«أحتسبه عند الله».. قالتها ابنته أمل وهى تغالب دموعها، لافتة إلى أنها تلقت نبأ الوفاة من إدارة المستشفى فى العاشرة إلا الربع من صباح أمس السبت. الابنة الكبرى للفيلسوف الكبير قالت إن حالته تدهورت بشدة فى الشهور الثلاثة الأخيرة وهو السبب فى نقله من منزله إلى المستشفى بعد أن وصل إلى مرحلة تحتاج إلى رعاية صحية خاصة وأنه أوصى بأن يدفن إلى جوار شقيقه الأكبر فى مقابر العائلة بمدينة 6 أكتوبر. وقالت أمل إن والدها دأب فى أيامه الأخيرة على الاستماع إلى القرآن الكريم بتلاوة قراء معينين «عبدالباسط عبدالصمد والطبلاوى ومحمود صديق المنشاوى»، كان يحب أن يستمع إلى أصواتهم، وأنه كان دائم السؤال عن أحفاده الأربعة، وأنه فرح بشدة عندما عرف أن إحدى القنوات الفضائية سوف تعيد إذاعة برنامجه مع بداية العام المقبل. وقال نجله أدهم مصطفى محمود تعقيباً على غياب ممثلين للدولة عن جنازة والده، إن حضور المواطنين البسطاء واليتامى الذين استفادوا من جمعيته الخيرية كان هو التكريم الحقيقى الذى حرص عليه طوال حياته، وأنه رحمه الله كان دائم السؤال عن أحوال الجمعية فى نوبات إفاقته، حيث كان يعانى من الزهايمر منذ فترة طويلة. ورغم سوء حالة الدكتور محمود، فإن نبأ وفاته كان بمثابة صدمة لأسرته، فرغم التجهيز المسبق لرحيله فإن أدهم فور علمه بنبأ وفاة والده فقد القدرة على التفكير لفترة طويلة، خاصة أنه كان آخر من زاره بالمستشفى ليلة أمس الأول، وكانت حالته رغم سوئها مستقرة. أما زوجته الأولى السيدة سامية شاهين فلم تستطع أن تحبس دموعها على رحيل والد أبنائها، قائلة إنها ربما كانت تختلف معه فى بعض الآراء وأسلوب إدارة البيت والحياة، لكنها قبل كل شىء تكن له احتراماً وتقديراً وحباً كعالم ومفكر يصعب أن يتكرر فى هذا الزمان، لافتة إلى أن أكثر ما عانت منه خلال فترة ارتباطهما، التى أقاما خلالها فى شقة صغيرة بالدقى، كانت عناده الشديد، فهى تراه ديكتاتورا لا يقبل المناقشة فى أى قرار مهما كانت توابعه، ورغم ذلك لم يتدخل فى طريقتها، التى اتبعتها لتربية الأولاد. «سمعت كثيراً عن سلوكه وتوجهاته الفكرية والدينية المتقلبة خلال شبابه، لكنها لم تثنينى عن الارتباط به»، هكذا تقول سامية لافتة إلى أن كل ما قيل عن إلحاده وعودته إلى الإيمان مرة أخرى كلام خاطئ، فهو أكثر الأشخاص إيماناً فيمن قابلتهم فى حياتها، ترى سامية أن مشكلة مصطفى محمود الكبرى كانت تكمن فى «الآخر» بداخله، والذى دأب طوال حياته على الوصول إلى قمة اليقين، وقد ظهر هذا فى كتابيه «رحلتى من الشك إلى اليقين» و«القرآن».