انقطاع المياه بمدينة طما في سوهاج للقيام بأعمال الصيانة | اليوم    المقاومة الإسلامية في العراق تستهدف مناطق حيوية في تل أبيب وبئر السبع بإسرائيل | فيديو    جناح ضيف الشرف يناقش إسهام الأصوات النسائية المصرية في الرواية العربية بمعرض أبو ظبي    محمد مختار يكتب عن البرادعي .. حامل الحقيبة الذي خدعنا وخدعهم وخدع نفسه !    عيار 21 بعد الانخفاض.. سعر الذهب بالمصنعية اليوم الجمعة في الصاغة    أسعار اللحوم اليوم 3-5-2024 للمستهلكين في المنافذ ومحلات الجزارة    "عيدنا عيدكم".. مبادرة شبابية لتوزيع اللحوم مجاناً على الأقباط بأسيوط    إسرائيل: تغييرات في قيادات الجيش.. ورئيس جديد للاستخبارات العسكرية    طائرات الاحتلال تستهدف محيط مسجد "أبو شمالة" في تل السلطان غرب رفح الفلسطينية    ملف يلا كورة.. قرعة كأس مصر.. موعد مباراتي المنتخب.. فوز الزمالك.. وطلب الأهلي    جمال علام: أناشد جماهير الأندية بدعم منتخب مصر.. والاتحاد نجح في حل 70% من المشكلات    خالد الغندور: محمد صلاح «مش فوق النقد» ويؤدي مع ليفربول أفضل من منتخب مصر    إبراهيم سعيد: مصطفى شوبير لا بد أن يكون أساسي فى تشكيل الأهلي علي حساب الشناوي وإذا حدث عكس ذلك سيكون " ظلم "    أحمد الكأس: سعيد بالتتويج ببطولة شمال إفريقيا.. وأتمنى احتراف لاعبي منتخب 2008    «تغير مفاجئ في الحرارة».. الأرصاد تحذر من حالة الطقس اليوم في مصر والظواهر الجوية المتوقعة    خبيرة أسرية: ارتداء المرأة للملابس الفضفاضة لا يحميها من التحرش    «دفاع الشيوخ»: اتحاد القبائل العربية توحيد للصف خلف الرئيس السيسي    «زي النهارده».. اليوم العالمي لحرية الصحافة 3 مايو 1991    جامعة فرنسية تغلق فرعها الرئيسي في باريس تضامناً مع فلسطين    ليفركوزن يتفوق على روما ويضع قدما في نهائي الدوري الأوروبي    طبيب الزمالك: شلبي والزناري لن يلحقا بذهاب نهائي الكونفدرالية    اليوم.. الأوقاف تفتتح 19 مسجداً بالمحافظات    قفزة كبيرة في الاستثمارات الكويتية بمصر.. 15 مليار دولار تعكس قوة العلاقات الثنائية    موعد جنازة «عروس كفر الشيخ» ضحية انقلاب سيارة زفافها في البحيرة    تحذير شديد اللهجة حول علامات اختراق الواتساب    ميزة جديدة تقدمها شركة سامسونج لسلسلة Galaxy S24 فما هي ؟    مجلس الوزراء: الأيام القادمة ستشهد مزيد من الانخفاض في الأسعار    سفير الكويت: مصر شهدت قفزة كبيرة في الإصلاحات والقوانين الاقتصادية والبنية التحتية    رسائل تهنئة شم النسيم 2024    الحمار «جاك» يفوز بمسابقة الحمير بإحدى قرى الفيوم    أول ظهور ل مصطفى شعبان بعد أنباء زواجه من هدى الناظر    ماما دهب ل ياسمين الخطيب: قولي لي ماما.. انتِ محتاجة تقوليها أكتر ما أنا محتاجة أسمعها    شايفنى طيار ..