«تشريعية النواب» تبدأ مناقشة تعديلات قانون مجلس النواب وتقسيم الدوائر الانتخابية    جامعة بنها الأهلية تنظم اليوم العلمي الأول لكلية الاقتصاد وإدارة الأعمال    جامعة المنيا تختتم مهرجان حصاد كلية التربية النوعية    النطق بالحكم في واقعة تعدي «إمام عاشور» بالسب على مشجع زملكاوي.. 19 يونيو    الصحة تنظم ورشة عمل لتصحيح السلوكيات والممارسات أثناء عيد الأضحى    للطلاب.. 7 طرق مثبتة علميًا لتنشيط الذاكرة وزيادة التركيز    دبابات الاحتلال تعاود محاصرة مستشفى العودة في غزة.. والطواقم عاجزة عن التعامل مع الحرائق    إمام عاشور يغادر المستشفى.. تفاصيل الحالة الصحية للاعب    بدء اجتماع تشريعية النواب لمناقشة تعديل قانوني مجلس النواب وتقسيم الدوائر الانتخابية    مدير تعليم القليوبية يتفقد مركز توزيع أسئلة الدبلومات الفنية    محافظ قنا يُسلم جوازات السفر ل155 حاجًا من الجمعيات الأهلية باحتفالية كبرى    الكشف عن اسم وألقاب صاحب مقبرة Kampp 23 بمنطقة العساسيف بالبر الغربي بالأقصر    عاصي الحلاني يختتم مهرجان القبيات الفني في لبنان أغسطس المقبل    مشاركة مصرية في المعرض الدولي للمدارس سكول إكسبو 2025 بالرياض    «القابضة للصناعات الغذائية» تفتتح 21 شادرًا لبيع الأضاحي الحية بالمحافظات    إعلام الوزراء يستعرض بالفيديو تفاصيل مشروع القطار الكهربائي السريع    جارناتشو يهاجم أموريم بعد خسارة الدوري الأوروبي    تشكيل أهلي جدة المتوقع أمام الاتفاق في الدوري السعودي    البيئة: مصر تلعب دورًا رياديًا لزيادة نسبة المحميات إلى 30% بحلول 2030    وزير الإسكان: مد سريان الحوافز والتيسيرات للمشروعات الاستثمارية بالمدن الجديدة لمدة عام واحد    إنفوجراف| ارتفاع أسعار الذهب اليوم الخميس في بداية التعاملات    إنفوجراف| «الأرصاد» تعلن حالة الطقس غدًا الجمعة 23 مايو    بسبب الخلافات الأسرية.. زوج يقتل زوجته بعصا خشبية في أوسيم    تحرير 534 مخالفة لقائدي الدراجات النارية غير الملتزمين بالخوذة    تعزيز الإجراءات الأمنية في السفارات الإسرائيلية حول العالم بعد هجوم واشنطن    للأسبوع الثاني.. هزات أرضية بدول عربية بعد زلزال في البحر المتوسط    نجوم الساحل يتذيل قائمة الأفلام المتنافسة على شباك التذاكر    أول تعليق من «هبة مجدي» بعد تكريمها من السيدة انتصار السيسي    بعد حذف «بوست» الانفصال.. هل يعود أحمد السقا ومها الصغير؟    مصر ترحب بالتطور في موقف الأطراف الدولية إزاء الوضع في غزة    خلاف بين ترامب ورامازوفا حول قانون الأراضي بجنوب أفريقيا.. ما سر هذا القانون المثير للجدل؟    وزير الصحة يناقش آخر مستجدات ملفات التعاون المشترك مع ممثلي البنك الدولي    الزراعة: تحصين 4.5 مليون طائر في التربية المنزلية والحضانات منذ بداية 2025    سعر الدينار الكويتى اليوم الخميس 22 - 5- 2025 أمام الجنيه    نصف نهائي بطولة أفريقيا لليد.. الموعد والقناة الناقلة لمباراة الزمالك والترجي    امتحانات الثانوية العامة السنوات السابقة pdf.. امتحان الأحياء للصف الثالث الثانوي (أسئلة وأجوبة)    كوريا الشمالية تطلق عدة صواريخ كروز مجهولة الهوية    مواعيد مباريات اليوم الخميس 22 مايو والقنوات الناقلة    أول تعليق من الرئيس الإسرائيلي على حادث واشنطن: الإرهاب والكراهية لن يكسرانا    أسعار البيض اليوم الخميس 22 مايو2025    رئيس الحكومة يعتذر ل أصحاب المعاشات| وتوجيه هام لهيئة التأمينات    نصائح لحماية المواطنين وقت حدوث الزلازل.. تعرف عليها    حكم من يحج وتارك للصلاة.. دار الإفتاء توضح    