سعر الدولار اليوم الجمعة 27-6-2025 ينخفض لأدنى مستوياته عالميًا منذ مارس 2022    بكام طن الشعير؟ أسعار الأرز اليوم الجمعة 27 يونيو 2025 في أسواق الشرقية    محتجون ليبيون داخل مجمع مليتة يهددون بوقف إنتاج النفط خلال 72 ساعة    أهم تصريحات وزير الخارجية الإيراني: رفضنا التنازل عن حقوقنا فردوا علينا بالحرب والهجمات    فلسطين.. اندلاع مواجهات عنيفة بين فلسطينيين ومستوطنين إسرائيليين في المنطقة الشرقية بنابلس    قمة الاتحاد الأوروبي تفشل في إقرار الحزمة ال18 من العقوبات ضد روسيا    الهلال يحسم تأهله ويضرب موعدًا مع مانشستر سيتي بمونديال الأندية    طقس اليوم: شديد الحرارة نهارا معتدل ليلا.. والعظمى بالقاهرة 38    رابط نتيجة الشهادة الإعدادية محافظة قنا 2025 الترم الثاني    لوكاتيلي: ارتكبنا الكثير من الأخطاء أمام السيتي.. وسنقاتل في الأدوار الإقصائية    هبوط كبير في أسعار الذهب الفورية اليوم الجمعة    مدحت شلبي يكشف قرارًا صادمًا من وسام أبو علي.. وتخوف الأهلي    حنان مطاوع تروي كواليس «Happy Birthday»: صورنا 8 ساعات في النيل وتناولنا أقراص بلهارسيا    مصطفى بكري: 30 يونيو انتفاضة أمة وليس مجرد ثورة شعبية    ماكرون يحذر من سيناريو أسوأ بعد الهجمات الأمريكي على إيران    «البنت حبيبة أبوها».. أحمد زاهر يوجه رسالة مؤثرة لابنته ملك في عيد ميلادها    دعاء أول جمعة فى العام الهجرى الجديد 1447 ه لحياة طيبة ورزق واسع    فضل شهر محرم وحكم الصيام به.. الأزهر يوضح    ملف يلا كورة.. جلسة الخطيب وريبييرو.. فوز مرموش وربيعة.. وتجديد عقد رونالدو    ليوناردو وسافيتش يقودان الهلال ضد باتشوكا فى كأس العالم للأندية    وزير قطاع الأعمال يعقد لقاءات مع مؤسسات تمويل وشركات أمريكية كبرى على هامش قمة الأعمال الأمريكية الأفريقية بأنجولا    بالصور.. نقيب المحامين يفتتح قاعة أفراح نادي المحامين بالفيوم    تعرض منزل النجم الأمريكي براد بيت للسطو وشرطة لوس أنجلوس تكشف التفاصيل    تفوق متجدد للقارة الصفراء.. العين يُدون الانتصار رقم 14 لأندية آسيا على نظيرتها الإفريقية في مونديال الأندية    «فرصتكم صعبة».. رضا عبدالعال ينصح ثنائي الأهلي بالرحيل    الورداني: النبي لم يهاجر هروبًا بل خرج لحماية قومه وحفظ السلم المجتمعي    من مصر إلى فرانكفورت.. مستشفى الناس يقدّم للعالم مستقبل علاج العيوب القلبية للأطفال    عطلة الجمعة.. قيام 80 قطارًا من محطة بنها إلى محافظات قبلي وبحري اليوم    السيطرة علي حريق مصنع زيوت بالقناطر    إصابة سيدتين ونفوق 15 رأس ماشية وأغنام في حريق بقنا    انخفاض ملحوظ في البتلو، أسعار اللحوم اليوم في الأسواق    الشارع بقى ترعة، كسر مفاجئ بخط مياه الشرب يغرق منطقة البرج الجديد في المحلة (صور)    بحضور مي فاروق وزوجها.. مصطفى قمر يتألق في حفلة الهرم بأجمل أغنياته    الأوقاف تفتتح اليوم الجمعة 9 مساجد في 8 محافظات    "القومي للمرأة" يهنئ الدكتورة سلافة جويلى بتعيينها مديرًا تنفيذيًا للأكاديمية الوطنية للتدريب    لجان السيسي تدعي إهداء "الرياض" ل"القاهرة" جزيرة "فرسان" مدى الحياة وحق استغلالها عسكريًا!    