محمد أحمد ماهر: أبويا كان شبه هيقاطعنى عشان الفن    حسام موافي يكشف سبب الهجوم عليه: أنا حزين    بسعر 829 جنيها، فاكسيرا توفر تطعيم مرض الجديري المائي    بعد تصدره التريند.. حسام موافي يعلن اسم الشخص الذي يقبل يده دائما    سفير الكويت بالقاهرة: رؤانا متطابقة مع مصر تجاه الأزمات والأحداث الإقليمية والدولية    فلسطين.. قوات الاحتلال تطلق قنابل الإنارة جنوب مدينة غزة    مباراة مثيرة|رد فعل خالد الغندور بعد خسارة الأهلى كأس مصر لكرة السلة    أمين «حماة الوطن»: تدشين اتحاد القبائل يعكس حجم الدعم الشعبي للرئيس السيسي    تعرف على طقس «غسل الأرجل» بالهند    البطريرك يوسف العبسي بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يحتفل برتبة غسل الأرجل    خطوات الاستعلام عن معاشات شهر مايو بالزيادة الجديدة    برج السرطان.. حظك اليوم الجمعة 3 مايو 2024: نظام صحي جديد    د.حماد عبدالله يكتب: حلمنا... قانون عادل للاستشارات الهندسية    جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات    بسبب ماس كهربائي.. إخماد حريق في سيارة ميكروباص ب بني سويف (صور)    بطريقة سهلة.. طريقة تحضير شوربة الشوفان    «يا خفي اللطف ادركني بلطفك الخفي».. دعاء يوم الجمعة لفك الكرب وتيسير الأمور    مدير مشروعات ب"ابدأ": الإصدار الأول لصندوق الاستثمار الصناعى 2.5 مليار جنيه    محافظ الجيزة يزور الكنيسة الكاثوليكية لتقديم التهنئة بمناسبة عيد القيامة    تركيا تفرض حظرًا تجاريًا على إسرائيل وتعلن وقف حركة الصادرات والواردات    القصة الكاملة لتغريم مرتضى منصور 400 ألف جنيه لصالح محامي الأهلي    صحة الإسماعيلية تختتم دورة تدريبية ل 75 صيدليا بالمستشفيات (صور)    أستاذ بالأزهر يعلق على صورة الدكتور حسام موافي: تصرف غريب وهذه هي الحقيقة    بالفيديو.. خالد الجندي يهنئ عمال مصر: "العمل شرط لدخول الجنة"    محافظ جنوب سيناء ووزير الأوقاف يبحثان خطة إحلال وتجديد مسجد المنشية بطور سيناء    أمين الفتوى ب«الإفتاء»: من أسس الحياء بين الزوجين الحفاظ على أسرار البيت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«المصرى اليوم » تحاور الداعية الحبيب على الجفرى بعد 7 سنوات من الإبعاد عن مصر (1-2) .. الجفرى: لا شروط لعودتى.. وسألت: «هل فى مجيئى إلى مصر ما هو ممنوع؟».. فقيل لى: «إن مثلك يعى ما هو مفيد فيما يقول»
نشر في المصري اليوم يوم 29 - 09 - 2009

«كل ما تراه فى مصلحة البلد والدين.. الفقير خادم فيه».. كلمات بسيطة تناسبت مع الجلسة «عربية الطابع»، وجلسته المميزة التى يتكئ فيها على «نصف ركبة»، وليعلن بهذه الكلمات أن حواره مع «المصرى اليوم» لن يقف عند خطوط حمراء، وليخرج الرجل عن صمته بعد 7 سنوات من الإبعاد عن مصر. شخص مثير لجدل كبير لا يبحث هو عنه، تتناقل وكالة أنباء فارس الإيرانية خبر تشيّعه، ولا يتوقف رموز وأتباع مدرسة الفكر الوهابى والسلفى عن تكفيره، كما أنه يرفض إقحام الدين فى السياسة، ويرى أن الدور الرئيسى للدعاة ورجال الدين الإسلامى فى «التوضيح والترشيد»، وفى تعليم السياسى ما يفيده من الدين فى سياسته.