لماذا زادت الكوارث والزلازل خلال الفترة الحالية؟.. أمين الفتوى يوضح    نصيحة من محمد فضل للزمالك: لا تفرّطوا في هذا اللاعب    مجلس الشيوخ الأمريكي يعتزم التحقيق في هوية الشخص الذي أدار البلاد بدلا من بايدن    كريم محمود عبدالعزيز: «قعدت يوم واحد مع أبويا وأحمد زكي.. ومش قادر أنسى اللحظة دي»    «استمرار الأول في الحفر حتى خبط خط الغاز».. النيابة تكشف مسؤولية المتهم الثاني في حادث الواحات    المستشار عبد الرزاق شعيب يفتتح صرحا جديدا لقضايا الدولة بمدينة بورسعيد    سامر المصري: غياب الدراما التاريخية أثَّر على أفكار الأجيال الجديدة    اليوم.. انطلاق امتحانات نهاية العام لصفوف النقل بالمحافظات    مسلم ينشر صورًا جديدة من حفل زفافه على يارا تامر    امتدح بوستيكوجلو دون ذكر اسمه.. صلاح يهنئ توتنهام بعد التتويج بالدوري الأوروبي    كيف كان مسجد أهل الكهف وهل المساجد موجودة قبل الإسلام؟.. الشيخ خالد الجندي يجيب    محافظ الغربية يُشيد بابنة المحافظة «حبيبة» ويهنئها لمشاركتها في احتفالية «أسرتي.. قوتي».. صور    تحديد موعد مشاركة محمود جهاد في مباريات الزمالك    رئيس إذاعة القرآن الكريم الأسبق: أيام الحج فرصة عظيمة لتجديد أرواح المسلمين.. فيديو    موعد وقفة عرفات وأول أيام عيد الأضحى المبارك 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أوباما «بونابرت»

عندما جاء نابليون إلى مصر على رأس الحملة الفرنسية عام 1798 كان ينوى أن يجعل من هذا البلد قاعدة لإمبراطورية فرنسية فى الشرق تستطيع تحجيم نفوذ إنجلترا فى المنطقة، وفى إطار سعيه لخداع هذا الشعب «وتلبيسه العمة الفرنساوى» دخل «بونابرت» القاهرة ممسكاً بالقرآن فى يديه، ومتحدثاً عن عظمة الإسلام، وواعداً المسلمين فى مصر بأن يقودهم فى مسيرة إلى البيت الحرام وهم يحملون كتاب الله داعين إلى أمة إسلامية موحدة تحت قيادته.
تحضرنى هذه الذكرى التاريخية وأنا أتابع الحفاوة التى استقبل بها المسؤولون المصريون قرار الرئيس الأمريكى أوباما بأن تكون مصر هى محطته لإلقاء خطابه التاريخى إلى العالم الإسلامى، فى إطار سلسلة محاولاته لإعادة صياغة علاقة الولايات المتحدة بشعوبه، وتحسين صورتها لديها.
فالأزهر موجود فى الحدثين، فأثناء الحملة الاستعمارية التى قادها نابليون على مصر كانت العلاقة وطيدة بين الرجل ومشايخ الأزهر، ويذكر بعض المؤرخين أن نابليون كان يحب مجالسة المشايخ ليناقشهم فى أمور تتعلق بالإسلام وبالفقه الإسلامى.
وكان المشايخ - فى المقابل - يبادلون مجاملات قائد الحملة بمجاملات أخرى، منها على سبيل المثال ما ورد فى كتاب «نابليون فى مصر»، من أن المشايخ كانوا يعدون الثريد «أى الفتة» فى «العزومات» التى يحضرها نابليون بطريقة خاصة جداً، حيث كانوا يفرشون على «الفتة» طبقة من الأرز تتكون من ثلاثة صفوف، كل صف منها بأحد الألوان الثلاثة التى تميز العلم الفرنسى الذى غزا نابليون مصر تحت لوائه.
والآن خرج الدكتور أحمد عمر هاشم رئيس اللجنة الدينية بمجلس الشعب يرحب بزيارة الرئيس أوباما لمصر باعتبارها بلد الأزهر الشريف الذى يخدم الإسلام منذ أكثر من ألف عام، وقال «يمكن لأوباما أن يلقى خطابه للعالم الإسلامى من الأزهر أو المكان الذى تختاره القيادة السياسية، وترى أنه المكان الأفضل لتوجيه هذا الخطاب المهم إلى كل أنحاء العالم الإسلامى».
ومن المتوقع بالطبع أن يكون لرجال الأزهر على وجه التحديد دور مهم فى هذه الزيارة، خصوصاً إذا اختار أوباما - كما يردد البعض - هذا المسجد التاريخى كموقع يلقى من فوق منبره خطابه إلى العالم الإسلامى.
