قالوا للحرامى (احلف) قال (أتاك الفرج).. وقالوا للحكومة عندك كارثة رى المزارع بمياه المجارى.. قالت نصدر قانون يجرم الرى بمياه الصرف الصحى وخلصت الشغلانة وناموا آخر الليل مستريحين.. وقالوا للحكومة الشوارع مزدحمة والمرور مرتبك والخروج للشارع حرق للأعصاب ومضيعة للوقت والجهد والعمر والصحة والمال.. قالوا نصدر قانون المرور ونعاقب من لا يضع «طفاية ومثلث وشنطة إسعاف وحزام ناسف على وسطه» بالسجن والغرامة.. وقالوا للحكومة عندك ملفات متخمة بالفساد والمفسدين.. التفتت الحكومة يمينا ويسارا وقالت أين هذا الفساد أنا مش شايفة غير صفين لولى.. ولكن من باب الاحتياط أصدرت قانون العيب وأنشأت محكمة القيم والمحاكم العسكرية وقانون من أين لك هذا والمدعى الاشتراكى والمدعى العام والمدعى سياسة والمدعى بالحق المدنى فى قضية سوزان تميم.. وقالوا للحكومة هناك عشوائيات فى بناء المساكن وتعلية أدوار مخالفة للقانون.. قالت يبقى الحال على ما هو عليه وعلى المتضرر اللجوء للقضاء والمخالف يدفع غرامة البناء بدون ترخيص وإنشالله البيت يطربق على دماغ السكان ويموتوا كلهم.. وقالوا للحكومة هناك تكدس فى الفصول والتلاميذ قاعدين فوق بعض.. قالوا أصدرنا لكم قانوناً بإنشاء مدارس لغات خاصة ولغينا لكم سنة ستّة.. قالوا للحكومة المدارس الخاصة تبالغ فى المصروفات قال الدكتور الوزير حسين كامل بهاء الدين:«الغاوى ينقط بطاقيته».. رجعت الناس وقالت للحكومة التعليم الخاص بقى سبوبة وليست عليه رقابة وشغلة من لا عمل له (أعرف واحد قهوجى فتح جنب القهوة مدرسة وكان بيفتح باب المدرسة للتلاميذ علشان تزوغ وتقعد على قهوته تشرب شيشة وتلعب كوتشينة وهو ياخد من أولياء الأمور المصاريف وياخد من التلاميذ مصروفهم والأبلة تاخد السندوتشات) الناس صرخت من التعليم الخاص والعام.. الحكومة سمعت الصريخ رجعت سنة ستّة تانى وطالبت بإلغاء مجانية التعليم.. وتمديد العمل بقانون الطوارئ فترة رئاسية أخرى. هكذا علمتنا حكومتنا الرشيدة التى لا تجيد سوى إصدار القوانين وتجريم المواطنين.. وأحيانا تجريس المواطنين وأحيانا أخرى التنكيل بالمواطنين.. فكلما صادفت الحكومة مصيبة أو عصفت بها أزمة مستفحلة فما عليهم سوى عقد اجتماع عاجل وتلفيق قانون عقابى معتبر على السريع يوقع على المواطن أولا وأخيرا إلى أن يقول حقى برقبتى ويرضى بما قسمه له الله من حكومات.. والحكومات أعتاب وِقرَفْ.. ورغم كل ترسانات القوانين التى لم يعرف مثلها شعب قبلنا أو بعدنا.. إلا أن الحكومة لم تفكر يوما واحدا فى حل مشكلة من هذه المشكلات حلا جذريا.. فقد اتضح أن البلد الذى يمر فيه أطول أنهار العالم لم يجد مزارعوه قطرة ماء نظيفة ليروى بها زرعهم وذلك لتخبط سياسات وزارة الزراعة والرى والإسكان وتنازع الاختصاصات.. ولولا حملة «جريدة المصرى اليوم» التى اكتشفت آلاف الأفدنة لم تكن الحكومة لتحرك ساكنا فبالتأكيد الحكومة تعلم علم اليقين أن هذا يحدث ومن زمان بدليل أن هناك أراضى كشفت عنها «المصرى اليوم» كانت ومازالت تروى بمياه المجارى منذ ثلاثين عاماً وهل يأتى الفلاح بمياه المجارى من (الطرنش) الذى تحت بيته ولا مؤاخذة.. أم أن هذه المياه متاحة وبكميات وفيرة تكفى لرى آلاف الأفدنة ومن الذى أتاحها سوى الحكومة. ■ ■ وكما أن مواسير المجارى ضربت ودخلت على الأراضى الزراعية فأيضا ماسورة برامج استفزازية ضربت فى ماسبيرو والفضائيات.. ودخلت علينا وإحنا قاعدين فى أمان الله.. وكأننا ملطشة لكل من هب ودب.. وكما أن هناك صحفاً صفراء تفرح فى مصائب خلق الله.. وتبحث عن فضائح البشر.. ويسعدها كشف عورات البنى آدمين.. هناك أيضا برامج صفراء.. وهذا ليس غريبا على من يبحثون عن المكسب ولا يهمهم الوسيلة.. ولكن الغريب هو انصياع كل هؤلاء النجوم لأوامر مقدمى البرامج بمثل هذه السهولة والاستسلام التام لمشرط الجزارين الذين يسعدهم بكاء الضيف ويطربهم إثبات أن أمه رمته فى الشارع لكى يلم سبارس وهو صغير.. وان الخلافات الزوجية التى مازالت تنظر فى المحاكم تذاع كل تفاصيلها على الملأ ويعلم بكل تفصيلها أمة لا إله إلا الله.. وهل كل هؤلاء النجوم فى حاجة لبضعة ألوف من الجنيهات حتى يقدموا كل هذه التنازلات ويتحولوا إلى فرجة وعبرة لمن لا يعتبر فإذا بكل النجوم يخرجون من برنامج إلى برنامج وقد أصابتهم حمى الظهور والاستمتاع بهذه المسخرة اليومية فتجد الفنان يدخل برجليه (النفق) ويخرج منه ليقع فى (الكمين) ويطلع من الكمين يعملوله (فيش وتشبيه) يقابله واحد يقوله (لماذا ؟).. يتزحلق فى (باب الشمس ).. تطلع له (الجريئة) من بير السلم.. تفتح الباب تلاقى (المخرج) واقف لك بالمرصاد وفى الآخر يقبض عليكم مستر( كرومبو).. ولو انكتب لك عمر جديد وطلعت سليم تدخل عليك الدراما والكوميديا والأكشن وابقى قابلنى لو خلفت عيال تانى أكيد حاتقطع الخلف.. فالتليفزيون بيصرف علينا نفاياته وهم بيصرفوا الملايين وأهو كله صرف صحى للغاية، وكل عام وأنتم بخير.