معظم الحجاج المتوفين خلال موسم حج هذا العام من المخالفين    سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الخميس 20 يونيو 2024 في البنوك    المركزي الكندي يدرس الانتظار حتى يوليو لخفض معدل الفائدة    هجوم سيبراني على شركة سي دي كي جلوبال مزود البرمجيات لتجار السيارات في أنحاء أمريكا    لأول مرة فى تاريخ الحج ..حرمان 300 ألف مسلم من الفريضة وهذا مافعله "بن سلمان " مع ضيوف الرحمن ؟    هآرتس: قيادات أمنية وعسكرية انتقدوا في اجتماعات مغلقة مطلب إسقاط حكم حماس وتدمير قدراتها    أرقام قياسية من توقيع نوير وشاكيري ضمن أبرز لقطات سادس أيام يورو 2024    الرئيس القبرصي: لسنا منخرطين في أي صراع عسكري.. وتصريحات نصر الله غير واقعية    حسابات التأهل بالمجموعة الأولى.. الماكينات تحسم وسويسرا تقترب وإسكتلندا في المشهد    ترقي الممتاز.. منتخب السويس يستضيف سبورتنج في الدورة الرباعية    وزير الرياضة ينعي مشجع نادي الزمالك    شاكيري يحقق رقمًا قياسيًا في يورو 2024 بعد هدفه الرائع أمام إسكتلندا    مراسل القاهرة الإخبارية بالرياض: عدد من المتوفين بموسم الحج بدون تصاريح    مصرع شخصين وإصابة آخر صدمتهم سيارة بطريق الواحات الصحراوى    وفاة الناقد الأدبي محمود عبدالوهاب    فرقة أعز الناس.. سارة جمال تغني "ألف ليلة وليلة" في "معكم منى الشاذلي"    ارتفاع رصيد الذهب فى الاحتياطى الأجنبى لمصر إلى 456 مليار جنيه    إقامة نهائى كأس الجزائر بين المولودية وشباب بلوزداد فى عيد الاستقلال    أول تعليق من ناجلسمان بعد تأهل ألمانيا إلى دور ال16 من يورو 2024    توني كروس بعد التأهل: من النادر أن نفوز بأول مباراتين في بطولة كبرى    فيفا يخطر اتحاد الكرة بوقف قيد مودرن فيوتشر بسبب مستحقات مروان الصحراوى    المكسيك تعلن حالة التأهب تحسبا للعاصفة الإستوائية "ألبرتو"    الجيش الإسرائيلي يواجه مشاكل كبيرة في تعبئة المزيد من الجنود    من فستان الفرح للكفن.. وفاة عروس يوم زفافها بالمنيا    ضبط مسجل خطر بحوزته 2 كيلو «حشيش» و200 جرام «شابو» في الأقصر    بسبب خلافات عائلية.. أب ينهي حياة ابنته في المنيا    السديس يوصي زائري المسجد النبوي باغتنام أوقات رحلة الحج الإيمانية    «المهن التعليمية» تنظم يوما طبيا مجانيا للمعلمين وأسرهم    سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 الآن بمستهل تعاملات الخميس 20 يونيو 2024    حظك اليوم| برج الجدي الخميس 20 يونيو.. «ثق بقدراتك»    حظك اليوم| برج الدلو 20 يونيو.. « الابتكار يزدهر بالأصالة»    حظك اليوم| برج الحوت 20 يونيو.. «يومًا مثاليًا للمهام الفنية»    حظك اليوم.. توقعات برج الحمل 20 يونيو 2024    د.حماد عبدالله يكتب: " قهاوي " المهنيين " و"مقاهي" " المثقفين " !!!!    أول ظهور للفنانة جميلة عوض في شهر العسل من ايطاليا (صور وفيديوهات)    هيئة الداوء تحذر من 4 أدوية وتأمر بسحبها من الأسواق لعدم مطابقتها للمواصفات (تفاصيل)    هيئة الدواء المصرية: تلقينا 1500 شكوى واستفسار منذ مطلع الأسبوع الجاري    منتخب مصر للشباب يهزم الكويت برباعية نظيفة    ارتفاع تدريجي في درجات الحرارة.