الهواء، طالما كنت من معجبى السيد المذيع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.