يعد واحدا من أهم الاستشاريين فى مجال العقارات فى مصر.. ويعد مكتبه أحد بيوت الخبرة المعروفة.. كان له دور بارز فى تخطيط بعض المدن الجديدة عندما كانت مجرد فكرة.. عندما تجلس معه تشعر بأنك تحتاج شهوراً طويلة لتخرج ما بداخله بالكامل.. ولكنه يقول ما يريد أن يقوله فقط.. إنه المهندس صلاح حجاب الاستشارى الكبير.. رئيس شرف مجلس إدارة جمعية التخطيط العمرانى.. وعضو اللجنة الاستشارية بهيئة التخطيط العمرانى فى وزارة الإسكان.. حاورناه.. ولم يجب إلا بالقليل. ■ بداية.. فى تقديرك ماذا تحتاج السوق العقارية فى مصر حالياً؟ - مصر سيظل لديها طلب عال جدا على المسكن، فنحن لدينا 500 ألف حالة زواج سنويا، منها 80% من الطبقات الوسطى وما دون ذلك، وهو ما سيجعل الطلب مستمراً دائما، ولكن إذا ما أحسن دراسته فنيا مع اختيار المواقع المناسبة، وهى الخاصة بالموقع الجغرافى المصرى بأكمله، وليس فوق موقع القاهرة الكبرى فقط، هناك طلب آخر وفقا لدراسة الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء فى ديسمبر 2008 والتى أكدت أن مصر بحاجة إلى 8 ملايين و449 ألف وحدة سكنية حتى عام 2022، وأن بها عجزاً يصل حاليا إلى 906 آلاف وحدة سكنية، منها 573 ألف وحدة فى الصعيد فقط، وبالتالى سيظل الطلب متزايدا فى حدود 80%، وهذه هى المشكلة الحقيقية الموجودة، والذى حدث أن هناك إعلاناً دائماً عن وحدات سكنية تعرض لفئات طلبها قليل على الوحدات، وهذا يعنى أنه لا توجد دراسات جدوى حقيقية عن الطلب أو المكان فى إطار منظومة التمويل. ■وما السبب فى ذلك؟ - منذ نحو عامين تقريبا تركزت معظم المشروعات حول القاهرة الكبرى، وهذا خطأ تسويقى ضخم وخطأ فى دراسات الجدوى، فالدراسة يجب أن تشمل الطلب على المكان وقدرة الحصول على وحدة سكنية فى إطار منظومة، وليس مجرد مغامرات استثمارية. ■وما هى مسؤولية الدولة عن هذا الأمر؟ - بالتأكيد الدول تعرف مكان الطلب، وهى التى تمتلك الأراضى، وبالتالى يجب أن توفر الأراضى اللازمة للاستخدامات المختلفة، على أن تكون كاملة المرافق، فالدولة تخطط وتمتلك وعليها أن تعلن عن الامتدادات العمرانية باستمرار لتوجه المواطنين إليها. ■ ولكن الدولة دخلت فى أكثر من محور للوحدات السكنية فهل استطاعت توفير وحدات للفئات المختلفة؟ - بالفعل كل هذا محاولات لتوفير وحدات لشرائح مجتمعية مختلفة، فالدولة دعمت من حصل على وحدة سكنية، وكذلك من حصل على قطعة أرض للبناء، بجانب التدعيم الفنى من خلال تقديم الرسومات لمشروع «ابنى بيتك» مجانا، ولكن أين المتابعة الميدانية لما تم تخصيصه والتعرف على حقيقة ما يجرى، والطلب الفعلى. ■ ولكن هناك اتهام لوزارة الإسكان بأنها خصصت أراضى ضمن المشروع القومى للمستثمرين الذين رفعوا سعر الوحدة إلى أكثر من 180 ألف جنيه؟ - أعتقد أن هذه المشروعات مهمة جدا ووفرت بالفعل وحدات سكنية للشباب وفقا لشرائح الدخول، وفى رأيى أن ما يمكن أن توفره الدولة للمواطن فى أى مجتمع، ليعيش فى إطار المتطلبات الحياتية، هو أن يدفع نحو 25 % من دخله الشهرى للإسكان، على أن يوجه باقى الدخل للتعليم والغذاء والكساء، فإذا تعرفنا على حقيقة الدخول المصرية سنستطيع فى ضوئها التعامل، ووضع السياسات المناسبة ماليا وتمويليا. ■ أثيرت مؤخرا مشكلة تخصيص وزارة الأسكان للاراضى عن طريق القرعة العلنية، حيث اعتبرها البعض، أشبه ب«مسألة الحظ» التى قد لا تأتى أبدا، كيف ترى حل مشكلة تخصيص الأراضى حاليا؟ - أتفق تماماً مع وزارة الإسكان فى طريقة التخصيص بالقرعة، فكيف سنضمن عدم التشكيك عند التخصيص وهو ما كان يتم فى السنوات الماضية، فكان هناك أشخاص يتم تخصيص أرض لهم أكثر من مرة. ■ ولكن يمكن دراسة الحالة أولا، وتسجيل الأسماء قبل التخصيص بحيث يحصل على الأرض من يحتاجها فعلاً؟ - هذا ممكن، فقديما كنا نتعامل بنظام الدراسات الاجتماعية لكل من يريد وحدة سكنية أو قطعة أرض، ولكن ما زلت أرى أن القرعة أفضل وسيلة للشفافية. ■ هل ترى أن المدن الجديدة لا تزال بحاجة للتطوير لاستيعاب المواطنين فيها خلال المرحلة المقبلة؟ - كلمة مدن جديدة فى اللغة الإنجليزية تعنى مستقرات بشرية، وليست مساكن فقط حيث يعيش المواطن ويعمل ويتنزه ويشترى ما يحتاجه، ونظرية المدن الجديدة عندما قدمناها فى أوائل السبعينيات من القرن الماضى، كانت بناء على أن القاهرة تنمو بشكل كبير وأنها وفقا للدراسات ستصل عام 2000 إلى 14 مليون نسمة، وهو ما لم يتحقق حيث زادت عن هذا الرقم عام 2006، وكان التخطيط ل 10 تجمعات سكنية خارج الطريق الدائرى على 20 ألف فدان لاستيعاب الزيادة السكانية، بحيث تستوعب 2 مليون فرد، الغريب أن ال 20 ألف فدان زادت إلى 200 ألفا وتحولت تجمعات الأول والثالث والخامس إلى مدينة اسمها القاهرةالجديدة، وبدلا من أن تكون مساحتها 5063 فدانا وصلت إلى 66900 فدان لأسباب غير مفهومة، وهذا كله يجعل هناك كثافة أكثر على القاهرة، وبعدها أصبحت 85 ألف فدان تباع للكثيرين دون سكن، ولا يوجد بها «لقمة عيش» سوى جامعة وحيدة، حتى مدينة الشيخ زايد لم يكن مخططا لها أن تكون مدينة ولكن تجمع بين مدينة أكتوبر والطريق الصحراوى، وأصبحت تشكل الآن مع أكتوبر «ورما» للقاهرة، فلا يوجد إذن استقرار بشرى فى هذه المدن بما يمثل عبئا حقيقيا على القاهرة. ■ وما الحل إذن فى مثل هذه المشكلة؟ - كما قلت من قبل، يجب على أى مستثمر عقارى أن تتوفر لديه القدرة والمعلومات التى تجعله يجرى دراسات الجدوى المتكاملة على الطلب فى المكان حتى يكون على أرض صلبة، ودائما علينا التفكير بأنه ليس المطلوب فى الاستثمار العقارى أن يكون مقصورا على القاهرة فقط، فإذا كانت هناك متابعة دائمة يمكن التعرف منها على توقيتات تلبية الطلب، حتى لا نكرر مشكلة ما يتم تسميته منتجعات سكنية والتى أصبحت الآن «معتقلات سكنية»، لعدم مقدرة الكثيرين على شرائها والعيش فيها. ■ بعد صدور قانون البناء الموحد ولائحته التنفيذية، عانى البعض خاصة فى القرى من تطبيقه، فما رأيك فيه بشكل عام؟ - أولا هذا القانون يعد من أهم القوانين التى صدرت خلال الفترة الماضية على الإطلاق، حيث قام بتجميع كافة القوانين الخاصة بالعقارات والعمران، فى قانون واحد دون تناقضات واستحدث معها التنسيق الحضارى واتحاد الشاغلين، بدلا من اتحاد الملاك لضمان صيانة واستمرارية العمران المصرى فى وظيفته، ولكن مع صدور اللائحة حدث بعض «اللبس» فى مفاهيم المسؤوليات خاصة فى موضوع البناء وتنظيمه، واتفقنا مع وزارة الإسكان على إعداد حملة إعلانية لتحديد هذه المسؤوليات والتى تتمحور فلسفتها فى التعامل مع «شباك واحد» بعيدا عن المحليات. ■ وما رأيك فى قانون الضرائب العقارية الجديد؟ - الضريبة شىء منطقى للغاية، ولكن لا أوافق على فرض ضريبة على المسكن الخاص سواء أكان «عشة» أو قصراً، فالسكن حق دستورى، وطالما قام الفرد ببناء مسكنه وفقا للقوانين ودفع للدولة حقها من قبل، لا يحق للدولة تحصيل ضريبة عليها الآن، وهذا يمكن فى بعض الحالات مثل إذا كان الفرد يمتلك مسكنين ومتزوجاً فى واحدة، أو قام ببيع إحدهما وحقق ربحية فإنه يتم تحصيل ضريبة، فضلا عن الوحدات الشاطئية، ولكن طالما كان المسكن هو المأوى فلا يحق عليه ضريبة.