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم الخميس (تفاصيل)    دى لافوينتى عن قمة إسبانيا ضد إيطاليا: مباراة تشبه النظر فى المرآة    بورصة الدواجن اليوم بعد الارتفاع الأخير.. أسعار الفراخ البيضاء والبيض الخميس 20 يونيو 2024    مشروبات صحية يجب تناولها عقب لحوم العيد (فيديو)    لطلاب الثانوية الأزهرية، موعد استئناف الامتحانات بعد إجازة عيد الأضحى    تعرف علي المبادرات التي أطلقتها الدولة المصرية لتدريب الشباب وتأهيلهم وتمكينهم    إحالة مديرى مستشفى "ساقلتة" و"أخميم" للتحقيق لتغيبهما عن العمل فى العيد    بخطوات سهلة.. طريقة عمل كفتة داود باشا    بعد انتهاء أعمال الحج.. علي جمعة يكشف عن آداب زيارة مقام النبي والمسجد النبوي    تنسيق الجامعات 2024.. شروط القبول ببرنامج بكالوريوس الطب والجراحة (الشعبة الفرنسية) جامعة الإسكندرية    المفوضية الأوروبية تقترح موازنة بقيمة 270 مليار يورو لعام 2025    إجازات شهر يوليو 2024.. تصل إلى 11 يومًا    النائب العام يلتقي نظيره الصيني على هامش زيارته للعاصمة الروسية موسكو    ما حكم ترك طواف الوداع لمن فاجأها الحيض؟.. الإفتاء توضح    هل ينتهي الغياب المتكرر دون إذن إلى فصل الموظف من العمل؟    مايا مرسي تستقبل رئيس الوكالة الإسبانية للتعاون الإنمائي    ما هي علامات قبول الحج؟.. عالم أزهري يجيب    تنسيق الثانوية العامة 2024.. تعرف على درجات القبول في جميع المحافظات    علي جمعة ينصح: أكثروا في أيام التشريق من الذكر بهذه الكلمات العشر    ما هي الأشهر الحرم وسبب تسميتها؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نحج أم لا نحج؟

قال صديقى وعينه تختلس النظر نحو العنوان: يا أخى أنت ناقص.. إذا كانت الحكومة نفسها مترددة، تخشى أن يسىء الناس فهمها إذا قررت إيقاف الحج هذا العام أو أن تتأزم علاقتها بالسعودية، وإذا كانت دار الإفتاء لم تصدر فتوى جازمة قاطعة، فلماذا «تتصدر» أنت لهذه القضية الجدلية الشائكة.. مما قد يؤدى إلى المزيد من الأقاويل والادعاءات؟
قلت: عندما يتعلق الأمر بحماية ألوف المصريين من الإصابة بمرض قد يؤدى إلى موت.. هل تتصور أن أسكت؟ أو هل يستطيع كل حامل قلم وصاحب رأى أن يصمت؟ إنها جريمة، والساكت على الحق شيطان أخرس، ومن واجبى أن أصدع بكلمة الحق وأن أبرئ ذمتى أمام إخوانى وأمام الله.
والقضية بقدر ما هى خطيرة، فإنها ليست صعبة ولا عويصة، فقد انتشرت أنفلونزا الخنازير فى دول العالم، وبلغت الإصابات فى بعض البلاد المئات ومات العشرات فى بلاد ترتفع فيها الخدمة الطبية وتنحسم فيها القذارة وتيسر طرق العلاج لجميع الناس.. فكيف بها إذا انتشرت فى مصر، ونحن نعلم أوضاعها.
ويريد الألوف من المصريين أن يؤدوا فريضة الحج فى هذا الوقت الذى يشتعل فيه المرض.
والحج فريضة فريدة بين الفرائض، فهى تجمع مليونين أو أكثر فى بقعة محدودة، لأن «الحج عرفة»، كما يقول الحديث، وهؤلاء الحجاج يأتون من مختلف دول العالم بما فى ذلك أكثرها فقرًا وتخلفاً، ولابد أن يحتشدوا جميعًا فى وقت واحد فى مكان واحد محدود، وتتطلب شعائره خلطة حميمة لا يمكن تفاديها، بل تلاحمًا أو مشاركة فى معظم الحالات.
ولا يمكن الادعاء أن الحكومة السعودية تستطيع أن تفصل بين هذه الجموع، أو أن ترعاها فردًا فردًا رعاية طبية، فهذا مستحيل مع الكثرة المهولة، ومع تباين المستويات ومع محدودية الوقت، والسعودية نفسها أعلنت عن وفاة 4 حالات وإصابة 595 آخرين.
