أكد عدد من الخبراء السياسيين أن التحركات الإيرانية فى منطقة القرن الأفريقى وشرق أفريقيا ليست وليدة اللحظة، وأن الاهتمام الإيرانى بها جاء قبل قيام الثورة الإيرانية، مرجعين سبب زيادة هذا الاهتمام، خاصة بدول شرق أفريقيا، إلى محاولة إيران فك العزلة والحصار الدولى الذى ترغب بعض الدول الكبرى فى فرضه عليها، كما حذر الخبراء من تواصل الاختراق الإسرائيلى للمنطقة وتداعيات ذلك على الأمن القومى المصرى. وقال السفير أحمد حجاج، الأمين العام للجمعية الأفريقية، سفير مصر الأسبق فى كينيا: «إن إيران تلجأ إلى تقديم الدعم المادى والسياسى لبعض دول القرن الأفريقى التى يحتمل أن تنشب فيها صراعات مسلحة، تستطيع من خلالها أن تلعب دوراً فى هذا الصراع، من خلال قيامها بتصدير أسلحة لتلك البلدان»، مشيراً إلى أن زيارة وزيرالخارجية الإسرائيلى أفيجدور ليبرمان لأوغندا دليل على زيادة الدور الإيرانى فى المنطقة الأفريقية. وأضاف حجاج، خلال مؤتمر المركز الدولى للدراسات المستقبلية والاستراتيجية أمس بعنوان «التحركات الإيرانية فى شرق أفريقيا والقرن الأفريقى»، أن التحركات الإيرانية فى أفريقيا لم تكن وليدة اللحظة، وإنما بدأت قبل نشوب الثورة الإيرانية، موضحاً أنه أثناء عمله كسفير لمصر فى كينيا، كان السفير الإيرانى يسأله عن المنح الدراسية التى يقدمها الأزهر للطلاب المسلمين، ليبدأ بعدها التفكير الإيرانى فى تقديم منح مماثلة لها. وأوضح حجاج أن إيران لا تنظر فى تعاملاتها إلى العقائد أو الدول، وإنما تتعامل مع أى دولة تجد مصالحها معها، مستدلاً بجمعية الصداقة الإيرانية الكينية التى يرأسها وزير معروف بأن لديه استثمارات فى إسرائيل ومتزوج من سيدة إسرائيلية. وقال حجاج: «إسرائيل استطاعت جذب الود الأفريقى من خلال عدة وسائل، من بينها تقديم المنح الدراسية للطلاب المسلمين، وتوقيع عدد من الاتفاقيات الاقتصادية». وأرجع محمد عباس ناجى، الباحث بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، سبب حرص إيران على التواجد فى منطقة القرن الأفريقى، خاصة دول شرق أفريقيا التى تضم دول إثيوبيا وكينيا وأوغندا والسودان وسيشيل وجزر القمر والصومال وجيبوتى، إلى محاولتها فك الحصار والعزلة الدولية، التى تسعى إليها بعض الدول الكبرى بسبب مشروعها النووى. وأوضح أن إيران تزيد من تحركاتها مع دول القرن الأفريقى، التى توجد بها صراعات وانقسامات داخلية، لتكون بمثابة الورقة التى تستعملها إيران فيما بعد لخدمة مصالحها. ولفت ناجى إلى أن فكرة تصدير الثورة الإيرانية مازالت مطروحة، خاصة بعد إعلان عدد من خطباء الجمعة فى إيران رغبة طهران فى تصدير مبادئ ثورتها. وأكد الدكتور عماد جاد، رئيس تحرير مجلة مختارات إسرائيلية بمركز الأهرام الاستراتيجى، وجود دوافع مختلفة لكل من إيران وإسرائيل، لاستقطاب التأييد الأفريقى، فى الوقت الذى تجمعهما أهداف مشتركة، من خلال حرص البلدين على تطوير وتحسين علاقاتهما السياسية والاقتصادية مع تلك الدول. وأشار جاد إلى أن بروز الخلافات المصرية مع دول حوض النيل، أعطى إسرائيل فرصة لتقوية علاقاتها بتلك الدول، منتقداً التغطيات الإعلامية لزيارة أفيجدور ليبرمان، وزير الخارجية الإسرائيلى، لأوغندا واتهام الأخيرة بالخيانة، مؤكداً أن السياسة لا تعرف الأخلاقيات وإنما مرتبطة بمصالح الدول. وقال الدكتور حسن الحاج على، عميد كلية الدراسات الاقتصادية والاجتماعية بالخرطوم، إن الوجود الإيرانى فى منطقة القرن الأفريقى وشرق أفريقيا لا يأتى من فراغ، ولكن توجد عدة قوى تنافس التواجد الإيرانى، مثل القوى الصينية والتركية والإسرائيلية. وأشار إلى أن إيران تستخدم عدة طرق فى تحركها داخل تلك الدول مثل الوسائل السياسية والاقتصادية والثقافية، مثلما حدث فى زيارة الرئيس الإيرانى الأخيرة لعدد من دول شرق أفريقيا ومن بينها كينيا، التى طلبت من إيران مساعدتها فى بناء محطة نووية لتوليد الكهرباء، فضلاً عن وجود عدد من الشركات الإيرانية ليس فقط فى دول شرق أفريقيا، وإنما فى زامبيا وموزمبيق.