الحكومة التى يأكل الناس فى عهدها محاصيل مزروعة بمياه المجارى لا يجوز أن تظل فى موقعها يوماً واحداً. أما الحكومة التى يحدث ذلك فى عهدها ثم تبدى كل هذا الاستهتار بأرواح الناس فلا تصدر بيانا واضحا ومسؤولا تشرح لنا فيه بالتفصيل أبعاد الكارثة وماذا نفعل بالضبط وما الذى ينبغى أن نمتنع عن شرائه فهى حكومة ينبغى محاسبتها لا فقط إقالتها. فقد تبين أن كارثة، الرى بمياه الصرف الصحى لا تقتصر على أفدنة محدودة ولا حتى على محافظة واحدة. وقد اتضح أن الوزارات المعنية كانت على علم بشكل أو بآخر بتلك الكارثة. ولم يكن هناك أسوأ من الكارثة نفسها سوى رد الفعل الحكومى إزاءها. فبعد أن سكتت الحكومة دهرا إذا بها تتمخض لتلد فأرا. فقد نشر الأهرام فى عدد 25 أغسطس أن رئيس الوزراء «طالب فى اجتماع وزارى» - ولاحظ طالب هذه - بإعداد تشريع لتجريم استخدام مياه الصرف الصحى فى الرى والزراعة. وحتى يصدر التشريع وعليكم خير، فليمت من المصريين من يموت وليمرض منهم من يمرض. وكل يوم تقرأ خبرا هنا أو هناك مؤداه أن الحكومة «قررت» إزالة الزراعات فى المنطقة كذا. ماذا عن المحاصيل الموجودة الآن فعلا فى الأسواق؟ وماذا نشتريه يوميا ويدخل بيوتنا؟ هل تم إعدام هذه المحاصيل؟ هل نمتنع نهائيا عن أكل الخضروات والفاكهة حتى إشعار آخر؟ وماذا عن الأمراض التى تصيبنا بسبب كل ذلك؟ كل تلك الأسئلة وغيرها لا تجد لها أى إجابة عند تلك الحكومة بليدة الحس والحركة معا. وبينما تعم البلوى أرض مصر لتأتى على صحة أبنائها دون حساب ولا مساءلة، يتحفنا حزب الحكومة بخبر يعلن فيه عن توزيع مليون شنطة فى رمضان! والحقيقة أن الخبر أثبت أن الحزب أكثر سخفا من حكومته. فبدلا من أن تنتفض رموز الحزب بسبب كارثة الرى بالمجارى ولو من باب الحرص على سمعة الحزب الذى حدثت تلك الجريمة فى عهده، إذا بالحزب يترك مهام الحكم ويرتدى جلباب الدراويش وينخرط فى العمل الخيرى. وبدلا من الانشغال بإيجاد حلول حقيقية لمشكلتى الفقر والبطالة إذا بالحزب – مثل حكومته - يستخف بالمصريين ويعالج مشكلاتهم بمنطق رجل البر الذى يوزع العطايا على المعوزين لا بمنطق من هو فى موقع المسؤولية. وإذا كانت تلك الشنط فعلا من تبرعات الأعضاء كما قيل فما الذى يدعو لتوزيعها باسم الحزب؟ وما الفارق يا ترى بين توزيع زكاة أعضاء الوطنى باسم الحزب وبين ما يفعله الإخوان؟ أما إذا كانت الشنط من أموال الحزب أى أموال دافع الضرائب فلماذا لا تخصص مثلها لحزب التجمع أو الناصرى مثلا لينفقها على من يعرفهم من الفقراء؟ عندى اقتراح للحكومة بعد أن أصدرت مؤخرا كتابا عن إنجازاتها أن تصدر كتابا آخر تحكى فيه للمصريين عن عبقرية إنجاز واحد فقط يكفيها لتباهى به الأمم يوم القيامة وهو أنها الحكومة التى أكل المصريون فى عهدها بمياه المجارى. وأقترح على حزب الشنط أن يجرى بعد نشر هذا الكتاب استطلاعا جديدا مثل الذى أجراه منذ أسابيع يسأل فيه هذه المرة رأى الناس فى الكتاب لا فى الحكومة. ويا حزب الشنط ويا حكومته البليدة نحن مواطنون لا رعايا، أى لنا حقوق ولا نطلب عطايا. وأبسط حقوقنا أن نأكل طعاما صحيا ونشرب ماء نقيا فى نهاية العقد الأول من القرن الحادى والعشرين.