إنه الداعية الإسلامى الحبيب على زين العابدين الجفرى، الذى تناول فى الحلقة الأولى من حواره مع «المصرى اليوم» سنوات الإبعاد ومعارك التكفير، وقال إن لديه أمنيات ثلاثاً، كان يرجو من الله تعالى تحقيقها قبل وفاته، أولاها العودة مرة أخرى إلى مصر، التى أكد أنها تمت بدون شروط، نافياً أن تكون حاجة مصر إليه للتصدى لتيارات التطرف هى السبب وراء السماح بعودته، مشيراً إلى أن مصر أكبر من أن تحتاجه وفيها الثُّلة الصالحة من علماء الأزهر.
وإلى تفاصيل الحوار...
■ ما شعورك بعد عودتك إلى مصر؟
- الشعور الذى كان ينازل القلب عند وصول أول خبر بتيسير الرجوع إلى مصر أو الإذن بذلك، ثم عند ركوب الطائرة، ثم عند هبوطها على أرض مصر، ثم عند وضع القدم عليها، ثم الدخول إلى ساحة سيدى أبى عبدالله الحسين.. لا أستطيع أن أجد كلمات، رغم أن اللغة العربية استطاعت أن تحمل كلام الله سبحانه وتعالى، لكنى أعجز عن التعبير بها عن مشاعرى لحظتها، إلا أنه خطر فى بالى عندما كنت فى الطائرة ما كان سابقاً عندما ذهبت إلى المغرب، ومررت فى سماء مصر؛ فتذكرتُ الأبيات التى نشرتموها من قبل وبدايتها: «قلبى يحن إليكِ يا مصر الهُدى»، لقد تذكّرتها واسترجعتها واستشعرت أن الله عز وجل أكرمنى، وربما لا أكون مبالغاً إذا قلت إن الفقير له أمنيات ثلاث قبل الوفاة كنت أرجو من الله تعالى أن يحققها، أولاها زيارة مصر مرة أخرى.
■ وما الأمنيتان الأخريان؟
- الصلاة فى بيت المقدس وقد حُرر، وأحتفظ بالثالثة.
■ بالنسبة للأمنية الثانية وهى «الصلاة فى بيت المقدس بعد تحريره»؛ هل تشعر بأن ذلك قد يحدث فى حياتك؟
- لا أستبعد ذلك أبداً، بل أعمل على ذلك بما أستطيعه مع تقصيرى وعجزى، وما قذفه الله فى القلب من فهم لكيفية العمل على ذلك، من جهة الثغر الذى أحاول العمل عليه، فهناك ثغور كثيرة نحتاج إلى العمل عليها، أولها أن أكون صادقاً مع نفسى، وفى معاملتى مع الله وفيما أقول وأتعامل به مع الناس، لأنى أعتقد أن أحد أسباب التأخر عن تحقق هذه الأمنية فى الأمة هو أن قيمة الصدق فى صفوف المسلمين اليوم لم تعد كما كانت عليه فى الأصل، بل حتى، ويؤسفنى أن أقول ذلك، أن قيمة الصدق فى الدول التى قد نعيب عليها من التى يسميها البعض متقدمة أو قد ننتقد فيها بعض الأشياء التى لا تتناسب مع ثقافتنا وقيمنا- عندهم أكبر بكثير من قيمتها عندنا الآن، وهذا أحد أسرار قوتهم، وإن كان فيهم الكثير ممن يكذب، لكن الكلام هنا عن قيمة الصدق وعن ثقافة أهمية الصدق.