هل التهنئة بالعام الهجري الجديد بدعة؟.. الإفتاء توضح    نقيب الأشراف يشارك في احتفالات مشيخة الطرق الصوفية بالعام الهجري    صحة دمياط تقدم خدمات طبية ل 1112 مواطنًا بعزبة جابر مركز الزرقا    موجودة في كل بيت.. أنواع توابل شهيرة تفعل العجائب في جسمك    طريقة عمل كفتة الأرز في المنزل بمكونات بسيطة    حسام الغمري: الإخوان خططوا للتضحية ب50 ألف في رابعة للبقاء في السلطة    حجاج عبد العظيم وضياء عبد الخالق في عزاء والد تامر عبد المنعم.. صور    صلاح دياب يكشف سر تشاؤمه من رقم 17: «بحاول مخرجش من البيت» (فيديو)    «30 يونيو».. نبض الشعب ومرآة الوعي المصري    ترامب: خفض الفائدة بنقطة واحدة سيوفر لنا 300 مليار دولار سنويا    الخارجية الأمريكية: الموافقة على 30 مليون دولار لتمويل "مؤسسة غزة الإنسانية"    متحدث البترول: إمداد الغاز لكل القطاعات الصناعية والمنزلية بانتظام    المفتي: التطرف ليس دينيا فقط.. من يُبدد ويُدلس في الدين باسم التنوير متطرف أيضا    مصرية من أوائل ثانوية الكويت ل«المصري اليوم»: توقعت هذه النتيجة وحلمي طب بشري    مصرع سيدة وإصابة آخر في تصادم سيارة ملاكي مع نصف نقل بالجيزة    العين يودع مونديال الأندية بفوز معنوي على الوداد بهدفين    بمشاركة مرموش.. مانشستر سيتي يهزم يوفنتوس بخماسية في مونديال الأندية    فيديو متداول لفتاة تُظهر حركات هستيرية.. أعراض وطرق الوقاية من «داء الكلب»    مفتى الجمهورية: الشعب المصرى متدين فى أقواله وأفعاله وسلوكه    قصور ثقافة أسوان تقدم "عروس الرمل" ضمن عروض الموسم المسرحى    إصابة 12 شخصا إثر سقوط سيارة ميكروباص فى أحد المصارف بدمياط    وزير السياحة والآثار الفلسطينى: نُعدّ لليوم التالي في غزة رغم استمرار القصف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اصطباحة
نشر في المصري اليوم يوم 24 - 10 - 2009

أنا رجل أكل عيشى من الخيال، ولذلك سأشطح فى خيالى، ولا يهمنى.
دونا عن كل كتاب مصر عَظُم شأنهم أو هَزُل، سيقرأ الرئيس مبارك ما أكتبه اليوم بعناية فائقة، بعد أن ترفعه له الأجهزة المختصة مشفوعا بتقارير موثقة تؤكد أن هذا الكاتب ليس لديه ارتباطات مشبوهة، وليس ممولا من أحد، وأن الله فتح عليه فصار بيته مفتوحا بفضل الشعب المصرى، وأنه لم يكتب سطرا فى حياته كلها يؤيد فيه الرئيس مبارك، ولن يكتب فى حياته القادمة بإذن الله سطرا يؤيد أى حاكم أيا كان، سيتأثر الرئيس مبارك بكل هذا لسبب لا يعلمه إلا الله، وسيطلب على الفور من الأجهزة المختصة أن تتحقق من صدق ما كتبته من خلال تقارير موثقة مأخوذة بذمة وضمير من قلب الشارع المصرى الشقيان المرهق المكدود والمنتظر لأى خبر حلو أو تغيير يبل الريق.
بكل المقدسات أستحلف الرئيس مبارك أن يتوقف طويلا ومليا عند غرام المصريين الجامح بالبحث عن خليفة له قبل الهنا بسنة، يستطيع بعض المحيطين بالرئيس إما عن اقتناع عماده محبتهم له، أو عن قلة ضمير دافعها بقاء الوضع على ما هو عليه، أن يصوروا الأمر برمته للرئيس على أنه مجرد هوس ناس فاضية، أو قلة ذوق من المعارضين غلاظ الأكباد الناسين لأفضاله على البلاد، أو رغبة فى البيع من صحف تدرك حلاوة اللعبة وقابليتها للتغليف بغلاف الهم العام، أو فراغ شباب هرب من تصلب شرايين الواقع إلى حيوية الواقع الافتراضى فى منتديات الإنترنت وجروبات الفيس بوك. يستطيع الرئيس أن يصدق ذلك إذا أراد، لكنه يستطيع أيضا أن يستمع إلى وجهات نظر أخرى ترى فيما يحدث الآن إعلانا صادقا صريحا وغير مدفوع الأجر عن عطش المصريين إلى التغيير، الذى هو سُنة الله فى الكون، وحاشا لسُنة الله أن تكون موجهة ضد أى شخص أيا كان رأينا فيه أو رأيه هو فى نفسه.
