أمين تنظيم تحالف الأحزاب المصرية: ثورة 23 يوليو علامة فارقة في تاريخ مصر الحديث    محافظ القليوبية يعقد اللقاء الجماهيري للاستماع إلى مشاكل المواطنين    طلبات لتوفير فرص عمل وشكاوى حول توصيلات الصرف الصحي في لقاء جماهيري بمحافظة القليوبية    الذكاء الاصطناعى فى القضاء.. هل يحقق العدالة ؟    لا فرصة للسلام| أمريكا تهدد إيران بضربات جديدة.. وطهران: لن نتخلى عن تخصيب اليورانيوم    لا خروقات في وقف إطلاق النار بالسويداء    «زي النهارده» في 22 يوليو 1905.. «هاكون السابع» ملكًا على النرويج    الزمالك يدرس التراجع عن صفقته الجديدة    فرحة بطنطا داخل منزل الأول علمي علوم على مدارس المتفوقين في الثانوية العامة    أبو.. عن ألبوم «توبة»: «الناس هاتتخض»| فيديو    «الصامت الضاحك».. أحمد نبيل يتحدث عن رحلته في فن البانتومايم وقرار الاعتزال    نانيس أيمن تكتب: المهرجان القومي للمسرح المصري في دورته 18 هل يحقق أهدافه أم لا؟    كوبليه رحيم المحذوف.. تامر حسين ينشر كواليس لأول مرة من «الذوق العالي» (فيديو)    محافظ المنيا يوجه بتوفير كرسي متحرك لمريض خلال جولته بمستشفى الفكرية التخصصي بأبو قرقاص    حالتان يجوز فيهما إفشاء الأسرار.. أمين الفتوى يوضح (فيديو)    تعليم دمياط يضع اللمسات الأخيرة لاستقبال طلاب الخدمات بالمدارس الثانوية    3 أطعمة لخفض الكوليسترول يجب إضافتها إلى نظامك الغذائي    استشاري تغذية علاجية: «الفاكهة خُلقت لتؤكل لا لتُشرب»    رئيس مجلس الشيوخ: حاولنا نقل تقاليد العالم القضائي إلى عالم السياسة    بالفيديو.. رقص محمد فراج وريهام عبدالغفور من كواليس "كتالوج" وبسنت شوقي تعلق    اعتماد أولى وحدات مطروح الصحية للتأمين الشامل.. وتكامل حكومي - مجتمعي لرفع جودة الخدمات    أوكرانيا تراهن على الأصول الروسية والدعم الغربي لتأمين الإنفاق الدفاعي في 2026    هل يجوز الوضوء مع ارتداء الخواتم؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    أمين الفتوى: الإيذاء للغير باب خلفي للحرمان من الجنة ولو كان الظاهر عبادة    أهم أخبار الكويت اليوم.. ضبط شبكة فساد في الجمعيات التعاونية    الجريدة الرسمية تنشر قرارين للرئيس السيسي (تفاصيل)    «انتهت رحلتي».. نجم اتحاد طنجة يوجه رسالة إلى جماهيره قبل الانتقال للزمالك    هل يواجه المستشار الألماني ضغوطا لاتخاذ موقف أكثر صرامة تجاه إسرائيل؟    تير شتيجن يغيب عن جولة برشلونة الآسيوية ويؤجل قرار الجراحة    انطلاق المبادرة الوطنية للتطعيم ضد السعار من الإسماعيلية    «في فرق كبير والتاني بيستخبي».. عبدالحفيظ يعلّق على تصرفات إمام عاشور وفتوح    وزير قطاع الأعمال يبحث مع هيئة الشراء الموحد التعاون بقطاع الأدوية والمستلزمات الطبية    أدعية لطلاب الثانوية العامة قبل النتيجة من الشيخ أحمد خليل    الداخلية تواجه سرقة التيار الكهربائي ب4120 قضية في يوم واحد    حملات مكثفة على مخابز الوادي الجديد ومتابعة تطبيق مبادرة حقك بالميزان    وزيرة التخطيط تلتقي ممثلي شركة ميريديام للاستثمار في البنية التحتية لبحث موقف استثمارات الشركة بقطاع الطاقة المتجددة    انتظام محمد السيد في معسكر الزمالك بالعاصمة الإدارية    نقابة أطباء قنا تحتفل بمقرها الجديد وتكرم رموزها    البورصة المصرية تخسر 12.5 مليار جنيه في ختام تعاملات الثلاثاء    مصرع دكتور جامعي وإصابة 5 من أسرته في حادث مروع بالمنيا    الصحة: إغلاق خمسة فروع لعيادة "بيلادونا ليزر كلينك" للتجميل والعلاج بالليزر    «هو لازم تبقى لوغاريتمات».. شوبير ينتقد الزمالك بسبب عرضي دونجا وصبحي    