الهند ومصر: صداقة قديمة وعلاقات جديدة

كانت مصر بمثابة الوطن الثانى لى منذ أول فترة عمل لى فى هذا البلد خلال الفترة من عام 1984 حتى عام 1987. وهناك سمات مشتركة بين البلدين وبين حضارتيهما وميراثهما الثقافى ودفء وقوة العلاقات بين الشعبين، وقبل كل شىء هناك الصداقة المتميزة والمشاعر التى يكنها المصريون تجاه الهند. وغالباً ما كانت حواراتى مع أصدقائى المصريين تتضمن الإشارة إلى مهاتما غاندى وطاغور وبانديت نهرو أو حتى أميتاب باتشان.
ولأن البلدين ينتميان إلى الدول النامية فهما يواجهان تحديات متشابهة فى عملية التنمية الاجتماعية والاقتصادية. وعندما أقرأ فى الصحف المصرية عن القضايا المتعلقة بخلق فرص عمل واستهداف الدعم، ودعم الصناعات الصغيرة والمتوسطة، وبناء مؤسسات التمويل الأصغر والاستفادة من قوة تكنولوجيا المعلومات فى رفع مستوى الحوكمة وخلق فرص عمل أحسب حينئذ أننى أقرأ صحفاً هندية. وعندما ألتقى بوزراء حكوميين، ومحافظين ومسؤولين وكبار زعماء سياسيين، أسمع عن إعجابهم بالتجربة الهندية فى هذه المجالات وعن رغبتهم الصادقة للتعلم منها.
والهند من جانبها دائماً ما تؤمن بالروح الصادقة المتعلقة بالتعاون بين الجنوب والجنوب. إن زيارة الرئيس مرسى للهند التى ستبدأ الليلة سوف تمكننا من إعطاء شكل جديد وملموس لهذه الروح. لقد قمنا بإعداد برنامج مكثف للغاية لسيادة الرئيس والوفد رفيع المستوى المصاحب له أثناء الزيارة. ونحن على ثقة من أن الزيارة سوف تحقق عدة أهداف مهمة:
■ سوف تعطينا مناقشات الرئيس مرسى ورئيس الوزراء الهندى والمباحثات التى ستجرى بين الوفدين فرصة لمراجعة مجمل العلاقات الثنائية، ووضع جدول أعمال طموح للتعاون المستقبلى بالصورة التى تخدم مصالح الشعبين الهندى والمصرى.
■ سيقوم مجلس الأعمال الهندى المصرى بعقد لقاءات على هامش الزيارة. وسوف تتوفر الفرصة لوفد رجال الأعمال الكبير الذى يصحب الرئيس لإقامة اتصالات مباشرة مع عدد كبير من كبار رجال الأعمال الهنود. وتعتبر العلاقات التى سوف تنشأ فى أثناء هذه اللقاءات أول خطوة نحو إقامة مشروعات مشتركة فى المستقبل، وضخ استثمارات ونقل تكنولوجيا وإقامة روابط تجارية.
■ سيتم إطلاق العديد من المبادرات المهمة لإقامة شراكات جديدة بين كيانات مصرية ونظيرتها الهندية ومن أهمها:
■ أحرز برنامج الفضاء المصرى تقدماً كبيراً وسوف نقوم بتوقيع اتفاق مبدئى لإطلاق قمر صناعى مصرى على مركبة فضاء هندية، فيما يمثل مرحلة جديدة للتعاون بين الجانبين فى مجالات التكنولوجيا المتقدمة.
■ تشتهر الهند بتطور صناعة تكنولوجيا المعلومات بها، وسوف نقوم بتوقيع مذكرة تفاهم واسعة النطاق لتبادل الخبرات فى هذا المجال من خلال العديد من المشروعات المهمة. سنقوم بتأسيس مركز للتميز فى تكنولوجيا المعلومات بجامعة الأزهر. كما سنبدأ التعاون فى مجال الأمن الإلكترونى الذى أصبح أمراً ضرورياً.
■ سوف نقوم بإطلاق مشروع تجريبى فى سيوة لاستخدام الطاقة الشمسية المتوفرة بكثرة فى مصر لإمداد إحدى القرى النائية بالكهرباء.
■ لدينا خبرة كبيرة فى مجال تطوير الصناعات الصغيرة والمتوسطة، وإنشاء مؤسسات التمويل متناهى الصغر التى تعد ضرورية بالنسبة للمبتدئين من أصحاب المشروعات. ويمكن أن يلعب التعاون بيننا وبين الصندوق الاجتماعى للتنمية فى هذا المجال دوراً محورياً فى تنمية الصناعات الصغيرة وخلق فرص عمل للشباب المصرى.
■ يعد بناء قدرات وتنمية مهارات الشباب من أهم الأولويات بالنسبة لمصر، وسوف نعمل على تأسيس مركز تدريب فى مجال صناعة المنسوجات بمنطقة شبرا الخيمة. كما تعتزم اثنتان من الشركات الهندية تأسيس مراكز تدريب فى مجال صناعة البوليمرات فى بورسعيد وفى مجال معدات الرى بمدينة السادس من أكتوبر.
فى خضم السجالات السياسية ونتيجة للمخاوف القائمة، يقلل البعض من شأن الزيارات الرئاسية ويعتبرونها مجرد جولات للنزهة. أود أن أطمئن أصدقائى المصريين بأن قدراً كبيراً من الجهود الحثيثة تبذل من أجل الإعداد لهذه الزيارات. ولن تؤدى نتائج هذه الزيارة، التى أشرت إلى بعض منها، إلى تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين فحسب، ولكنها سوف تنشئ أساساً قوياً لدعم العلاقات على مستويات عدة، مثل العلاقات التجارية وتبادل الخبرات ودعم التنمية الاجتماعية-الاقتصادية بما يحقق مصالح الشعبين الهندى والمصرى.
سفير الهند فى القاهرة