 يستطيع الرئيس أن يعتبر فرحة المصريين بطرح (قد يكون وهميا) لأسماء مثل عمر سليمان وعمرو موسى والدكتور محمد البرادعى والدكتور أحمد زويل، أيا كان رأينا فى أحقية كل منهم بالمنصب، دليلا على أن كل محاولات ملء دماغ المصريين بصلاحية جمال مبارك للرئاسة لم تنجح فى جعله يملأ أعينهم، وأن لديهم عشما كبيرا فى أن حب الرئيس لمصر أقوى بالتأكيد من حبه لابنه، وأن خوفه على مستقبل البلاد أقوى بالتأكيد من أمله فى ضمان مستقبل ابنه.
لا أدرى هل يحب الرئيس مبارك كتب التاريخ أم لا، أنا شخصيا أعشقها، ولذلك أعتقد أن الرئيس مبارك ولو حتى من باب الفضول الإنسانى الغريزى يشغله أحيانا التفكير فى الموقع الذى سيحتله فى كتب التاريخ. يظل الحاكم فى حياته ملء السمع والبصر، لكن كتب التاريخ تترجم حكمه بعد مرور السنين إلى صفحات عريضة حافلة أو أسطر عابرة، يستطيع الرئيس أن يعود إلى مجلدات (النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة) للمؤرخ العظيم ابن تَغَرّى بردى، ليرى كيف يُختزل فى أسطر معدودات تاريخ ملوك ظلوا عشرات السنين على عرش مصر ولم يخدمهم التاريخ بما هو أكثر من ذكر أسمائهم.
لا يمكن أن يدعى أحد منا أنه يعرف قطعا ما الذى سيسجله التاريخ للرئيس مبارك وعليه، ولن يكون عادلا أبدا أن يحاول أحدنا ذلك الآن، لكننى أعتقد أن الرئيس مازال يمتلك فرصة سانحة يتمناها الحكام الذين سبقوه إلى كتب التاريخ وفاتتهم الفرصة للأبد، لا أعنى فرصة أن يصبح فقط أول رئيس سابق باختياره فى تاريخ مصر، فالحكاية ليست بهذه السطحية التى يصورها بعض أراجوزات المعارضة، فلو حكم مصر اليوم صحابى جليل فى ظل هذا النظام السياسى الذى يكرس حكم الفرد للأبد لضج الناس من فساده وظلمه بعد أشهر من حكمه.
الفرصة السانحة التى أقصدها هى أن يجرى الرئيس مبارك تعديلا دستوريا حقيقيا يقصر مدة الرئاسة على فترتين رئاسيتين لا ثالث لهما ولا سبيل لزيادتهما بأى شكل وتحت أى ظرف، ويضمن الإشراف القضائى الكامل على الانتخابات، ويعطى المصريين حقهم الإنسانى الطبيعى، حق تقرير المصير.
أنا من المؤمنين بدور الفرد فى التاريخ ربما أكثر من اللازم، وأعرف شواهد كثيرة لتحولات مفاجئة لحكام، غيرت مجرى التاريخ، لكننى لا ألزم أحدا بأحلامى أو حتى بأضغاث أحلامى. باختصار لا أعتقد أن خلاصنا ستحققه الحرية الشكلية التى تسعد حوالى مائة شخص ما بين كاتب ومذيع ومحترف سياسة وترضى غرورهم وتحقق مصالحهم، بينما يستمر شقاء شعب بأكمله، خلاصنا لن يتحقق بتحويل مصر إلى حقل تجارب يحولها إلى لبنان أو عراق لا سمح الله، أو بالجرى وراء قفزات بهلوانات المعارضة الذين غرروا ببعض مخلصينا ليرصوهم فى مشهد مهين أمام كاميرات الفضائيات التى عملت عليهم شوية شغل حلوين لن يصل صداه إلى الناس أبدا لأن الناس لا تأكل من الأونطة، خلاصنا لن يتحقق بالمشاركة فى خداع الناس بأن الأمل يمكن أن يتجسد فى شخص وليس فى طريق.
أنا رجل آكل عيشى من الخيال، لذلك سأشطح فى خيالى ولا يهمنى. ربما قرأ الرئيس مبارك كلامى، وربما تأثر به، وربما قرر أن يفعل ما يجعل الله يغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، ويضمن له على الأقل مجلدا كاملا فى كتب التاريخ القادمة، وربما كان كل ما كتبته الآن ليس سوى عشم إبليس فى الجنة، لكن ألست معى فى أن الله حَرّم على إبليس دخول الجنة، لكنه سبحانه لم يُحَرِّم العشم.
* يستقبل الكاتب بلال فضل تعليقاتكم على مقالاته عبر بريده الإلكترونى الخاص. [email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.