افتتاح نموذج مصغر للمتحف المصري الكبير بالجامعة الألمانية في برلين (صور)    حملة دعم حفظة القرآن الكريم.. بيت الزكاة والصدقات يصل المنوفية لدعم 5400 طفل من حفظة كتاب الله    مصر وفرنسا تبحثان سُبل تعزيز التعاون في مجال الطيران المدني    تنسيق كلية تجارة 2025 علمي وأدبي.. مؤشرات الحد الأدنى للقبول بالجامعات    بعد أيام.. موعد وخطوات ورابط نتيجة الثانوية الأزهرية    فيلم الشاطر ل أمير كرارة يحصد 22.2 مليون جنيه خلال 6 أيام عرض    خاص| دنيا سامي: نفسي أعمل "أكشن كوميدي".. ومبسوطة بنجاح مصطفى غريب    طقس السعودية اليوم الثلاثاء 22 يوليو 2025.. أجواء شديدة الحرارة    استخراج جثامين طفلين من الأشقاء المتوفين في دلجا بالمنيا    الخطيب يطمئن على حسن شحاتة في لفتة إنسانية راقية    وزير الخارجية يسلم رسالة خطية من الرئيس السيسي إلى الرئيس النيجيري    العش: معسكر تونس مفيد.. ونتطلع لموسم قوي مع الأهلي    وزير خارجية فرنسا: ما يحدث في غزة فضيحة.. ولا مبرر لعمليات إسرائيل العسكرية    «حرب الجبالي» الحلقة 43 تتصدر التريند.. أسرار تنكشف وصراعات تشتعل    10 تيسيرات من «الداخلية» للمُتقدمين للالتحاق بكلية الشرطة 2025    من الهند إلى أوروبا.. خطة سرية كبرى بين نتنياهو وترامب لليوم التالي بعد إنهاء الحرب في غزة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أم الشحات و«دوخة» معاش مبارك
نشر في المصري اليوم يوم 22 - 12 - 2008

أم الشحات وابنها الوحيد الذى بقى لها بعد فقدها الأربعة أبناء، ثم فقد أبيه سيد البطل الذى وقع قتيلاً فى شارع خيرت، وهو يقوم بدهان حائط لأحد الإعلانات.
أم الشحات التى كسرت صباها على ابنها اليتيم، استطاعت أن تخضع حارة الديك بالسيدة زينب لها، حيث تحول الجميع إلى مستهلكين لبضائعها، التى اتخذت من شباك شقتها الصغيرة نافذة عرض لها والباقى داخل البيت. أم الشحات غيرت سلوكيات حارة الديك بالسيدة زينب تبعاً لما تعرضه من بضائع، وأصبحت الحارة كلها جنباً إلى جنب مجرد أسماء مدونة فى النوتة وأمامها أرقام الديون.
أم الشحات عقلية اقتصادية، فلابد من سقف وغطاء تستدين منه لتشترى ما تريد ضخه فى عقول الحارة الاستهلاكية، وجدت ضالتها فى أبوقورة الذى يعمل فى المقاولات ويداين الجميع مثلها أيضاً ببناء الأدوار المخالفة، ويساعد فى الحصول على التراخيص وعمل ترميمات للمنازل الآيلة للسقوط.. (صلبة) لكل حائط.. ويجىء مسؤول الحى ليأخذ المعلوم ويثبت أن العمارة فل الفل وزى الحديد.. ولما تقع يكون انتقل إلى أعلى.
أم الشحات تأخذ من أبوقورة مبالغ على النوتة، وتدور الدائرة فى الحارة، فالكل مدين لأم الشحات وهى مدينة لأبوقورة، وبعضهم مدين لأبوقورة أيضاً، أى أن الجميع يدورون فى فلك أم الشحات وأبوقورة.
أم الشحات قوية جداً إلا أمام طلبات ابنها الشحات، وكلها طلبات يرتفع ثمنها مع تغيير أحلام الشحات.. منذ أربعة أشهر اشترت له (موتوسيكل) وداخت السبع دوخات مع عبدالله أبوسعد العجلاتى لتحصل على موتوسيكل مستعمل بالتقسيط، وأقنعها الشحات بأنه سوف يستعمله فى توصيل العيال للمدارس، وحيدفع القسط من أجور توصيل العيال..
وأصبح يوصل كل يوم ستة عيال الصبح وستة يرجعهم الظهر.. لكنه لم يدفع القسط (أصل اشتريت يا امه للموتوسيكل فانوس مرشيدس).. (معلش يا امه الشهر ده أصل حسافر يومين شرم الشيخ مع أصحابى). وهكذا، ويحن قلبها وتدفع القسط وتتحايل فى بيع كل شىء وتأخذ (الفياجرا) من أبونبيلة اللى رايح جاى من ليبيا وتبيعها برضه على النوتة لكن آخر الشهر بتجمع.
ولا ينتهى دلع الشحات عند (الموتوسيكل) بدأ يطلب منها (توك توك).
