إذ كنتم لا تذكرون أم الشحات فهى تلك المصرية الفهلوية الشقيانة، التى تسكن حارة الديك فى السيدة زينب، وترملت على ولد عاش لها من صغار ماتوا فأطلقت عليه الشحات ليعيش.. ذكاؤها يتنامى دوماً، حتى أصبحت تجارتها ضرورة لكل أفراد الحارة من (البامبرز) المضروب من سوق الجملة لرضع المدرسات، وصولاً لحبوب الفياجرا المهربة إلينا من كل منافذ مصر برية وبحرية وجوية، مروراً لطرح المحجبات و(منطلونات الجينس) للبنات والصبيان. استطاعت أم الشحات أن تشترى لابنها «توك توك» وتأخذ له ترخيصاً من الحاج أبوقورة الذى يداين الجميع، ويعمل بالمقاولات المضروبة يعلى لهذا دوراً مخالفاً ويأتى للثانى برخصة مخالفة ويستعد للانتخابات حيث يلعب بالفلوس لعب، ويصبح قبلة الناخبين وأمل مرشحى الحزب، وعدته للوصول إلى الحصانة اللى ما يغلبها غلاب! أم الشحات طمعت تغير ال«توك توك» لابنها بعد أن هراه الشكك لضعفه أمام البنات.. طمعت أمه أن تغيره بسيارة نصف نقل تشتغل بين الجبل والقرافات فى نقل الأنفار!! وفى سبيل ذلك باعت حلقها بأوامر من أبوقورة وجمعت كل ما كان لها من ديون لدى الزبائن وضاع كله مع أموال ناس ياما فى حكاية البوشى والبورصة وما البورصة... اشترت أم الشحات فور بيعها حلقها وقبل أن يراها سكان الحارة بدونه اشترت حلق قشرة الجمل ووضعته فى أذنها بسرعة، بعد أن اختارته أكبر ونظام ثانى، حتى يعرف الجميع أنها باعته زيادة فى المال وليس لأنها معذورة.. وقعت مغشياً عليها فور سماع خبر ضياع فلوسها.. ولكنها توازنت بسرعة ووصلت فهلوتها إلى جلب شغالات من البلد والسوق مشى معاها حلاوة!! وعرفت ملعوب السماسرة.. خد السمسرة وبعدها بشوية انقل البت دى من الهرم للزمالك للمعادى ولبس طاقية ده لده.. والبت المصرية بألف جنيه اشمعنى السودانية والإثيوبية بربعميت دولار يعنى ألفين وشوية السمسرة نصف شهر ولو طلعت مش عاجبة الزبون يجيب غيرها مرتين بنفس السمسرة.. والملاعيب كثيرة، مرة البت جالها عريس فى يوم الإجازة وراحت لعدلها ومرة أبوها رقع أمها علقة ومش عاوزها تطلع الشغل، ومرة شكوى م البيه الصغير عاكسها بالليل.. ومرات ومرات الأكل مش عاجبها.. ولكن فهلوة أم الشحات لا تنتهى ونهمها للمادة والسيطرة على أهل الحارة وجرهم من حاجة إلى حاجة بسلوكيات جديدة تجعلهم أسرى لها وكله ع النوتة وآخر الشهر لا يهرب منها أحد. أما الشحات فقد كبر وترك المدرسة بعد أولى إعدادى يدوب يفك الخط ويكتب اسم أمه واسمه ويستقرا الكمبيالات.. واتعلم يسرق سلك الدش ويجيب الجزيرة والأفلام كلها العريان والمتغطى ومحطة اقرأ وقناة الناس.. الشحات حبّيب من يومه وضارب راسه أكسوجين.. وأمه يتّسع وجهها وتتسع ابتسامتها كلما مر أمامها ولا تتورع عن ضرب روسية لمن يتعرض لابنها. أم الشحات سمعت بالذهب الصينى اللى بيلعلع فى العتبة ولا تفرقه فى لمعته وأشكاله عن الذهب المصرى واللظام الهندى فى الغوايش والسناسل.. اشترت أم الشحات حتتين ذهب صينى.. ومع كل حتة تمنها ووزنها وأول ما عرضت البضاعة بتمنها المغرى وبتقسيط أم الشحات.. ظهرت الحلقان الجديدة والغوايش والسناسل فى آذان وأيدى وصدور المدرسات وإلا الذهب الصينى (بيلعلط) وإذا طالته الميه يزداد لمعاناً. وفجأة نشرت الجرايد خبراً عن الذهب الصينى ليس له دمغة ولا يساوى (بريزة) وجاءت النسوان والبنات يخلعن ما اشترين من أم الشحات وهى تردد هنا وهناك: - يا أختى ده كلام جرايد.. زى الولية اللى ولدت عيل براسين وهيه صورة عاملينها تلظيم الأسرة علشان يقطعوا خلف النسوان. - يا اختى ما تصدقيش ده كلام جرايد.. أعدم الشحات اللى باشوف الدنيا من عنيه.. ذهب ذهب.. ده حتى الحكومة هيه مدخلاه البلد.. وجاى م المطار ع السوق!! وترد إحداهن: - يا أختى الحكومة بتدخل كل حاجة.. هيه خاسس عليها إيه؟.. علشان تلهينا عن الغلا وخلاص. وترد أم الشحات: - اسكتى يا وليه خليكى محضر خير.. لازم تولعيها نار. ولا تسكت الولية وتستعين بزهيرة.. وتصبح عركة تصل لقسم السيدة زينب ويحجزوا النسوان فى القسم ويجىء الشحات جرى: - اجرى يا واد لأبوك أبوقورة قول له ييجى يخلصنا.. قوله أمى بتقولك نص نسوان الحارة فى القسم.. قوله حتحتاجهم فى الانتخابات قدم السبت تلقى الحد. وترفع يديها بالدعاء: - توبة يارب من دى النوبة.. كنت كاملة من مجاميعه ما لقتش غير الذهب الصينى؟ وهكذا تصبح الحارة كل يوم فى سلوكيات جديدة كلما وصلت بضاعة جديدة.. وبلا دراسة ولا علم نفس تسيطر أم الشحات على اقتصاديات الحارة.. مثلها مثل الحديد والأسمنت وأنفلونزا الخنازير.. ماهى بلد تهيج بالنهار وتنام بالليل تصحى ع الفول أبو خمسين قرش وصل لجنيه ونص.. وبكرة يتباع فولة فولة.