■ هل هناك شروط لعودتك إلى مصر؟
- لم يُشترط علىَّ شىء، وهذا بصدق، بل إننى سألتُ: هل فى مجيئى إلى مصر ما هو ممنوع أو ما هو مسموح؟ فقيل لى: إن مثلك ليعى ما هو مفيد فيما يقول، لكن ينبغى أن تكون المحاضرات من خلال القنوات الرسمية فقط، فعلى سبيل المثال إذا أردتَ أن تلقى محاضرة أو أن تخطبَ فى مسجد فلابد أن يكون هذا مسبوقاً بتصريح من وزارة الأوقاف، وهذا الطلب ليس فيه أدنى خطأ، ولأنى تعلمتُ أن أعمل عليه فى عدد من الدول الأخرى التى أزورها، ثم كانت إجابتى أن هذا ليس بشأنى، فقد اعتدتُ أن الجهة الداعية فى أى بلد أدخل إليه هى التى تقوم بالترتيبات المتعلقة بالتصاريح، وفيما عدا هذا الأمر لم يُشترط علىَّ شىء.
■ هل طلبت العودة إلى مصر أم كانت هناك تدخلات؟
- قلبى فى كل حين يحنُّ إلى الرجوع إلى مصر، ولمّا لم أتبين لماذا أُخرجت؛ لم يكن من المروءة أن أطالب بالرجوع، إلا أن سيدى الوالد حفظه الله قدم استفساراً هنا، وسأل الجهات المعنية: لماذا مُنع ابنى من الدخول؟ فتوجهوا بالسؤال إلى الجهات التى قد تكون اتخذت قرار المنع، فربما وجدوا أن أسباب المنع فيما مضى لم تكن بكافية أو مقنعة، أو ربما تغيرت الظروف التى تم على أساسها المنع سابقاً، فرُحب بى فى العودة.
■ يرى البعض أن سبب السماح فى هذه الفترة بالذات بعودتك إلى مصر هو انتشار التيار السلفى مرة أخرى فى مصر وظهور فلول لجماعات إرهابية تتستر بالإسلام، وأن مصر تحتاج مثل هذا الصوت العاقل المتزن الوسطى، فهل وصل شىء مثل ذلك إلى مسامعك؟
- أما إخواننا من «الوهابية» الذين يسميهم البعض السلفية فليسوا بمعركتى، وأما المتطرفون أو من يسمون بالإرهابيين فمعركتنا الحقيقية مع الأسباب التى أدت إلى إفرازهم، وأما مصر فهى أكبر من أن تحتاج إلى على الجفرى.. وفى صرح الأزهر، وفى العلماء الصادقين من رجاله مَنْ يمكن أن يتصدوا للأمر.
■ ألا ترى أن بعض الأفكار السلفية تغذى التيارات المتطرفة بشكل عام؟
- لا شك أن نقطة الخلاف الحقيقية مع إخواننا من الوهابيين (وأقولها بصدق إخواننا) ليست فى اختلافهم مع باقى أهل السنة فى الاجتهادات الفقهية أو الشرعية، وإنما الإشكال الحقيقى يتلخص فى نقطتين أساسيتين، النقطة الأولى: اللغة الإقصائية التى يدّعى البعض منهم أو البعض من مراجعهم أو رؤوسهم فيها الحق المطلق فى فهم الكتاب والسنة حتى اختلط عندهم فهم النص مع النص، فأعطوا لاجتهاداتهم فى فهم النص عصمة النص، والنص معصوم لكن الاجتهادات حول النص ليست بمعصومة.
وبالتالى فإن الإشكال الأول معهم هنا هو الإقصاء فى الاختلاف، وعدم قبول التنوع فى الاجتهاد بشكل جلىّ، أما النقطة الثانية فهى فى توصيف الاختلاف، وذلك برفع البعض منهم سقف الاختلاف فى أمور فقهية أقصى ما يمكن أن يقال عن أكبرها أنها من فروع العقيدة وليست من أصول العقيدة، والصحابة اختلفوا فى فروع العقيدة كما حدث بين ابن عباس والسيدة عائشة رضى الله عنهم فى مسألة رؤية الله عز وجل فى الآخرة، فالإشكال فى رفع سقف توصيف الاختلاف من اختلاف فقهى أو فرعى فى العقيدة إلى خلاف فى أصول العقيدة، فأودى بهم اجتهادهم أو فهمهم النصوص إلى مخالفة الأكثر ممن سبقهم، وإلى جعل مخالفيهم خارجين عن الإسلام، وتسمية بعض السلوكيات والأقوال والأفعال بالشرك الأكبر أو بالكفر والعياذ بالله، وهى إشكالية كبيرة لأنه يترتب عليها إخراج المؤمن عن دائرة الإسلام، وفكرة إخراج مؤمن عن دائرة الإسلام- مع رفض فكرة التنوع أصلاً- لا شك أنها ستؤدى مباشرة إلى الصدام بين المسلمين، وبين المسلمين ومن يجاورهم من مواطنيهم، وبين المسلمين والعالم الذى يحيط بهم، فهاتان إشكاليتان.
