على طريقة اللى تحسبه «موسى» يطلع «فرعون»، واللى تحسبه «ابن رشد» يطلع «ابن تيمية»، هالنى تصريح الدكتور عبدالرحمن البر، مفتى جماعة الإخوان، فى «اليوم السابع»: «لا يجوز شرعاً تهنئة الأقباط بعيد القيامة...». للأسف صورة طبق الأصل من فتوى هيئة «خيرت الشاطر» الشرعية للحقوق والإصلاح: «لا تحل مشاركة أو تهنئة غير المسلمين فى المناسبات الدينية، وأن الأصل فى الأعياد الدينية أنها من خصوصيات كل ملّةٍ ونحلةٍ، فالمسلمون لا يعتقدون فى صلب السيد المسيح عليه السلام ولا يحل لهم بحال التهنئة بقيامته المدعاة...». مشكوراً الإمام الأكبر الطيب استبق بالتهنئة، فيه الخير، ولا تثريب على الشاطر وهيئته، لا ننتظر منهم خيراً، ولكنى أتوقف ملياً عند فتوى الدكتور البر، ليس بحسبه مفتى جماعة الإخوان، ولكن لأنى رأيت منه قولاً عجباً مخالفاً لدراسته الفقهية المنشورة على «إخوان أون لاين» والتى قال فيها: «والقول بأن الحضور فى حفل التنصيب أو التهنئة بأعيادهم ومناسباتهم حرام، باعتبارها ذات عَلاقة بعقيدتِهم فى ألوهيّة عيسى عليه السلام أو بنوَّته لله (تعالى الله عن ذلك علوًّا كبيراً) هو محض خطأ، فعقيدتنا هى عقيدتنا التى نتعبَّد الله بها، ولا نغيّر ولا نبدّل بفضل الله فى شىء منها، كما أن الحضور والتهنئة لا تعنى اعتناق عقيدتهم أو الرضا بها، أو الدخول فى دينهم، وإنما هى نوع من البر». ويذهب «البر» فى بره بإخوة الوطن ويقول: «وأما المنقول عن الإمامين ابن تيمية وابن القيم من ادعاء الاتفاق على تحريم تهنئة غير المسلمين فأمر محل نظر، وهى فتوى فقهية، قد تصلح لعصرها الذى كان مليئاً بالحروب الصليبية والغزو التتارى، حيث كان أى تهاون يعنى الرضا بالمحتل، ومن ثمّ فربما كان اختيارها الفقهى هو الذى يحفظ للمسلمين عقيدتهم أمام الأعداء، أما فى هذا العصر- وفى مصر بالذات حيث العيش المشترك فى وطن واحد يجمعنا- فالأمر مختلف». ويقول باراً بإسلامه: «ويؤيد الإباحة التى ذهبتُ إليها أن القرآن أجاز مؤاكلتهم ومصاهرتهم، وذلك أكبر من التهنئة بأعيادهم أو مناسباتهم، ومن لوازم هذا الزواج وثمراته: وجود المودة بين الزوجين، والمصاهرة بين الأسرتين، فهل يُتَصور فى الإسلام الذى أمر بالبر وبصلة الأرحام والمصاحبة بالمعروف أن تمرَّ مناسبة لهؤلاء الذين تزوج منهم المسلم وصاهرهم دون أن يهنئ الزوج بتلك المناسبة زوجته وأصهاره، أو دون أن يهنئ الابن أمه وأجداده وأخواله وخالاته وأولادهم وغيرهم من ذوى قرابته لأمه؟». ويمضى فى سبيل الله : «أما القول بأن الحضور عندهم أو التهنئة تعنى الرضا بعقائدهم فعجيبة حقًّا! أَلَسْنا نتزوج منهم فنسمح للمرأة بأن تمارس عقيدتها وعبادتها فى بيتها وأمام أولادها، ويصحبها زوجها أو أبناؤها إلى الكنيسة لتمارس عقيدتها وعبادتها؟ فهل الاستجابة لدعوتهم لحضور حفل تنصيب البابا أو المبادرة بتهنئتهم بعيد الميلاد هى أعظم من الزواج بنسائهم ومن السماح بإنشاء مكان تقام فيه مراسيم الاحتفال ويقام فيه العيد ويمارسون فيه شعائرهم؟ على أن من العجيب حقًّا أن ترى بعض القائلين بالمنع من الحضور أو التهنئة يدعون إلى حماية الكنائس، ويعلنون استعدادهم للقيام بذلك؟ فأيهما أظهر فى إفادة الرضا، الحماية أم التهنئة؟». شتان ما بين البر فى «اليوم السابع»، لا يختلف فى قليل أو كثير عن الشاطر، والبر فى «إخوان أون لاين»، قريب الشبه بفضيلة الإمام الأكبر، صحيح اللى تحسبه «الطيب» يطلع «شاطر»، فعلاً الشيطان شاطر!