استطاع الجمهور أن يجذب الروائي حمدي أبو جليل لمنطقته، حينما دفعوه للإجابة عن تساؤلاتهم، رغم أن أبو جليل أعلن منذ بداية حفل التوقيع الذي نظمته له دار"ميريت" بمناسبة صدور مجموعته "طي الخيام" ، أنه سيقرأ بعض القصص: "ونقعد مع بعض وخلاص". فقد لاحظ بعض الحاضرين وجود قصص مشتركة بين مجموعة أبو جليل الجديدة ومجموعته التي صدرت بعنوان "أشياء مطوية بعناية فائقة" عام 2000 عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، وكان ذلك دافعا ليفتح أبو جليل النار علي الهيئة العامة للكتاب والهيئة العامة لقصور الثقافة، وقال:" القصص المنشورة في هذه المجموعة هي نفس القصص التي أصدرتها من قبل في مجموعتي الأولي "أسراب النمل" الصادرة عن هيئة قصور الثقافة عام 1997، وكذلك المنشورة في مجموعة أشياء مطوية بعناية فائقة، وقد حذفت منها عدد كبير بسعادة بالغة، وأعدت صياغة الباقي ونشرته". وأضاف: "لم ير أحد المجموعتين السابقتين، وكأن المسئولين قاموا بمصادرتهما عن طريق عدم توزيعهما، رغم أنني أتحفظ علي كلمة المصادرة هذه، وقد حدث هذا في نفس توقيت قضية رواية "وليمة لأعشاب البحر" التي كنت طرفا فيها أنا والروائي إبراهيم أصلان" وانطلق أبو جليل مما حدث معه وعلق علي أداء المؤسستين قائلا:" الغريب أنه في "عز" نشاط الكتاب الأدبي، يتراجع دور هذه الهيئات، بل وتسعي لإخفاء الكتب الصادرة عنها في المخازن، وتترك الساحة لكتب جيل الستينيات التي تصدرها إحدي دور النشر بسعر أكبر، رغم أن هذه المؤسسات لديها نفس الكتب وبسعر رخيص للغاية، ولا عجب في أن يفقد القارئ الثقة في الكتب المنشورة في المؤسسات الثقافية الرسمية". وعن سبب حذفه لبعض القصص من المجموعة، ولماذا لم يشر لذلك في المجموعة الجديدة؟، فقال:" لم أشر لذلك لأنني لم أجد الصياغة المناسبة، أما القصص التي حذفتها فهي تلك التي كتبتها إثر حالة انفعال، كالقصة التي كتبتها عن ابن عمي الضابط الذي قتلته رصاصة المقاومة الفلسطينية في رفح، وقصة زميل لي عامل "مبيض محارة"، أصيب بالمرض في ظهره، فكتبت عنه بما يشبه الشكوي لطلب العلاج". وعن مساحة الواقعي والمتخيل في المجموعة قال: "أتمني دائما أن أنقل الواقع، لأنني أعتبره هو الفن، وأي مساحة للخيال لا يمكن أن تتجاوز الواقع، لكن الغريب أن الأشياء التي أنسجها من خيالي علي أنها واقع أقوم بتصديقها وكأنها الحقيقة نفسها، وقد يحدث أن أنسج حكاية تبدو علي أنها واقع، لكنها ليست كذلك تماما كرواية "العطر" لباتريك زوسكند التي صنع لها مؤلفها قانونها الواقعي". ويعود أبو جليل لمنطقته الأثيرة الخاصة بعلاقته بالكاتب الراحل محمد مستجاب، ويقول:" كانت منطقة الخيال والواقع هذه هي نقطة الاختلاف بيني وبين أستاذي محمد مستجاب الذي تمردت عليه، فقد كان يسعي نحو تحويل الواقع إلي أسطورة، بينما أري أنا أن الواقع أسطورة في حد ذاته وعلي أن أحولها لحقيقة". وعن إمكانية تصنيف المجموعة الجديدة علي أنها رواية كما حدث في رواية الفاعل، قال أبو جليل:" لا هذه قصص متفرقة لا يمكن تصنيفها علي أنها رواية، والفاعل جاءت مبعثرة لأن عالمي الذي حكيت عنه كان مبعثرا، لكنني علي المستوي الشخصي تقليدي في قراءة الروايات -الرواية المحكمة- كتلك الخاصة بنجيب محفوظ هي طموحي".