غير أن الجديد- فيما أظن- أن هناك صوتاً بدأ يبرز من داخل البيت الوهابى فيه نوع من المراجعات، ولا أقصد هنا المراجعات السياسية التى تقوم بها بعض الجماعات الإسلامية مع الحكومات، وإنما الأمر أكبر وأعمق وهى مراجعات منهجية سمعتُها من بعض إخواننا من علماء ودعاة الوهابية المعاصرين، وأعجبنى وجود هذه النبرة، وتم التواصل مع بعضهم، ومع بعض المسؤولين الكبار عن الخطاب الإسلامى فى المملكة العربية السعودية.
واقترحتُ عليهم- وهذه هى المرة الأولى التى أُصرح فيها بهذا الخبر لوسائل الإعلام- أن يكون بيننا لقاء لثلاثة أو خمسة من إخواننا الوهابية مع ثلاثة أو خمسة من بقية مذاهب أهل السنة، يجلسون على مائدة ليس المقصود منها المناظرات الصدامية التى تحدث فى بعض قنوات التلفاز اليوم، وهى أقرب إلى التهريج أو المأساة، وإنما يكون فيها نوع من المراجعات لتوصيف الاختلاف، أى هل القضايا التى يُكفرون من يخالفهم على أساسها، ويرمونهم بالشرك الأكبر، أو الخروج عن الملة، هى بالفعل من قبيل القضايا القطعية التى لا تقبل الاختلاف، أم أنها من الظنيات التى يجوز الاجتهاد فيها والاختلاف..
فإن توصلنا من خلال ذلك الحوار المقترح أنها مسائل قطعية فلابد أن نخرج برأى موحد ولا نقبل الاختلاف فيها، وإن خرجنا على أنها من قبيل المسائل الظنية القابلة للاجتهاد؛ فرجِّح أنت أن هذا الفعل حرام وقُل إن الراجح عندى أنه حرام ورجَّح غيرى خلاف ذلك، ولا تُدرس لطلابك أو تنشر بين الناس فى الشارع أن مخالفك قد خرج عن الملة أو كفر أو حتى ارتكب الحرام المطبق على تحريمه، ثم تستنصر بآيات من القرآن، خالفك أئمة المفسرين وأئمة الفقهاء فى فهمها.
■ وماذا كان ردهم على ذلك؟
- الرد كان فى الوعد، استمهلونى أياماً ليتدارسوا المسألة مع بعض انشغالات عندهم وأنتظر الرد إن شاء الله منهم عن قريب، وأتوقع الخير إن شاء الله من حصول مثل هذا الأمر.
■ سبق أن عرضت الحوار مع بعض ممثلى أصحاب الفكر الوهابى، وذكرت بعض القنوات التابعة لأصحاب هذا الفكر أنها عرضت عليك إجراء مثل هذا الحوار ولكنك رفضت فما تعقيبك على ذلك؟
- الحقيقة عُرض علىَّ ذلك منذ حوالى 6 سنوات، ووافقتُ بالرغم من أنى غير مقتنع بأن الحوار الإعلامى هو البداية الصحيحة، وإنما أعتقد أن البداية الصحيحة هى فى الحوار المغلق الذى يعرف بعضنا البعض فيه عن قرب، وليس من خلال التلاميذ الذين يشوّه كل منهم صورة مراجع الطرف الآخر عند مرجعه، ولكنى مع ذلك وافقتُ على هذا العرض وطلبتُ أن يكون الذى أمامى ممثلاً للمدرسة، وليس ممن تتعامل معهم المدرسة كمتاريس أو وسائل للصدام مع الآخرين.