- والله يا امه حيأكلنا شهد.. ده بياخد خمسة مزنقين وأربعة مرتاحين.. وألقط الناس الواقفة عند الميكروباظ أو اللى متشعلقين فى الأتوبيس وأوصلهم، بس هاتى لى يا امه المقدمة وأنا المرة دى حادفع القسط.
- ياواد غلبتنى.. كلامك فارغ ولا بتصدق أبداً.
ولا يتحايل الشحات كثيراً فإن قلبها يرق بسرعة ونامت ليلها تفكر كيف تدفع مقدمة التوك توك.
فى الصباح كانت الفكرة لمعت.. ليس أمامها غير أبوقورة وهى لا تتأخر فى دفع أقساطه أبداً، وكعادة أبوقورة رفض أولاً رفضاً باتاً، ثم علت عليه عادة شهامة أولاد البلد ذات المردود المادى.. ففكر قليلاً وقال لها:
- اسمعى ياولية أنا ممكن أسلفك المقدمة لكن علشان أضمن.. قدمى فى معاش مبارك ويكون المعاش هو القسط.
- وأعمل إيه يا أخويا علشان آخد المعاش؟
- هاتى الأوراق دى.. أولاً شهادة الوفاة بتاعة جوزك.. ثانياً إيصال إيجار الشقة.. ثالثاً ورقة من المدرسة اللى كان فيها ابنك بأنه لسه متقيد فيها وأنا حاشوف لك واسطة فى الحزب.. وآهى الانتخابات قربت تبقى تنفعينا إنت وحبة النسوان المديونين لك.
وذهبت أم الشحات وطلعت شهادة وفاة زوجها الملفوفة فى ورق وطلعتها من الدرج، ثم طلبت إيصالاً من أصحاب البيت بآخر إيجار، وفى المدرسة ذاقت الأمرين بين سكرتير المدرسة للأرشيف والناظرة، وكانت معاها الأبلة سعدية زبونتها التى تأخذ منها إيشاربات الحجاب على النوتة.. وبصعوبة أخذت الورقة.. وذهبت لأبوقورة بالأوراق.
وكل يوم يسأل الشحات أمه:
- خدت معاش مبارك يا امه؟
- لسه ياضنايا لكن وديت الورق كله لعمك أبوقورة.
وتذهب لأبوقورة:
- خلاص يا أخويا خدوا الورق؟
- لسه حاشوف لك حد فى الحزب.. لأن اللى وعدنى راح رئيس مدينة فى الفلاحين.. عقبال عندك وحاشوف حد غيره.
ويسألها الشحات:
- هيه يا امه خدت معاش مبارك؟
- وحياة أم هاشم لسه يا ابنى.. أصل الراجل اللى قصده أبوقورة اتنقل.
ويصرخ الشحات:
- يا امه أنا خايف أتأخر فى شرا التوك توك.. والواد سعيد ابن العجلاتى يشتريه وياخد منى الزباين.
وتعود لأبوقورة:
- إيه بس سبب تأخير المعاش يا أخويا؟
فيرد بهدوء:
- لسه الورق ماحدش مضاه.. الورق طلع ناقص!
- ليه؟
- هيه بالساهل.. جوزك مات من زمان وابنك ماينفعش فى إعدادى.. سنه سبعتاشر سنة.. روحى هاتى شهادة إن ابنك 14 سنة.
وتذهب أم الشحات تحمل حيرتها وضعفها أمام ابنها وحلمها بمعاش مبارك وتحكى لجارتها أم عطية التى تنصحها بأن تعطيهم شهادة ميلاد ابنها اللى مات ويكشطوا الاسم ويغيروه.. وبالفلوس حصلت على شهادة.. وتذهب لأبوقورة الذى يفقد صوابه فور رؤيته الورق:
- يا وليه اسم الولد مش الشحات ده اسم تانى.. يعنى عاوزانى أزور (يحل عليه شرف عابر) روحى غيريه فى العباسية.. خدى العنوان أهه.
وتذهب إلى العباسية.. الموظفة أمامها كوم فاصوليا خضراء وتحلم بطبخه مع الأرز للأولاد.. تقطع أحلامها أم الشحات:
- والنبى ياست عاوزة الورقة دى.
- آه علشان معاش مبارك!
تفرح أم الشحات:
- آه والنبى يا أختى إلهى ما تتحوجى.. مين اللى قالك؟
- كل يوم عندنا من ده.. تعالى بكرة.
تترك الفاصوليا على مضض:
- لأ تعالى يوم الحد، لأن بكرة الجمعة أجازة والسبت أجازة.
وتقع أم الشحات مغشياً عليها.. وأفاقت فى بيتها فى حارة الديك وحولها الجيران وابنها يقول:
- أصلها دايخة بقالها شهرين.. بتجيب معاش مبارك.
يعلق أحد الموجودين:
- يابنى معاش مبارك إيه.. ده للمحظوظين!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.