كنتُ ولاأزال أدعو الدكتور أحمد نظيف إلى أن يخرج على الناس بإنجازه الحادى والستين، إذ كان قد خرج عليهم قبل عدة أيام ب60 إنجازاً لحكومته، فى صورة كتاب صدر عن مجلس الوزراء، وراح يحصى على صفحاته «إنجازات» الحكومة من وجهة نظرها، إنجازاً وراء إنجاز، بواقع واحد منها كل شهر على مدى 60 شهراً، هى عمر الحكومة فى مقاعدها! والإنجاز الحادى والستون الذى أقصده وكنت قد أشرت إليه، أمس الأول، هو أن يكون لرئيس الوزراء، ابتداء من اليوم، حديث دورى، وليكن شهرياً، فى حدود ثلث ساعة مثلاً، يشرح خلاله لمواطنيه ماذا تم من «إنجازات» يراها، ومتى، وكيف، وأين، بحيث يستطيع «تسويق» إنجازاته بين المصريين، وبحيث يجعلهم شركاء معه فيما فعل ويفعل، وفيما سوف يفعل، وبحيث يشعر الثمانون مليوناً بأن هناك إنجازات فعلاً قد تجسدت على الأرض، بدليل أن صاحبها معهم على الخط، إعلامياً، وبدليل أنه يشير إلى كل «إنجاز» ويحدد مكانه، وزمنه، فإذا تكرر ذلك منه كان قد سن سُنة حُسنة، له أجرها السياسى، وأجر من يعمل بها من بعده، من رؤساء الحكومة! ولم أكن أعلم أن المرحوم الدكتور عزيز صدقى، رئيس الوزراء الأسبق، قد عمل بهذه الدعوة، عندما كان رئيساً للحكومة فى أول أيام السادات، حتى نبهنى إلى ذلك سياسى كبير، لم أستأذنه فى نشر اسمه، فهو رجل كان ملء السمع والبصر، بمواقعه التى شغلها يوماً، ولا يزال يملأ السمع والبصر أيضاً، بآرائه وأفكاره النافذة! ولم يكن المهم أنه نبهنى إلى أسبقية الدكتور صدقى فى هذا الاتجاه، ولكن الأهم أنه يرى أن دعوتى للدكتور نظيف، إنما هى دعوة «تودى فى داهية» رغم وجاهتها، لأن ظهور رئيس الوزراء، أى رئيس وزراء، بهذه الطريقة التى نتخيلها، وندعوه إليها، سوف يكون أمراً غير مُحبب للدولة فى أعلى مستوياتها، وربما يكلفه ذلك ثمناً فادحاً فيخرج من الوزارة فى الحال، كما أن تقدير السياسى الكبير أن أطول رؤساء الوزارة بقاء فى موقعه، من عام 1981 إلى اليوم، كان هو الدكتور عاطف صدقى، لأنه كان يعرف حدوده، ويتصرف طبقاً لها، فلا يتجاوزها، على عكس الدكتور الجنزورى مثلاً! والحقيقة أن هذا المنطق مردود عليه، بأنه ليس من المتصور أن يبدأ الدكتور نظيف طريقاً من هذا النوع، دون أن تكون لدى الرئيس فكرة عن الموضوع، فالطبيعى أن يكون الرئيس على دراية مُسبقة، وأن يبارك الفكرة مقدماً، ونظن أنه سوف يتحمس لها، لأن نجاح رئيس الحكومة فى توصيل إنجازات الحكومة إلى المواطنين إنما هو إضافة للرئيس نفسه فى نهاية المطاف، فهو رأس السلطة التنفيذية بنص الدستور، ومن مصلحته أن يحالف التوفيق هذه السُلطة فى أدائها، وفى التواصل مع كل مواطن، ثم إن الرئيس اختار رئيس حكومته وفرضه علينا، وليس من المتخيل أن يبخل عليه بأن يكون لعمله مردود بيننا! عزيز صدقى فعلها.. وماراحش فى داهية!