■ أعطنا مثالاً من ممثلى المدرسة الذين طلبت حوارهم؟
- طلبتُ مثلاً فضيلة الشيخ صالح آل الشيخ وزير الشؤون الإسلامية، أولاً هو مسؤول عن الخطاب الإسلامى فى المملكة، وثانياً هو ابن المدرسة فهو سليل الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمة الله تعالى عليه، وطلبت- إن تيسر معه- سماحة الشيخ الفقيه صالح بن حميد الذى هو الآن رئيس هيئة كبار العلماء فى المملكة العربية السعودية، وكان فى ذلك الوقت رئيساً لمجلس الشورى وإماماً للحرم ولا يزال، أما الآن فأضيف أسماءً أخرى مثل فضيلة الشيخ سلمان العودة، فهذا الرجل عندما جلست معه وجدت عنده العقلانية والفهم، والقدرة على احترام النصوص المروية عن العلماء، وأشعر أن عنده صدقاً مع النفس يشجعنى على الجلوس معه.
وفى ذلك الحين أخبرتنى القناة التى طلبت اللقاء بأن من ذكرت لكم سابقاً من الشيوخ قد اعتذروا فرشحت إدارة القناة غيرهم، فقلت إذاً يسعنى ما وسعهم هم من العذر، وأن مَنْ رشحوهم لى، مع احترامى الكامل للكل، لا يمثلون المدرسة من ناحية، ومن ناحية ثانية- وهو الأهم- أن رؤيتهم تصادمية وليست رؤية تفاهم، بل يحسنون تهييج الجماهير والاستعراض أمام العامة دون الخوض فى فحوى العلم، وقد بلغنى أنهم من وقت لآخر ما زالوا ينشرون عنا أننا تهربنا من الحوار واللقاء، وهذا الأمر لا يستحق حتى مجرد الرد عليه، ولم أعد أرغب فى الاستمرار فى التعامل مع محاولة تصوير أن قضية على الجفرى هى الوهابية، لأن قضايانا أكبر من ذلك بكثير.
فكل ما سبق من تحديات ونحن مشغولون بقضية وهابية وصوفية، وسنة وشيعة، وإخوان وحكومات، ورضينا أن نقبع فى هذا الركن الضيق، وجعلنا ذلك مبرراً للهروب من واجب الانتهاض الذى نحتاج إليه اليوم لخدمة أمتنا وخدمة العالم، ذلك العالم الذى يحتاج اليوم أن يستمع منا إلى لغة تعينه على أن يفيق من التخبط الذى يعيش فيه الآن.
■ معنى كلامك أن استخدام الدين فى الصراع السياسى يضر بالدين أم بالسياسة؟
- يضر بالجميع، بالمتدينين وبالساسة والسياسة، والأهم من ذلك يضر بشعوب العالم، أما الدين الذى هو دين الله فلا يضره شىء، ولا يرقى شىء للإضرار به، وانظر اليوم كم من الدماء تسيل تحت لافتة الدين، أو باسم الدين، وقد كان هناك تقرير أعدته مؤسسة غربية عن القتل باسم الدين، فوجدت أن أكبر نسبة قتل تمت فى التاريخ كانت على أيدى المسيحيين، يليهم البوذيون، ثم المسلمون، فالهندوس، وكانت الأعداد مهولة!