فى هذه الملابسات يصبح انتقال العدوى أمرًا مقضيًا وواقعًا، وحتى لو أمكن النزول بأعداده كأن يكون ألوفاً من بين الملايين، فإن هذا العدد يكفى لإشاعة العدوى فى بلده.
أما أن يفترض سلامة الجميع، وأن هذا المرض الذى ظهر فى السعودية نفسها لن يقرب أى حاج، فهذا فرض مستحيل.
قد يقال يمكن عمل «كرانتينا» كما كان الأمر قديمًا، فقد كان الحجاج يحجزون فى الطور لمدة ثلاثة أيام للتأكد من خلوهم من أى أمراض قبل أن يسمح لهم بالعودة إلى بلادهم.
ولكن هذا أيضًا صعب.. إن لم يكن مستحيلا.
وقد كان ذلك ممكناً قديمًا لأن السفر البحرى كان هو وسيلة الحج، وكان لابد من رجوع السفن ومرورها بالطور، والطور نفسه الآن غيره سنة 1949 عندما قضينا فترة اعتقالنا فيه، فقد كان صحراء مهجورة، وقد أصبح الآن من المنتجعات السياحية.
فى حكم اليقين أن مئات إن لم يكن ألوف سيعودون حاملين المرض، وهو ما يكفى لإشاعة العدوى فى مئات الألوف.
ومعروف أن الدولة بأوضاعها الراهنة تعجز تمامًا عن التعامل مع كارثة بمثل هذا الحجم، فالأخطاء الجسيمة المتوالية، والانحرافات الفاضحة المستمرة، وشيوع الفساد، وتحلل الإيمان بالقيم، وغلبة الاستهانة، وهيمنة البيروقراطية التى تشل أى إصلاح..
 كل هذا جعل أجهزة الدولة تعجز عن مقاومة مشكلة بهذا الحجم، وقد عجزت عن مقاومة أنفلونزا الطيور وعجزت عن معالجة المياه الملوثة والصرف الصحى، بل عجزت عن إصلاح مشكلة المرور أو تركيب عداد فى كل تاكسى، وعندما بدأ ظهور أنفلونزا الخنازير تبينت الدولة أنها تعجز عن مقاومتها، فبادرت بذبح الخنازير حتى تستأصل الداء وتستريح من مسؤولية علاجه، وكان هذا بالفعل نوعًا من حسم الموضوع، لولا أن قضية كالحج تفرض دخول مئات وآلاف يحملون المرض من مختلف دول العالم ويشيعون العدوى، ولا يمكن لإمكانياتها المنهارة أن تتحكم فيها.
ويتوقع وزير الصحة حدوث «الجانحة» فى فصل الخريف، أى انتشار سريع وشديد لفيروس أنفلونزا الخنازير، كما توقع تحور الفيروس خلال الخريف بحيث يصبح أكثر شراسة، وهذه هى أوقات الحج.
وقد عجزت السلطات عن أن تنقذ قرية نكبت بالتيفود، رغم تدخل الرئيس وسمحت بانتشار الوباء الذى انقرض من العالم فى القليوبية وبنى سويف.
ونشرت جريدة «الوفد» (3/8/2009) صورة لعربة إسعاف أرسلت للقرية المنكوبة فتعطلت وتطلب الأمر أن «يزقها» الناس صائحين «الإسعاف عايز إسعاف»!!
هل يمكن بمثل هذه القدرات المحدودة والإمكانيات الهزيلة أن تستقبل البلاد عدد نصف مليون من الحجاج والمعتمرين.
إذا كانت هذه هى دلالات وقوع المرض، فلننظر إلى الوجه الآخر للصورة، ألا وهو مدى «ضرورية» الحج هذا العام.
فالحج هو آخر فرائض الإسلام الخمسة، وقد أوجبه الشارع على «مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً»، وعندما يحج الإنسان مرة، فإن «فرضية» الحج تؤدى وتصبح الحجات التالية الأخرى نوعًا من النفل.
وتعبير «مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً» تفتح بابًا لم يفكر فيه معظم الذين يجدون لديهم فائضًا من المال ويرون أن الحج قد حُق عليهم مادام الله قد يسر لهم نفقته.
ولكن هذه ليست الرؤية الكاملة.
