يعتقد الكثيرون من شعب مصر لأسباب مختلفة أن الانفجار السكانى هو حجة يرددها الحكام فى مصر لتبرير سوء الأحوال والانحدار الكبير والتدهور الذى حدث لنا. ربما يكون كلام الحكام للتغطية على فشلهم الذريع ولكن يجب ألا ننسى الحقيقة العلمية الواضحة التى تقول إن الزيادة الرهيبة فى عدد السكان مشكلة كبرى تواجه الوطن. نعلم جميعاً أن التنمية الشاملة هى أحد الحلول المهمة للمشاكل السكانية ولكن هناك حقائق يجب أن نفكر فيها بالعقل ونبتعد عن العواطف. أولاً كان عدد سكان مصر يوم احتلال الإنجليز لها فى عام 1882 ستة ملايين نسمة، ارتفع إلى 19 مليوناً فى عام 1947 ثم 26 مليوناً فى عام 1960 ثم 48 مليوناً فى عام 1986 والآن نحن 77 مليون بنى آدم. ثانياً: معدلات الزيادة السكانية فى مصر تزيد على 2.1٪ مقارنة ب 1.4٪ فى إيران و1.6٪ فى الهند و1.5٪ فى أندونيسيا ونصف بالمائة فى الصين وصفر بالمائة فى أوروبا. ثالثاً: ما سبب هذا الانفجار السكانى؟ هل السيدات المصريات ينجبن أطفالاً أكثر مقارنة بخمسين أو مائة عام مضت؟ هذا غير صحيح فمعدل الإنجاب قد انخفض فى مصر ولكن عدد السكان يزيد. أتدرون لماذا؟، السبب الأصلى هو انخفاض كبير فى وفيات الأطفال التى كانت تبلغ أكثر من 50٪ بسبب التطعيم الإجبارى وتوفير مياه شرب نقية واستخدام المضادات الحيوية مع ارتفاع فى متوسط عمر المصريين. رابعاً: لماذا تصر العائلة المصرية على إنجاب أعداد كبيرة من الأطفال وذلك يحدث أساساً بين الفقراء وبين من تنخفض لديهم نسبة التعليم وخاصة تعليم المرأة. هناك أسباب كثيرة أهمها الجهل العام بأهمية الأسرة الصغيرة ليكون هناك فرصة أحسن لتعليم الأطفال والعناية بهم وسابقاً كانت هناك عوامل اقتصادية بسبب عمل الأطفال وأيضاً الجهل بطرق منع الحمل. فخمسة أخطاء فقط فى طريقة الاستعمال على مدى ثلاثين عاماً من فترة الخصوبة سوف تؤدى إلى خمسة أو ستة أطفال زيادة بالإضافة إلى الثلاثة الذين كانت الأسرة ترغب فيهم. وكذلك تأثير بعض رجال الدين بأن الإسلام يحض على الزيادة فى النسل ليزداد عدد المسلمين أو أن تنظيم النسل تدخل فى إرادة الله، أو أنها خطة غريبة لتحجيم أعداد المسلمين، كل هذه العوامل تؤدى مجتمعة إلى الفشل فى مشروعات تنظيم الأسرة. خامساً: دعنا ننتقل إلى أخطار الانفجار السكانى فى مصر. هناك مخاطر كثيرة أولها أن الإنسان يحتاج إلى مساحة معينة من الأرض يعيش فيها، فالكيلومتر المربع لا يجب أن يزيد عدد سكانه عن عدد معين نحن محاصرون داخل واد ضيق ازدحم بالسكان، بحيث أصبح المشى فى الشوارع مستحيلاً وليس هذا الأمر فى القاهرة فقط بل فى المدن والقرى. الشىء الثالث هو أن الزحام الكثيف يولد الاحتكاك والعنف والجريمة والقذارة وهو ما نراه اليوم فى مصر كظاهرة عادية. الشىء الرابع: هو أن توفير تعليم معقول ورعاية صحية معقولة هو شىء صعب المنال فى دولة بها انفجار سكانى، ما بالك إذا كانت الدولة فاسدة ولا تقوم بتنمية ولا يهمها إلا استمرار الحكم حتى ولو تحول المصريون جميعاً إلى جثث مرصوصة بجوار بعضها البعض. ونتج عن هذا الانفجار كوارث فى مياه الشرب والصرف الصحى وأطفال الشوارع وارتفاع نسبة الأمية وهى مشاكل الحكومة مسؤولة عنها ولكن الانفجار السكانى جعلها صعبة الحل. سادساً: تآكلت الأراض الزراعية بفضل تفسخ وفساد الدولة من ناحية ومن الضغط السكانى من الناحية الأخرى، كيف نستطيع أن ننتج غذاء يكفينا وأرضنا فى طريقها إلى الزوال؟ يقول قائل: الصحراء واسعة وهى قولة حق يراد بها باطل فزراعة الصحراء صعبة ومكلفة وسكنها يحتاج إلى مرافق مكلفة لا يقدر عليها أحد، نعم فلنتوسع فى الصحراء، ولكن هذا التوسع سوف يكون محدوداً مهما فعلنا. إذا لم يعرف الشعب المصرى أنه فى الطريق إلى كارثة وهى الانفجار السكانى الذى سوف تكون نتائجه أوبئة تحصد الآلاف وربما الملايين. يا أهل مصر أمامكم مصائب كبيرة صنعها الحكام ولكن هناك مشكلة شاركنا فى صناعتها ويجب أن نحاول حلها. إن خطورة الوضع الحالى أن الفقراء ينجبون أطفالاً كثيرة ويزداد وضعهم سوءاً وفقراً والأغنياء ينجبون طفلاً أو اثنين فتتحسن أحوالهم المادية والتعليمية والصحية ويزداد انفصال المجتمع وانقسامه. ويا أيتها الحكومة الذكية لقد عينتم وزيرة لحل مشكلة السكان ولم تعطوها غير كرسى فى مجلس الوزراء، وهذا عنوان عدم الجدية. إن هذه المشكلة يجب أن يشارك فى حلها رئيس الجمهورية والوزراء والنواب ومصر كلها لأنه بدون حلها ستكون مصر فى الباى باى خارخ التاريخ والإنسانية وكل شىء.