هل بدأت بوادر انشقاقات واختلاف الرؤى داخل صفوف إدارة أوباما وفى مجال السياسة الخارجية، خاصة بين نائب الرئيس الأمريكى بايدن وهيلارى كلينتون، وزيرة الخارجية، فقد عبر كل منهما عن موقفين مختلفين حول قضيتين، أولاهما العلاقة مع روسيا، والأخرى حول التعامل مع إيران. ومن جهة أخرى اختلف المبعوث الأمريكى الخاص فى السودان مع هيلارى كلينتون، حول بقاء السودان فى قائمة الدول الراعية للإرهاب. فخلال مقابلة لنائب الرئيس الأمريكى فى 26 يوليو مع جريدة «وول ستريت جورنال»، وعلى هامش زيارته لكل من جورجيا وأوكرانيا، قدم بايدن صورة قاتمة للوضع الروسى، إذ اعتبر «أنهم يملكون قاعدة سكانية متناقصة واقتصاداً وبناء مصرفياً، ليس من المحتمل أن يصمد فى السنوات الخمس عشرة القادمة، إنهم فى وضع يتغير العالم فيه أمامهم، فى الوقت الذى يتعلقون فيه بشىء من الماضى لا يمكن أن يستديم»، وقد حاولت كلينتون أن تخفف من وقع حديث نائب الرئيس حينما نفت أن كلامه يعنى أن الولاياتالمتحدة أصبحت لها اليد العليا الآن إزاء روسيا، مشيرة إلى كلام أوباما خلال زيارته لموسكو بأن الولاياتالمتحدة تريد أن ترى روسيا قوية ومتقدمة ومزدهرة. وقد كان طبيعياً أن تثير انتقادات بايدن استياء روسيا، مما جعل سيرجى بروخيدكو، مستشار الرئيس الروسى ميدفيديف، يطرح سؤالا هو: من الذى يحدد سياسة الولاياتالمتحدة الخارجية: هل الرئيس أم أعضاء فريقه المحترمون؟ كما استعاد «الأجواء الطيبة والإيجابية» التى خلقتها قمة أوباما وميدفيديف الأخيرة فى موسكو، وتساءل: إذا كانت تلك الأجواء لا تروق لبعض فريق إدارة أوباما فليقولوا لنا، وإذا اختلفوا مع خط رئيسهم فعلينا أن نعلم ذلك. وقبل عدة أسابيع وضع بايدن المتشدد نفسه فى خصام آخر حين سئل عن إمكانية هجوم إسرائيلى على المنشآت النووية الإيرانية، أجاب: إننا لا نستطيع أن نملى على دولة ذات سيادة ماذا تستطيع أو لا تستطيع أن تفعله إذا ما اعتبرت أن بقاءها فى خطر. وهو التعليق الذى رأى فيه البعض إعطاء الضوء الأخضر لإسرائيل، أما كلينتون، وبعد أن أكدت حقيقة أن إسرائيل دولة ذات سيادة، فقد عبرت عن أملها أن توافق إسرائيل على «دبلوماسية كثيفة جداً» تجمع المجتمع الدولى معاً، مما يجعل من الواضح لإيران الثمن الذى يدفعونه جراء السعى لامتلاك أسلحة نووية. أما بادرة الخلاف الثالث، فقد بدت بين وزيرة الخارجية هيلارى كلينتون، وبين الجنرال المتقاعد سكوت فرايشن، مبعوث الرئيس الأمريكى إلى السودان، الذى صرح باحتمال رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب والتطبيع معه خلال أسابيع، أما هيلارى كلينتون، التى يساندها أعضاء الكونجرس ومنظمات أمريكية، فتريد استمرار التشدد مع حكومة الرئيس السودانى عمر البشير، وفى حديثه أمام لجنة الشؤون الخارجية فى الكونجرس قال الجنرال الأمريكى إنه سيشكو الوزيرة إلى جهات عليا، إشارة إلى الرئيس أوباما، لرفضها زيادة الاعتمادات المالية واللوجيستية لدعم وساطته بين السودانيين، واعتبر فرايشن أن المقاطعة الأمريكية لحكومة البشير تعرقل دور أمريكا فى إحلال السلام فى السودان، مشيراً إلى الحرب فى دارفور وتوتر العلاقات مع الجنوب والحاجة إلى إرسال معدات ثقيلة لتطوير الجنوب وصعوبة ذلك مع استمرار المقاطعة. إزاء بوادر الخلافات داخل صفوف الإدارة الأمريكية إزاء عدد من قضايا السياسة الخارجية، فإن من الأمور المطمئنة أن ثمة توافقاً فى الرأى -حتى الآن- داخل الإدارة الأمريكية وشخصياتها حول المبادئ التى يتبناها الرئيس الأمريكى حول الصراع الفلسطينى الإسرائيلى، خاصة قضية المستوطنات، فلا يبدو اختلاف بين وزيرة الخارجية كلينتون وجورج ميتشل، المبعوث الخاص للشرق الأوسط، والجنرال جونز، مستشار الأمن القومى، ودينس روس، ومستشارى البيت الأبيض: رام آمانويل ودافيد اكسليريود، فما زالت هذه الشخصيات فى توافق وراء المطلب الأمريكى لوقف الاستيطان وبدء المفاوضات. ونتصور أن هذه هى الجبهة التى يراهن عليها نتنياهو فى محاولة لكسرها مؤيداً من اليمين الأمريكى المتطرف الذى بدأ بالفعل حملة ضد جورج ميتشل، الذى يعكس موقف الإدارة المتماسك والترويج لاحتمال استقالته، وقد يشجع نتنياهو ما توحى به خمسة استطلاعات للرأى عن تراجع شعبية أوباما، التى تفيد أن 57٪ من الأمريكيين يدعمون أداء أوباما كرئيس، مقابل 61٪ خلال الشهر الماضى، و76٪ فى فبراير.