مازلت أبحث عن أسباب وراء هذا القلق المرضى لبعض الدعاة والمفسرين الإسلاميين الجدد، فيما يخص المسائل المتعلقة «بعفة المرأة»! لماذا المرأة بالذات هى شاغلهم الشاغل؟ لماذا هذا الهوس بأمور ردائها وصوتها وخروجها ودخولها وتعليمها وعملها، واختيارها لزوجها وعدد أولادها، وإنفاقها المالى؟! كيف أصبحت المرأة المصرية، رغم تعليمها، ونضج وعيها، تعيش حياتها تحت سيطرة طغيان الرجل باسم الإسلام؟ كشف أحد مراكز البحوث العلمية مؤخرا أن نسبة ضرب الزوجات تزداد بعد صلاة الجمعة.. أوضحت الدراسة أن أئمة المساجد يصبون لعناتهم على النساء أثناء خطبة الجمعة، ويصفونهن بأتباع الشياطين، مما يعبئ نفوس الرجال ضدهن! لم نسمع عن إمام أو فقيه دينى يخرج على شاشات الفضائيات ليفتى الناس بكلمات مستنيرة، كقوله إن «عفة» الإنسان رجلا وامرأة تنبع من داخل النفس، ومن وَرَع القلب النقى. العفة ليست فى التستر وراء صوبة من الزجاج الصناعى طلبا للحماية من الغزاة المعتدين! وهى بالتأكيد ليست رداء يلبس من الخارج، بل هى فضيلة تنمو وتتطور من داخل النفس، وتخضع لقدر الجهد الذى يبذله الإنسان رجلاً وامرأة فى تطويع العقل والروح والجسد، كبحًا لجماح الشهوات المحرمة. لا أحد من الأئمة يخطب فى الناس بقوله إن العفة ليست حكرًا على النساء وحدهن، إنما هى فى عمقها الدينى تكمن فى كف اللسان عن النميمة، ومسك اليد عن السرقة وقبول الرشوة، وفى لفظ العقل لخطط ومؤامرات سوء استغلال المساكين والضعفاء. لا أحد منهم يفتى بأن العفة لا جنس لها ولا دين.. لأنها تشمل كل المبادئ الأخلاقية، وكل القيم الدينية السامية عند كل البشر. لماذا لا يتحدث الدعاة الإسلاميون، على كثرة عددهم، وعلى طول عدد ساعات أحاديثهم على الشاشات الفضائية، عن المرأة بوصفها كائنًا بشريًا نبيلاً، تتحمل التضحية بأناها الفردية من أجل تماسك أسرتها.. تصبر على معاناة تربية أبنائها، وعلى تقلبات شؤون زوجها العاطفية والمالية فى صمت وتواضع وإيمان بمشيئة الله. حتى الدعاة من النساء لا ينصفن شقيقاتهن خوفا من اتهامهن بالتحيز لبنات جنسهن، فيأخذن بالتفسير الذكورى للأحاديث النبوية وللآيات القرآنية. لم نسمع من أستاذة داعية قولها الحق عن النساء، بوصفهن الحافظات لتراث الطهر والتقوى والورع فى الحياة، باعتبارهن مربيات للأجيال، والروايات لحكايا التراث بقيمه الأخلاقية والدينية الكريمة. هنا ينبغى أن أتوقف لأقول لكل فتاة وامرأة كُفى عن النظر إلى نفسك كباعثة لشهوة الرجل على النحو الذى تدعوكِ إليه الأفلام الروائية العربية، وتسجيلات الفيديو كليب الخليعة. ارفضى هدايا الرجل الذى يعاملك كوعاء لشهواته، ولا ترضى بأقل من زوج حبيب، يقدرك فى صحتك ومرضك.. يحافظ عليك فى شبابك وشيخوختك. حبيب واع عادل، لا ينتقى من الدين التفاسير التى تفيد مصالحه الفردية، يشجعك على نمو شجرة عطائك للحياة ولا يخاف من نجاحك وتفوقك. لا ترضى إلا بزوج يحبك قوية متماسكة، لا ضعيفة مستترة وراء خيمة من القماش البالى. aishaaloulnour.com