فى مصرنا العزيزة لكل عمل رئيس هو الآمر وهو الناهى.. هو صاحب كل الأفكار ومن لا يخطئ له قرار.. هو صاحب الرأى السديد والعمر المديد.. هو صانع المعجزات وصاحب المنجزات.. عندما يتحدث يصمت الجميع فهو المانح والمانع والكل يتمنى بعض رضاه.. نرفعه فوق كل الرؤوس بالنفاق.. لهذه الأسباب يلتصق كل رئيس عمل بكرسيه، متوهمًا أنه الوحيد الذى يستطيع شغل هذا المنصب، وبدونه ستتوقف الدنيا عن الدوران.. رغم أن سن المعاش آتية لا محالة وسيتم نزعه عن كرسيه فى هذه الحالة.. وبعدها يصبح وحيدًا شارد البال ولا يجد ممن مجدوه إلا كل إهمال. أما فى حالة الوظائف العليا وغير المقيدة بالمعاش.. فأصحابها يتوهمون أنهم يملكون الدنيا وما فيها «من مات ومن عاش.. رغم علمهم أن للعمر نهاية ننتظرها، وأن الكفن ليس له جيوب.. فلماذا يتكالبون على المناصب وهى أساس كل المصائب؟ هل آن الأوان أن يتعظ كل رئيس ولا يطمع فى المزيد، ويكتفى بسنوات خدمته.. ويترك من يستحق حتى يأخذ فرصته، وينفض تراب تعب سنوات قضاها فى منصبه الذى لم يجن منه إلا الإرهاق وضغط الدم وحرق الأعصاب إن سعادة الرئيس هى ترك السعادة الزائفة فى جمع المال، وحب السلطة والتسلط والتطلع إلى حياة ينشد فيها الراحة، بعد أن كبرت السن ووهن العظم.. حياة يبحث فيها عن الأحباب والأصدقاء ويسترجع معهم ذكريات الماضى الجميل.. حياة يستمتع فيها بالحرية بعيدًا عن ضغط العمل وقيود المنصب.. حياة جديدة يتمناها وينتظرها كل عاقل يصبو إلى الراحة بعد سنوات التعب.. حياة يختم بها مشوار الدنيا الزائلة والزائفة وهو راضى النفس قرير العين مطمئن البال سيرته ناصعة ويده بيضاء خالية من كل إثم.. يا رب أسعد كل رئيس.. آمين. عبدالعال نوفل