■ إذا التقت جماعة تحت مظلة إسلامية أو دعوية أو تحت شعار إسلامى فهل من حقها ممارسة العمل السياسى تحت هذا الشعار؟
- المطلوب من جميع المسلمين أن تكون حياتهم كلها من خلال هَدْى وأخلاق ومخاطبة الإسلام، ومعظم دساتيرنا تنص على أن الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى، وبعضها ينص على أنه الوحيد للتشريع، فقضية دخول البعض إلى السياسة باسم الإسلام قد يترتب عليها فهم أن غيرها من التيارات ليس له علاقة بالإسلام وهذا خطير، وفى نفس الوقت لا يستطيع أحد أن يحجر على الإسلام ويقول ليس من حق أحد أن يتكلم باسم الإسلام.
وبالنسبة لشخص الفقير إلى الله لا أرى أبداً أن خدمته للإسلام تكون من خلال السياسة، وغير مقتنع أصلاً بأن يكون لعلماء ودعاة الإسلام ممارسة للسياسة، بمعنى العمل على الوصول إلى الحكم، أو تولى المناصب السياسية وتصحيح الوضع من خلالها، فلست مقتنعاً بأن هذا يفيد، ولعل التجربة المعاصرة قد أثبتت صحة هذا الكلام، ولكن أن يكون لعلماء الدين والدعاة دور فى السياسة من خلال الترشيد والتوضيح، وتعليم السياسى ما يفيده من الدين فى سياسته فنعم، وهو دورنا كذلك مع الاقتصاديين والاجتماعيين والأكاديميين ومختلف شرائح المجتمع.
■ هل تصلح ولاية الفقيه فى هذا العصر؟
- لم تصلح ولاية الفقيه فى العصور الماضية حتى تصلح فى عصرنا هذا، وولاية الفقيه- حتى عند إخواننا الاثنى عشرية- فى الأصل أنها باطلة لا تصح إلا عندما يأتى الإمام المهدى، وقد كانت ترجيحاً واجتهاداً من الإمام الخمينى رحمة الله عليه، لقول شاذ كان عند شيعة جبل عامل، فحوله من قول مرجوح أو شاذ إلى قول راجح، وبنى على أساسه «الثورة الإسلامية». وهذا ليس قولى، بل هو ما صرح به عدد من كبار مرجعيات «قم». فولاية الفقيه بالمفهوم الاصطلاحى الحقيقى الذى نراه اليوم لم تكن مقبولة لا عند السنة ولا عند الشيعة ولا عند الإباضية ولا الظاهرية فى السابق.
■ هل تعتبر أن جماعة الإخوان المسلمين تمارس هذا الخطأ بممارسة السياسة تحت شعار دينى؟
- هذا ثالث سؤال يوجه لى فى زيارتى لمصر لأبدى رأيى فى جماعة بحجم جماعة الإخوان المسلمين، ولا أرى أن هذا من المناسب أبداً من جهتى، لا تهرباً من قناعة عندى وإنما لا أرى أنه سيترتب عليه نفع حقيقى، وقد بينت وجهة نظرى فيما أتبناه فى سلوكى، ولست حَكَماً على غيرى فيما يفعل، والإخوان المسلمون فيهم المسىء وفيهم المحسن، وقراءتى لما كان عليه الشهيد الإمام حسن البنا، رحمة الله تعالى عليه، وما سمعته من إخوانه المعاصرين له فى مسيرة التنظيم، أمثال الأستاذ محمد فريد عبدالخالق، وهو رجل فى التسعين من عمره، عندما سألوه فى إحدى القنوات الفضائية عن تقييمه لعمل الإخوان المسلمين فى هذه المرحلة، فقال: «حسن البنا قال كلمة للتاريخ وللإخوان وللعمل الإسلامى، فى آخر كلام له قال لو استقبلت من أيامى ما استدبرت لعدت إلى ما كنت عليه، أُعلّم الإسلام وأربى عليه الناس»، وأضاف وقتها: «أنا لا أنكر على الناس أن يكون لهم تواصل بالحياة ويدخلوا الانتخابات لكن لا يجعلوها هى الأساس»..
