من وقت لآخر يتجدد الجدل في الولاياتالمتحدة حول طبيعة العلاقة بين الرئيس باراك أوباما ووزيرة خارجيته هيلاري كلينتون وحقيقة الدور الذي تقوم به في إدارة السياسة الخارجية ويتساءلون أحيانا هل العلاقة طيبة كما يبدو في ظاهرها أم أن هناك ودا مفقودا يختفي وراء الأبواب المغلقة. بعض المسئولين في حكومة أوباما شعروا بالقلق حسب ما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز من أن تكون هيلاري كلينتون تنشيء لنفسها حكومة ظل وهو الوصف الذي يطلق علي الحكومة التي يشكلها الحزب المعارض في بريطانيا, وذلك في مقابل مسئولين آخرين يؤكدون أن العلاقة علي أحسن ما يكون بين الإثنين وأن هيلاري تنفذ بأمانة سياسات أوباما فأين هي الحقيقة. لوحظ أن القرارات الكبري في السياسات الخارجية تتخذ من خلال فريق يجتمع به أوباما ويضم هيلاري كلينتون بالإضافة إلي آخرين في مقدمتهم مستشار الأمن القومي ويترك أوباما المجال للحاضرين لإبداء أرائهم بحيث أن قرار السياسة الخارجية يتخذ بعد مناقشات طويلة وليس بصورة متسرعة. وعندما سئل ديفيد روسكوف المسئول السابق في حكومة كلينتون والذي له كتابات حول طريقة صياغة قرارات السياسة الخارجية عن رأيه في هذا الجدل الدائر الآن أشار إلي أن السؤال الأهم هو ما إذا كانت هيلاري قد أصبحت بالفعل مستشارا حقيقيا لأوباما وما إذا كانت محل ثقته. ويري الخبراء أن أوباما له رؤية محددة للسياسة الخارجية تجمع بين وجهتي نظر, الأولي اتفاقه مع أراء المنتمين إلي ما يعرف بالمدرسة الواقعية ومنهم هيلاري كلينتون وهم يختلفون عن مدرسة المحافظين الجدد في حكومة الرئيس السابق جورج بوش والتي تنادي بفرض هيمنة أمريكا علي العالم ولو بالقوة, أما وجهة النظر الثانية فتتبني التغيير القائم علي التخلي عن بعض الأفكار والمباديء التي كانت ثابتة في نظرة أمريكا وعلاقاتها بالدول الأخري ومشاكل العالم, ولذلك قيل إن أوباما هو مهندس السياسة الخارجية وهو ما ظهر في التركيز علي معالجة الكثير من القضايا المهمة من داخل البيت الأبيض مثل قضايا الشرق الأوسط وإيران والعراق. وفي بعض الأحوال خاصة في القضايا العسكرية مثل الوضع في أفغانستان فإنه يميل أكثر إلي الاستفادة من أراء العسكريين خاصة وزير الدفاع روبرت جيتس. في نفس الوقت الذي يلعب فيه نائبه جوزيف بايدن دورا مهما في التنسيق بين الشخصيات الرئيسية المسئولة عن هذه القرارات خاصة بين وزيري الدفاع والخارجية. وهذا الشكل لإدارة السياسة الخارجية هو الذي دعا خبير السياسة الخارجية المعروف ليسلي جيلب الرئيس الشرفي لمركز العلاقات الخارجية للقول بأن إدارة السياسة الخارجية في الولاياتالمتحدة الآن تجري بشكل مركزي للغاية أي بشكل يكاد يكون مركزا في البيت الأبيض أكثر من كونه يدار من جانب وزارة الخارجية. وربما كان هذا من بين الأسباب التي كانت تدعو لانتشار أخبار أو شائعات عن خلافات بين أوباما وهيلاري مثلما حدث عندما سقطت هيلاري علي الأرض وأصيبت ركبتها واضطرت لقضاء فترة علاج بعيدا عن مهام منصبها وأدي هذا إلي زيادة التكهنات بأن وزيرة الخارجية والرئيس مختلفين لكن هذه الشائعات زالت بعد أن عادت لمكتبها في الوزارة ومارست نشاطها بحماس. وكان يمكن أن يحدث هذا مرة أخري عندما كانت هيلاري في اجتماع مع أوباما في البيت الأبيض في شهر فبراير الماضي وتلقت مكالمة تليفونية مزعجة تبلغها بأن زوجها الرئيس السابق بيل كلينتون قد نقل إلي المستشفي لإصابته بآلام في صدره وأن حالته تحتاج علاجا عاجلا وعلم أن هيلاري ضغطت علي نفسها وواصلت اجتماعها مع الرئيس إلي أن انتهت ثم خرجت مسرعة إلي المستشفي للاطمئنان علي زوجها. وفي مثل هذه الفترات كانت تنشط التكهنات عن الخلاف بين أوباما وهيلاري حتي إن البعض استبعد أن تكون هزيمة هيلاري في انتخابات الرئاسة الماضية قد أضعفت رغبتها في أن تصبح يوما رئيسا للولايات المتحدة وأن نجاحها في إتخاذ قرارات في السياسة الخارجية تنسب لها سيكون لصالحها إذا فكرت مرة أخري في ترشيح نفسها للرئاسة, لكن لوحظ أن هيلاري كلما كانت هذه الشائعات تنتشر فإنها تحرص علي تأكيد ارتباطها بالسياسات الخارجية لإدارة أوباما واتفاقها معها, بما في ذلك تحسين العلاقات مع روسيا وتقوية التحالف مع أوروبا وقراراته بشأن حل النزاع العربي الإسرائيلي ودفاعها بقوة عن مطالبته ضرورة إقامة دولتين كما أنها دافعت بقوة عن أوباما عندما تعرض في الفترة الأخيرة لهجمات من اليمين الجمهوري الذي كان مدافعا عن سياسات جورج بوش. [email protected]