استطاعت أم الشحات الدلالة أن تغير من أنماط سلوكيات أهل الحارة الاستهلاكية.. أصبحت أم الشحات تعيش على جيوبهم بشراء الكماليات, تبعاً للسلع التى تملأ صدرها بالربح حتى إذا طلب ابنها الشحات حيلتها المدلل, أى شىء (دبت يدها فى صدرها) وأعطته ما يطلب وهى تهمس لجارتها أم مريم: - إلا ابنى.. ما احبش أحرمه.. إشمعنى عيال الناس؟.. كلهم بيلبسوا اللى جاى من برة كله.. لازم الشحات يبقى قيمة وسيما!! وتغيرت لغة الكلام فى الحارة بعد أن أصبح زمام اقتصادهم واستهلاكهم بين يدى أم الشحات.. الملابس الداخلية أصبح اسمها (أندر) والفانلة أم نص كم أصبح اسمها (بادى) وعلبة العصير أصبح اسمها (جوس) ويا ويله ويا ويلها اللى يقولوا غير كده، يصبح (بيئة) وخارج حدود حارة الديك ومش مننا!! أم الشحات غيرت سكان الحارة اجتماعياً بالمظهر واقتصادياً بالدين!! لذلك حتى يغطوا المظهر أصبح الكل زبائن أم الشحات، فعندها تغيرت لغة الكلام وتغير أسلوب الملابس وأصبحت كل البنات مثل إليسا وهيفاء وهبى وكل الشباب مثل عمرو دياب وتامر حسنى. وماذا تفعل أم سعادة لتجعل ابنتها ترتدى مثل هيفاء وهبى وتضع نفس كحلها وأحمر خدودها؟.. لقد غيرت أنماط استهلاك الطعام وهو الشىء الذى لا يراه الناس.. أصبحت تطبخ أرزاً بالطماطم وتعطى ثمن اللحمة -لو وجدت- لسعادة لتشترى به (بادى) أو (منطلون جينس) وثانى يوم تطبخ بطاطس قرديحى وتدى للواد عمرو -على اسم عمرو دياب- يجيب نضارة م الكبيرة اللى ع الموضة (الواد ياعين أمه ما يطقش الشمس). أما زنوبة، أم محمد العتر، فهى تطبخ ملوخية بالفول المدشوش كأنه قوانص وتشترى للمزغودة الصغيرة شريهان كاسكتة زى بتاعة شيرين آه يا ليل. وهكذا تختصر سيدات الحارة من الطعام ليشترين ما يغرى الأولاد من الفضائيات، وليس هناك رسالة إعلامية تنبه أو تعدل الميزان.. أو تنقذ المجتمع من التردى فى هذا وذاك! كل يومين تلاتة اختصار للغذاء لشراء أشياء من أم الشحات والباقى ع النوتة! ويصاب العيال بالأنيميا ويغمى على البت سعادة وهى فى الأتوبيس رايحة المعهد ويقع الواد عمرو فى الفصل دايخ من الهزال، فى إيده الموبايل وعلى عينيه النضارة اللى أكلت نصف وجهه.. ويصاب الشباب بفساد الأداء فى كل موقع وأم الشحات لا تشبع وتتسع بضاعتها من سوق العتبة، التى يبيعون فيها العلامات الخاصة (بالسينييهات) لتوضع على أى بضاعة! مرة من وكالة البلح ومرة من سوق العتبة.. المهم كله موجود.. وهكذا أصبح الاقتصاد موجهاً فى حارة الديك لبضائع أم الشحات ولأمزجة الجيل الجديد وكل ما يلقى عليهم من التليفزيون وما يغريهم فى الشارع! وفى قصص الحب فى الجامعة، تقف بنت أم حنفى على أول شارع خيرت لتترك حبيبها حتى لا يعرف عنوانها وتقول له: خالى ساكن هنا.. روّح بأه! وتدب المشوار حتى حارة الديك فى آخر شارع السد، حتى لا يعرف أين هى ولا كيف تعيش؟.. لأن مظهرها كله (سينييه).. وكلهم فى الجامعة نسخة واحدة! وهكذا سيطرت نظرية أم الشحات ومدرستها الاقتصادية على الحارة ومجتمعها فى تغيير اجتماعى قشرى لا يسعد، تماماً كما غيرت مدرسة الحزب الوطنى الاقتصادية مصر كلها.. بسلع وتوكيلات شركات عالمية لسيارات وثلاجات وأجهزة تكييف.. كل على هواه وما يريد ترويجه من أجل حياة أعلى وأعلى.. كل على هواه ساونه فى البيت، فيلا فى مارينا أو أحياناً فى نيس أو كان، وجاكوزى فى المكتب و«أراضى» ببلاش وإعلانات ع النوتة فى الجرائد وكل من يملك ألف جنيه فى الشهر يجوّع العيال ويركب عربية. . وإذا تأخر القسط يأخذون منه السيارة الحلم أو يتحول إلى حرامى مثل شرف فتح الباب.. اللصوص الصغار أصبحوا مستنسخين لتحقيق الأحلام المستحيلة.. أنماط الاستهلاك ارتبطت بطبيعة ما يتاجر فيه رجال الأعمال.. بيت.. فيلا فى بورتو سخنة.. سياحة اليخوت، سافر إليه ناس لا يعرفون ما هو اليخت وهل هو يخت أم تخت؟! تغير الناس، أصبح رجل الأسرة يعمل سلفة على مرتبه من أجل قضاء أسبوع فى مارينا.. العيال عاوزة كده! والمجتمع أصبح مثل مسابقات شد الحبل.. رجال الأعمال والمليونيرات من ناحية وما يريده الشباب من ناحية أخرى. الشىء الوحيد الذى لم يتغير فى بلادنا هو المدافن.. القرافة.. لأن المستثمرين لم يفكروا بعد فى تغيير أنماط المدافن وموديلات الأكفان.. لا تنسوا أم الشحات فهى خير معين على الكتابة لكم!