وهذا الكلام سمعته أيضاً من سماحة الشيخ بشير الشقفة حفظه الله، عن الشيخ محمد الحامد من علماء حماة، أنه لقى حسن البنا رحمة الله عليه فى الشهر الأخير قبل استشهاده وقال له: «يا شيخ محمد لو استقبلت من أمرى ما استدبرت لما أقحمت الجماعة فى السياسة، ولو قلت لى ماذا تتمنى لقلت أن أعتكف فى قرية من قرى مصر على تعليم الصغار أحكام الدين وتأليف سلسلة من الكتب أسميها (الإسلام كما فهمته)».
وفى آخر لقاء صحفى لفضيلة الشيخ محمد الغزالى، رحمة الله عليه، قبل وفاته ذكر أن البنا رحمة الله عليه ذكر كلاما قريبا من هذا، بعدما قرأت القناعة التى وصلت إليها مسيرة الرجل المؤسس تأكد فى نفسى ما استقر فى داخلى من منهج، أما الإخوان وماذا يريدون وماذا يفعلون فلست حكماً عليهم.
■ هل ترى أن حسن البنا شهيد؟
- أى إنسان يُقتل غيلة بغير حكم قضائى أو قصاص شرعى وهو مسلم فالحكم الشرعى الظاهر عليه أنه شهيد، كذلك أستطيع أن أعبر عن القاضى أحمد الخازندار، الذى اُغتيل بعد حكمه فى قضية مقتل النقراشى باشا، بأنه شهيد، والنقراشى باشا أيضا أما الأمور الباطنة فبين الإنسان وربه، ورُبَّ قتيل بين الصفوف الله أعلم بنيته.
■ البعض قال إن خروجك من السعودية كان بسبب تصريحات شديدة القسوة ضد الوهابيين وصلت إلى حد أنك وصفتهم بالخروج من الملة؟
- النار التى صلانا بها إخواننا من متعصّبى الوهابية هى نار التكفير، فلا يمكن لمن احترق بهذه النار أن يحرق بها غيره، فلا نكفر وهابية ولا شيعة ولا إباضية، ولا يمكن أن توجد جماعة تستشعر حرمة لا إله إلا الله محمد رسول الله، وتؤمن بمسلمات الدين الإسلامى، تُكفّر أحداً من أهل القبلة؛ فالتكفير حكم قضائى وليس بفتوى يفتى بها كل من أراد، فضلاً عن أننى لم أُخرج من المملكة ولكنّنى مُنعت من دخولها.
■ عانيت من القول بتشيعك وأنك متصوف، وكان خبراً بثته وكالة أنباء فارس الإيرانية؟
- هناك من يحاول الطعن فى شخص الفقير وكأن القضية متعلقة بشخص، والشخصنة هذه تقتل الكثير من مشاريع الأمة النهضوية، والشائعات كثيرة وعادتى ألا أرد، فلو أخذت فى تفنيدها واحدة تلو الأخرى لتوقفت- لكثرتها- عن عمل أى شىء آخر غير رد الشائعات، والشىء الوحيد الذى تعاملت معه هو قضية التهمة بالتشيع، والسبب فى ذلك أن المسألة تطورت من كلام عبر الإنترنت إلى خبر فى وكالة أنباء فارس، وهذه وكالة شبه رسمية، فأصبح الوضع كأنه خطاب من إيران إلى العالم بأن على الجفرى أصبح كذا، فاضطررت إلى تكذيب ذلك، والإخبار بحقيقة ما أنا عليه، وأننى على منهج أهل السنة، ولا أبغض شيعياً ولا إباضياً ولا وهابياً ولا غيرهم، فكلهم من أهل الإسلام والقبلة، ولكنّنى من أهل السنة والجماعة، مذهبى شافعى، وأحترم المذاهب جميعها، وقد أرسلنا إلى وكالة أنباء فارس بياناً بتكذيب ذلك الخبر فلم تبثه للأسف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.