هناك أولويات يجب أن يفكر فيها خاصة إذا كان قد أدى الحج مرة وسقطت عنه «فريضة الحج».
مثل هذا الرجل يكاد يكون «حرامًا» عليه أن ينفق ماله على حجة أخرى، وهو يجد جارًا جائعًا وآخر مريضًا، وشبانا لا يجدون عملاً، وزيجات تؤجل لعدم وجود سكن، وهناك أيتام وأرامل وعجائز فى كل ناحية، هناك عائلات تعيش فى حجرة واحدة لا تدخلها شمس ولا ماء ولا هواء، هناك مآسٍ ينفطر لها القلب.
إن لقمة تضعها فى فم جائع، وبسمة تحل محل دمعة، وأمل يبدد اليأس والقنوط، أقرب إلى الله وأحب إليه من أن يحج مثنى وثلاث ورباع.
على كل حال نحن نتحدث عن ظرف طارئ يفرض نفسه فرضًا هو الحكم فى مشروعية الحج هذا العام مع أنه سيعود بآلاف الذين التقطوا العدوى مما سيؤدى إلى إشاعته.
ماذا يقول العقل؟ وماذا يقول الشرع إزاء الحج فى هذا الموقف؟
أما العقل فلا يتردد أى عاقل فى القطع بتأجيل الحج هذا العام قولاً واحدًا يكون العدول عنه هو إيثار الغباء على الذكاء، والغفلة على اليقظة، والتسيب على التحوط.
والشرع أيضًا يقول هذا.
يقول الله تعالى «وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ»، وأى تهلكة أعظم من وباء الخنازير القاتل.
تقول الشريعة «سد المفاسد مقدم على جلب المصالح» .
تقول الشريعة أيضًا «سد الذريعة»، فالحلال الذى يؤدى إلى حرام يصبح هو نفسه حرامًا.
ولدينا سابقة فى التاريخ الإسلامى عندما حدث الوباء فى بعض مدن الشام التى كان عمر بن الخطاب يقصدها، فتوقف ورفض المضى، وجاءه عبدالرحمن بن عوف يقول إن الرسول يقول «إذا حدث الوباء ببلد فلا تدخلوه، وإذا دخلتموه لا تخرجوا منه»، فلم يدخل عمر، وعندما قال له أبو عبيدة «أفرارًا من قضاء الله؟» قال «بل فرارًا إلى قضاء الله» .
وهكذا فإن العقل والنقل يفرضان فرضًا تأجيل الحج. ووقت الحج والحمد لله متسع ما اتسعت الحياة.
فإذا قيل إنه قد يموت قبل أن يحج، فنقول إن الأعمال بالنيات، وأن الناس يبعثون على نياتهم، فهو مادام قد نوى الحج ثم حالت الحوائل القاهرة دون ذلك ثم مات فسيكتب الله له ثواب الحجة.
ننتظر بعد هذا بياناً حاسمًا، جازمًا من الحكومة ومن الإفتاء بتأجيل الحج والعمرة هذا العام، وعلى الذين كانوا يعتزمون الحج أن ينفقوا أموالهم لعلاج المرضى وتعليم الجهلة ومساعدة المحتاجين وبر جيرانهم، وسيكسبون ثواب ذلك، كما سيكسبون ثواب نيتهم «الحج».
ختام الكلام:
طلب أصدقاء كثيرون أن أقول رأيى فى قضية «القمنى»، فأقول إن أى واحد يكفره آثم، ولا يجوز تكفيره ما ظل متمسكاً ب»لا إله إلا الله محمد رسول الله»، على أنه كمفكر حر له أن يقول ما يؤمن به حتى ولو كان مخالفاً لأقدس الثوابت ولا يكون مطالبًا باعتذار، فحرية الفكر مكفولة له والتعامل معها يكون بالكلمة، وفى الوقت نفسه فإنه لم ينل الجائزة استحقاقاً، فهناك كثيرون أحق منه، ولكنه منحها مكايدة للإسلاميين، وقد كذبت اللجنة التى رشحته كذبًا صريحًا عندما قالت إنه صمد أمام التهديدات، فكل العالم يعرف أنه تهاوى أمام أول امتحان، وقد ارتد الكيد على الكائدين، ففضحوا أنفسهم وفضحوا القمنى وكشفوا عن عورات له، ولم يضروا الإسلاميين شيئاً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.