الصديق الأستاذ كرم جبر، رئيس مؤسسة روزاليوسف، غاضب منى ومن غيرى، لأننا فى ظنه نصور المؤسسات الصحفية القومية، وبينها «روزا» طبعاً، على أنها تقف ضد رغبة وزارة التعليم فى تطوير المناهج. فهذه المؤسسات - لمَنْ لا يعرف - تحصل سنوياً على 247.5 مليون جنيه، من الوزارة، نظير طبع الكتب المقررة على التلاميذ، وهو مبلغ يمكن أن تفقده ابتداء من العام الدراسى بعد المقبل، حين يأتى الموعد الذى حدده الدكتور يسرى الجمل، لبدء نظام جديد، فى إقرار مناهجه! فهذا الموعد، هو تاريخ طرح المناهج الجديدة، فى مناقصة عالمية، وليست محلية، كما كان العُرف قد جرى طوال سنوات مضت! ولأن المؤسسات كانت ولاتزال تطبع فقط، فإنها فى ظل النظام الجديد، سوف تفقد عقودها التقليدية السنوية، لأنه نظام يشترط فيمَنْ سوف يطبع، أن يؤلف أيضاً، ثم يقوم بالتوريد، وهو ما لا تستطيع مؤسسات الصحافة، بوضعها الحالى، أن تفعله، ولا تقدر عليه! الوزارة مصممة، واتخذت قرارها، وانتهى الأمر، وقد كنت طوال الأيام الثلاثة، التى تناولت فيها الموضوع، أقف فى صف تطوير التعليم، دون نقاش، وكنت، ولا أزال، مستعداً لأن أبصم بالعشرة، وأنا مغمض العينين، على أى قرار يؤدى إلى تحريك التعليم من مكانه، ولو خطوة واحدة إلى الأمام! ولكن الأستاذ كرم معترض - كما سمعت فى اتصال منه - على عنصر المفاجأة فى المسألة، من جانب الوزارة، وهو ليس ضد تطوير المناهج طبعاً، ولكنه يريد حوارًا كافياً، ومعلناً، حول الفكرة، ويريد أيضا فرصة للمؤسسات الصحفية تستطيع، خلالها، أن تتواءم مع النظام الجديد! وبطبيعة الحال، فإن الأستاذ كرم، الذى أحترمه، معذور تماماً، لأنه بحكم وجوده على قمة مؤسسة عريقة مثل «روزا» يظل مسؤولاً عن تأمين مواردها بأى طريقة، فلسنا الآن فى عام 1935 عندما كانت السيدة العظيمة روزاليوسف قد أصدرتها يومية، لمدة عام ونصف العام، ثم توقفت سريعاً بسبب خسائرها المتلاحقة، لدرجة أن رئيس تحريرها الدكتور محمود عزمى استقال، ثم تركها العقاد إلى الأهرام، ووجد مجلس الوزراء، وقتها، أنه مضطر إلى وقف ترخيصها لعدم انتظامها فى الصدور! كانت السيدة «روزا» تنفق على الصحيفة، من جيبها، ولم يكن أمامها خيار غير إغلاقها، لأن ما فى جيبها كان قد نفد، ولكن الدولة الآن ملتزمة بالإنفاق من جيب دافع الضرائب على صحف تخسر، ومع ذلك كله، لست ضد أن تدعمها الدولة من دم دافع الضرائب، ليس فقط ب 60 مليونا، تحصل عليها المؤسسة حالياً، من مبلغ ال 247.5 مليون، وإنما لا مانع - والحال هكذا - من دعمها ب 120 مليوناً، بشرط وحيد، هو ألا يكون ذلك على حساب التعليم، وألا يسدد الدكتور الجمل الفاتورة من جيب وزارته، فجيوب الدولة بلا عدد، وليس معقولاً أن تكون قد ضاقت، إلا على هذا الجيب!