ثارت حوارات كثيرة، ومناقشات ومقابلات مع وزير الصحة، مع الأحزاب المصرية عن مشروع قانون التأمين الصحى المزمع إصداره.. فى رأيى أن مفهوم الدولة يقوم على أساس مبدأ الرعاية، وهو البديل النفسى لمبدأ الأبوية فى القبيلة، وكما أن الزعيم أو الأب لا يفرق بين أبنائه، بحكم صلة الرحم المباشرة، فإن الدولة يجب عليها ألا تفرق بين مواطنيها، وهكذا يحدث الانتماء بثمن يدفعه الجميع بالرضا الكامل - وهو العدل.. والرعاية الصحية الأولية واحدة من وسائل تأصيل الانتماء بين مواطنى الدولة، بغرض الوصول إلى تحقيق الهدف الأسمى، وهو «العقل السليم فى الجسم السليم»، وتعمل كل هذه العقول والأجسام السليمة فى تنمية الوطن ورفعة شأنه بتحقيق التطوير ومن ثم التقدم.. والرعاية الصحية الأولية هى بداية الرعاية الفردية من خلال الأسرة.. الخلية الأولى للمجتمع وللوطن.. أما التأمين الصحى فهو نوع من تحقيق الرعاية الصحية المتأخرة والتخصصية.. ولعل الحاجة إليه قد نشأت مع كثرة عدد المهاجرين الجدد لدول من غير المنتمين إلى أسر أصيلة فيها، وبالتالى فقدوا صلتهم القديمة بالرعاية الصحية الأولية فى بلدهم الأم، ويؤكد ذلك اشتراط بلد المهجر أن يقدم المهاجر ملخصاً إجبارياً عن تاريخ حياته الصحية، بل يشترط أيضاً إجراء فحص طبى شامل بالتحاليل والتصاوير الإشعاعية كسجل أولى للمهاجر الجديد، ثم تقوم بالتأمين عليه من خلال شركات تأمين على أساس هذه السجلات الدقيقة، لكى تحقق هذه الشركات نسبة مناسبة من الربحية المحسوبة بدقة كافية لتغطية تكلفة رأس المال المستخدم.. وحالتنا المعترض عليها حالة فريدة، لأنها تقوم على تكريس مبدأ الاستغلال الذى قامت عليه فكرة فتح أراض جديدة بالقهر واستغلال مواردها البشرية كعبيد، ومواردها الطبيعية بأبخس الأسعار، والخير كله مكرس لصالح المحتل وجنوده، أو الدكتاتور وكلابه الهادفين إلى الاستيلاء على مؤسسات الدولة المتمثلة فى المستشفيات والمعاهد العلمية الطبية المتخصصة بثمن بخس، وفى إطار حملتها الشرسة من أجل الإثراء الفاحش بدعاوى الخصخصة وحرية السوق!.. اللهم اشهد. دكتور