يحسب ل«المصرى اليوم» قيامها بحملتين فى الآونة الأخيرة من أهم ما يتصل بحياة المصريين، وفى الحالتين أدت الحملتان إلى نتيجة وإلى «تنازل» المسؤولين بالرد على مشكلتى القمامة التى نغرق فيها، ورى المزارع بمياه الصرف الصحى، وهذه كارثة بكل المعايير وبجميع اللغات، واللافت للانتباه أن جهازنا البيروقراطى الرهيب والذى تمتد أذرعة إلى جميع مناحى حياتنا، لا يلتفت على ما يبدو إلى المشاكل الحقيقية إلا عندما يكشف عنها صحفيون شباب مثل الورد فى جريدة تضع فى اعتبارها القارئ وتعده أولى أولوياتها، كما يؤكد دائماً رئيس التحرير الكاتب مجدى الجلاد. أما بالنسبة للقمامة التى بدأت «أزهى عصورها» منذ تم تكليف شركات أجنبية بتنظيف البلاد منها، فالأكيد أننا نرى قمامة تنمو نمواً طبيعياً مثل يهود المستعمرات فى فلسطين، وشركات تنتفخ جيوبها بالملايين التى ندفعها بموجب «عقود إذعان» حيث التقدير جزافى والتسديد إجبارى والمحاسبة من المحرمات، وأيضاً من توابع زلزال الشركات الأجنبية مشهد عمال النظافة بوجههم البائسة، وهم يتسولون فى الشوارع ولن يكذبنى أحد إذا قلت إن المدن كانت أنظف، والعمال كانوا أكرم، قبل أن نبتلى بخصخصة النظافة، التى تسير على نهج النموذج الوطنى للخصخصة، فلا التزام على أحد ولا قدرة للحكومة على تصويب الأمور المقلوبة، ولكن قبل أن نرى أى بشائر نظافة منذ سنوات عديدة، وبينما تهددنا الأمراض «الصديقة» للقمامة من جميع أنواع الأوبئة والفيروسات القاتلة وآخرها «الطاعون»- إذ ب«المصرى اليوم» تفجر كارثة الرى بمياه الصرف الصحى، وللعقلاء فى هذه الحكومة أن يتخيلوا وقع الخبر على المواطنين الذين قال وزير الرى إن هذه المزروعات تسمم صحتهم، وحتى على السائحين الذين قد يصل إلى علمهم ما ينتظرهم من «أغذية» فى بلد النيل!! المدهش أن فضيحة الرى بمياه المجارى كشفت عن أنه لا يوجد أى قانون أو قرار يمنح وزارة الزراعة علاقة تفتيشية أو مراقبة لمخالفات التلوث وعدم وجود جهة واحدة تتعامل مع هذه المخالفات، وأعتقد أن أصحاب المزارع المجرمة يعرفون القانون وثغراته التى يجيد كل مخالف أو ملوث أو معتدٍ تفاصيلها وكيفية التعامل مع الحكمة الأثيرة الخالدة «يبقى الحال على ما هو عليه»، تماماً كما يحدث فى الاعتداء على الأراضى الزراعية وبناء مدن بحالها عشوائيات وجود الحكومة التى «تحظر» التعدى على الأراضى الزراعية والبناء عليها؟!. لا شك أن المزارعين الذين أعطوا ضمائرهم إجازة طويلة ارتكبوا جريمة بكل المقاييس، فتأثيرات ما «أكلناه» من منتجات زراعية ملوثة بأبشع أشكال التلوث ستظهر فى أقسى أنواع الأمراض.. القاتلة.. ولكن.. لماذا لم تتنبه أجهزة الدولة إلى هذه الجريمة وهى فى المهد؟ ولماذا لم يخرج البكوات الجدد من مكاتبهم المكيفة ليجروا تفتيشاً على المخالفين؟ وكيف لم يتنبه أحد إلى الإلقاء بمخلفات الصرف الصحى فى المجارى المائية والمصارف التى يروى الفلاحون أراضيهم منها؟ وأيضاً.. ما دامت المساحات المعنية كانت مخصصة لزراعة أشجار خشبية وإقامة غابات كيف لم يفرق المسؤولون بين «الفجلاية» والشجرة؟ وبالمرة سؤال آخر هل لو وجد الفلاحون مياهاً صالحة للرى كانوا سيعافونها ويعلنون فى مساحات مدفوعة فى الجرائد تمسكهم الذى دونه الموت، بالرى بمياه الصرف الصحى؟ وهل سيتهمنى البعض بأننى أسيرة نظرية المؤامرة، إذ قلت لأصدقاء مقربين منذ سنوات إننى أستشعر مؤامرة لتفجير الشعب المصرى وربما إبادته دون «خسارة» طلقة واحدة.. فللحرب وجوه كثيرة.. أكثر مما نظن!! ولذا أقول إن الحملة.. هى الحل!!