على الرغم من أن إيطاليا تحتضن دولة الفاتيكان حيث تقع الكنيسة الكاثوليكية الأم، فإن الإسلام له مكان فى بلاد الطليان التى دخل جزء منها تحت راية الإسلام منذ قديم الزمان، عندما فتح المسلمون الأوائل جزيرة «صقلية» مسقط رأس الشاعر والمفكر «ابن حمديس الصقلى»، وأثناء الحرب العالمية الثانية توسعت الجالية الإسلامية فى إيطاليا بعدما هاجر إليها عدد من مسلمى أوروبا الشرقية، ومسلمى أفريقيا، وحاليًا تجاوز عدد المسلمين فى إيطاليا نصف المليون مسلم بينهم أعداد كبيرة من الطلاب الذين يدرسون بالجامعات الإيطالية. رغم هذا العدد الكبير فإن طقوس المسلمين فى إيطاليا خلال شهر رمضان تختلف عن الطقوس التقليدية فى البلدان الإسلامية، وتبتعد عن المظاهر الاحتفالية والولائم العامرة بأطيب المأكولات، وتهتم أكثر بالإقبال على حضور الدروس الدينية التى تنظمها المراكز الإسلامية فى المساجد، إضافة إلى أن المسلم المقيم فى إيطاليا يعتبر الشهر الكريم مناسبة عظيمة لتقوية الروابط بين المسلمين وأبناء الأسرة الواحدة. وللاقتراب أكثر من مشاعر المسلمين توجهنا إلى المركز الإسلامى فى ميلانو.. أول مؤسسة إسلامية تأسست فى إيطاليا التى تعتبر أم المراكز الإسلامية فى الشمال، والتقينا بمدير المركز الدكتور على أبوشامة، الذى بدأ حديثه قائلاً: «يعتبر المركز نقطة التجمع للجالية الإسلامية حيث تقام الصلوات اليومية وصلاة الجمعة والعديد من الندوات وحلقات التفسير وتعليم القرآن واللغة العربية للأطفال إضافة إلى إصدار مجلة شهرية باللغة الايطالية، وبالمركز أيضا تتم عقود الزواج وإشهار الإسلام، بالإضافة إلى الأنشطة الرياضية ومسابقة سنوية فى كرة القدم. وأضاف أبوشامة: لدينا نشاطات خاصة فى شهر رمضان الفضيل تبدأ بعد الإفطار الجماعى المجانى للرجال وللسيدات، ثم صلاوات المغرب والعشاء والتروايح، وبعدها نقيم حلقات الذكر وقراءة القرآن الكريم، كما يزورنا مشايخ من الأزهر الشريف ومن دول إسلامية مختلفة». والتقينا أيضا بعالم من علماء الدين الإسلامى المعروف عنه أنه أول إيطالى يعتنق الإسلام فى العصر الحديث، وهو روساريو باسكوينى الشهير ب«الشيخ عبدالرحمن»، وعندما سألته عن شعوره فى أول رمضان صامه قال: « أول صيام لى كان فى عام 1977، وكنت سعيدًا إلى درجة لا توصف، خاصة بعد أن استشعرت أهمية رمضان فى تعليم الصبر والإحسان إلى الفقراء، كما أنه الشهر الذى أنزل فيه القرآن الكريم.. إضافة إلى أنه جعلنى أقلع عن التدخين فورا والحمد لله.. بحق لا أعرف كيف أشكر المولى عز وجل على أنه هدانى للإسلام وأصبحت واحدا من أفراد خير أمة أخرجت للناس» وقال بكار عبدالرازق (مصرى من الفيوم ومقيم إيطاليا من 3 سنوات) أنا أشرف على مكتبة عباد الرحمن التابعة للمركز الإسلامى، وهى مكتبة تزخر بالكتب الإسلامية لكبار رجال الدين كما أنها تحتوى على المصحف الشريف بلغات متعددة علاوة على البخور والأزياء الإسلامية وشرائط وأسطوانات دينية متنوعة، ورمضان هنا يختلف، ففى أغلب المدن الإيطالية لا توجد مظاهر الاستعداد لاستقبال هذا الشهر، كما تشتاق مسامعى للاستماع قبيل المغرب لصوت القرآن القادم من المساجد. وقال آمن ( من كوت دى فوار ومقيم فى إيطاليا منذ 10 سنوات): «ظروف العمل لا تسمح لنا خلال شهر رمضان بالإفطار جماعة، ما يجعل شهر رمضان لا يختلف كثيرا عن الأيام العادية فى إيطاليا، لكنى أحاول التواجد يوميا فى المركز الاسلامى، والأهم من ذلك هو أن المحرمات هنا أحيانا تكون على مرأى من العين فى الشوارع والطرقات لكن بفضل قوة عقيدتى وحبى لله فأتجاوز كل هذا وأكثر. ومن ناحيتها، ترى ريان (فتاة من مواليد إيطاليا لكنها من أصل عربى): «أن قضاء رمضان فى إيطاليا صعب للغاية نظرا لتأخر موعد غروب الشمس، الذى يقترب من التاسعة مساء». وفى هذا الصدد تضيف صديقتها وسيلة قائلة: «شهر رمضان الماضى ذهبنا فى إجازة إلى دبى وشعرت بالأجواء الرمضانية الساحرة كما شعرت بالتوحد الروحانى فى السلوك، حيث تغلق معظم مطاعم الأغذية فى نهار رمضان.. مما يلغى الرغبة فى الأكل».