وإذا كان نابليون قد أمطر المصريين بمعسول الكلام عن الإسلام، وعظمة الإسلام، وعطاء المسلمين للحضارة البشرية على مدار سنين طويلة، فأتصور أن أوباما هو الآخر لن يبخل على المسلمين بمثل هذا الفاصل من المديح. وكما فرح المصريون الأوائل بكلام نابليون عن الإسلام سوف يبتهج الكثير من «أواخرهم» بكلام أوباما.
فبالأمس كان نابليون، واليوم أوباما، يعلم أن أكثر بضاعة يمكن بيعها لشعوبنا هى الكلام. فالكلام هو السلعة الوحيدة التى لا يوجد عليها «جمرك» كما يقول المثل العامى المصرى، وأتصور أن أوباما لن يبخل على الآذان المتشوقة إلى ذلك بما يرضيها ويطربها. وعندما يلمح أوباما السعادة التى ستغزو العيون نتيجة «وصلات الطرب» التى يمكن أن يقدمها فسوف يشعر أنه «عمل اللى عليه»!.
أوباما رجل يعبر عن المصالح الأمريكية فى المنطقة، سواء فيما يتعلق بحماية تدفق البترول الخليجى إلى بلاده، أو مساندة إسرائيل - بلا حدود - ضد العرب، أو تعبئة العرب فى أى مواجهة أمريكية (أو إسرائيلية) متوقعة مع إيران، وحتى عندما يتحدث عن تحسين علاقة الولايات المتحدة الأمريكية بالمسلمين فهو يبحث فى الأساس عن الصالح الأمريكى، بعد أن اكتوى الأمريكان بنار بعض الجماعات المتطرفة.
والخوف أن تتحول هذه الزيارة بحكم الطريقة التى نتعامل بها معها إلى زيارة علاقات عامة لرجل يريد أن يبيع لنا الهواء معبأ فى زجاجات، أو يبيع لنا «السمك فى المية»، فيأخذ منا كل شىء دون أن يعطينا أى شىء!.
ومما يدعو إلى القلق أن الحكومة المصرية والمسؤولين المصريين استقبلوا قرار أوباما بإلقاء خطابه للعالم الإسلامى فى مصر بأسلوب رجال العلاقات العامة أيضاً، فانطلقوا يؤكدون على موقع مصر فى المنطقة، وحجمها السياسى، وثقلها الحضارى، وأنها بلد الأزهر، وغير ذلك من كلام يعبر بالطبع عن تاريخ، لكنه لا يخدم قضايا الواقع فى شىء.
فزيارة أوباما للمنطقة تأتى فى إطار أجندة أمريكية محددة يدافع عنها، وهذه هى «شغلته». ولابد أن تتعامل مصر - وغيرها من الدول العربية والإسلامية - بأجندة محددة، يأتى على رأسها ضرورة أن تفهم أمريكا أن أصل المشكلة هو إسرائيل ومساندتها - غير المشروطة - لها، وأنه ليس أمامها سوى أن تعيد النظر فى هذا الأمر، إذا أرادت أن تأمن على البترول العربى، أو تؤمن نفسها من إرهاب بعض التنظيمات التى تحاول الانتقام منها لجورها على العرب والمسلمين.
كذلك لابد أن يتنبه أوباما إلى أن مصلحته هى فى الأساس مع شعوب العالم الإسلامى، وليس مع حكوماته، وأن مواجهته للعداء الذى استطاعت الولايات المتحدة أن تزرعه فى نفوس الكثير من المسلمين يرتبط - بالإضافة إلى مساندتها لإسرائيل - بدعمها للحكومات التى تظلم وتعذب شعوبها!.
ولكى يحقق ذلك فهو مطالب بأن يقدم قرارات وإجراءات ومواقف حقيقية يمكن أن يقتنع بها الشارع الإسلامى عموماً، والشارع المصرى على وجه الخصوص، ذلك الشارع الذى كان يبادل كلام نابليون «المعسول» عن الإسلام والشرق العظيم بكلام «شهد» عن الغرب المتحضر والمتقدم.
ولم تمض سوى شهور قليلة حتى انقلب المصريون على الغازى الذى أطلق على نفسه اسم «على نابليون» فى رواية، و«محمد نابليون» فى رواية أخرى، وثاروا ضده، وقتلوا نائبه كليبر - على يد سليمان الحلبى - فى حين لم يتردد نابليون وقادة الحملة فى دهس الأزهر بالخيول للقضاء على ثورة المصريين، لتنكشف معالم «التمثيلية الهزلية» لقصة الحب والتفاهم ب «الكلام»، وليس بالأفعال.
وما أخشاه - حقيقة - أن تتحول زيارة «أوباما» إلى القاهرة لفيلم يرفع يافطة «إنتاج مصرى أمريكى مشترك» يساعد صناع السينما المصرية على منافسة الأفلام الإيرانية التى تتفوق على الكثير من أفلامنا «المحروقة»!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.