انتقد عدد من خبراء الإسكان والاجتماع الوحدات السكنية التى تخصصها الدولة للأسر الأولى بالرعاية، عن طريق وزارات الإسكان والتضامن الاجتماعى والأوقاف والتى تصل مساحتها إلى 42 متراً مربعاً، ورغم تأكيد بعض خبراء الإسكان إمكانية السكن داخل هذه الوحدات، إذا تم استغلالها استغلالاً أمثل، إلا أنهم أكدوا أن الأسر الأولى بالرعاية تفتقد ثقافة السكن فى هذه المساحات. وحذر عدد من علماء الاجتماع من هذه المساحات الضيقة التى اعتبروها بمثابة قنابل موقوتة، ستنجم عنها مشاكل اجتماعية خطيرة، فضلاً عن أن الحياة فيها ستخلق شخصيات مقهورة مظلومة، على استعداد لقهر وظلم من حولها. قال الدكتور أيمن عاشور، أستاذ الهندسة المعمارية فى جامعة عين شمس، إن المساحات الصغيرة التى تصل إلى 42 متراً صالحة للشباب المقبل على الزواج، لكنها لاتصلح لأسرة يصل عدد أفرادها إلى 5 أو 6 أفراد، مشيراً إلى أن المشكلة الأساسية ليست فى مساحة الوحدات السكنية، وإنما فى غياب ثقافة استخدام المساحات الصغيرة. وأضاف عاشور: «فى الخارج توجد أماكن تصل مساحتها إلى 40 و50 متراً، وهى ما يطلق عليها الشقق «الاستديو»، وتستطيع الأسر الصغيرة المكونة من فردين أو ثلاثة على الأكثر استغلالها والعيش فيها، لأنهم يمتلكون ثقافة العيش داخل الشقق الصغيرة». ودعا عاشور إلى ضرورة إيجاد منظومة متكاملة فى الإطار القومى تنظم عمليات الإسكان وفقاً للمساحات التى تخصصها الدولة لتلك الوحدات، من خلال دراسات الإسكان واختيار السكان المستهدفين، كأن تخصص مساحة 42 متراً مربعاً للشباب المقبل على الزواج، على أن يتم نقلهم بشكل تلقائى إلى وحدات 63 متراً عند إنجابهم طفلين، وتحل محلهم أسرة جديدة مقبلة على الزواج. وأكد عاشور أن وحدات ال 42 متراً لا يمكن أن تكون بشكل دائم، وإنما حل مؤقت لحالات معينة، مشيراً إلى أن استمرار حياة أسرة عدد أفرادها كبير داخل تلك المساحات الصغيرة، سيجعلهم يلجأون إلى الشارع، وبالتالى سنواجه مشكلة أكبر وهى مشكلة العشوائيات. وأكد الدكتور أحمد رشدى رضوان، مدير مركز استشارات بحوث الدراسات العمرانية، إمكانية أن تعيش الأسر الأولى بالرعاية داخل هذه الشقق، وفقاً لظروفها الاجتماعية الصعبة، معتبراً أن بناء شقق لهم يعد إنجازاً يحسب للدولة. وقال رضوان: «تستطيع هذه الأسر تدبير أمورها بتخصيص غرفة للأبناء، وأخرى للمعيشة، مثل كل أبناء هذه الطبقة الذين اعتادوا الحياة فى هذه المساحات». ونفى رضوان ما يتردد حول ربط مساحة الوحدات السكنية، بتوفير سكن مناسب للأفراد، موضحاً أن الشروط التى وضعتها منظمة الأممالمتحدة للإسكان الصحى والمناسب، تتمثل فى توافر الهواء والضوء والشمس والصرف الصحى والمياه فى المسكن، ولم ترد المنظمة أى شرط له علاقة بالمساحة. وحذرت الدكتورة إنشاد عزالدين، أستاذ علم الاجتماع فى جامعة المنوفية، من خطورة سكن أسرة يتعدى أفرادها 5 أفراد فى مساحة لا تتجاوز 42 متراً، مؤكدة أن تلك الوحدات الصغيرة ستكوّن داخل أطفال هذه الأسر ثقافة الزحام والقهر والظلم والاستبعاد من المجتمع. وقالت عزالدين: «توفير هذه الوحدات لا يعد حلاً لمشكلة الأسر الأولى بالرعاية، وإنما يعد إرجاء لتلك المشكلة، وأنها ستخلق أفراداً بمثابة قنبلة موقوتة قابلة للانفجار فى وجه المجتمع فى أى وقت». وأشارت عزالدين إلى أن هذه الوحدات تناسب الشباب المقبل على الزواج، أما للأسر الكبيرة فإنها انتهاك لأبسط حقوق الإنسان الذى يجب أن يوفر له سكنه الشعور بالخصوصية. وأوضحت عزالدين أن مفهوم السكن يعنى السكينة، وتوافر مكان يستطيع أن يلبى فيه الإنسان احتياجاته من الخلوة والراحة والجنس، وهذا لايتواءم مع مكان مساحته 42 متراً بالنسبة للأسر المتوسطة والكبيرة. وتساءلت عزالدين: «كيف يشعر الإنسان بخصوصيته بمسكنه، وهو يسمع مايدور بين الرجل وزوجته وأولاده فى الشقة المجاورة له؟ وماذا تفعل الأسرة لو لديها بنتان وولد أو العكس، هل ستجعلهم ينامون بجوار بعضهم فى غرفة واحدة؟»، مشددة على ضرورة فصل الفتيات عن الأولاد منذ سن صغيرة، حتى لا يساعد ذلك على خلق بعض المشاكل مثل زنى المحارم، وغيرها من المشاكل الاجتماعية، كشعور الفرد بغياب العدالة وإحساسه بالقهر والدونية، فى ظل إعلام مفتوح، وانتشار الإعلانات عن القصور والفيلات والمنتجعات السكنية.