ومنذ أن صرح أمين التنظيم فى الحزب الوطنى بأن المصريين عندهم رفاهية وأنا أصبحت تنتابنى تقلصات شديدة، خصوصا حين أستلقى على جنبى اليمين.. وبصراحة خشيت على رفاهيتى أن تكون قد تورمت أو أصابها سوء، كما يفيد التصريح الحزبى.. وفى يوم حر زمهرير أو قمطرير (حسب الجنب اللى يريحك)، استيقظت على تقلصات شديدة.. فهرعت للطبيب الذى استمع بمنتهى الهدوء لشكواى ثم قال بمنتهى الثقة: «هذه أعراض واضحة، إنتى فعلا عندك التهاب فى الرفاهية».. وهنا صدمت وذهلت.. يا ربى!! معقول أنا عندى رفاهية؟!! وفى هذه السن المبكرة!.. طب لماذا أنا بالذات؟.. ده أنا حتى السجائر لا أقترب منها!! ولاحظ الطبيب انزعاجى فبادرنى قائلا: «لا داعى للقلق، هذا مرض متفشى هذه الأيام والحكومة أعلنت عنه... المهم الصبر والإيمان».. فسألته: «طب أنا فاضل لى قد ايه يا دكتور؟».. فخفض رأسه ونظر للأرض آسفا ولم يرد.. وهنا أدركت أن كل شىء راح وانقضى.. وتركت عيادة الطبيب وأنا أجر رجلى جرا.. كيف سأواجه أهلى بتلك الفاجعة؟.. وكيف سيتلقونها؟.. إذن لابد لى من توزيع ديونى عليهم من الآن حتى لا يختلفوا عليها من بعدى.. وصعدت الأتوبيس وأنا تبدو على وجهى الهموم، فإذا بالسيدة الطيبة الجالسة بجوارى تسألنى: «مالك يا بنتى؟» فأجبتها وأنا أتنهد: «أبدا كنت عند الدكتور أشكو من تقلصات، فشخص مرضى أن عندى رفاهية».. فصرخت السيدة: «يا ساتر يا رب اللهم احفظنا.. معلش يا بنتى أكتر من كده ويزيح ربنا».. وسمع حوارنا رجل طيب آخر كان يجلس على المقعد المقابل فقال لى: «شوفى يا بنتى أنا أخويا من يومين التهبت عنده الرفاهية زيك بالضبط ورقد فى الفراش ولكن بعد أن شرب مغلى خلطة من عند العطار، تانى يوم بقى زى الحصان، سوف أكتب لك اسم الوصفة فى ورقة».. فإذا بالسيدة الطيبة تقول: «ولا وصفة ولا حاجة.. ألا تأكلين العيش أبو مسامير مثلنا؟» فأقسمت لها أنى أدمنته يوميا فسألتنى: «ألم تأكلى من الخضار المزروع بالصرف الصحى مثلنا؟»، فأكدت عليها أنه كان ألذ ما أكلت فى حياتى.. فقالت: «والكبد عندك أخباره إيه؟ مش والحمد لله عندك فيروس سى مثلنا؟» فأجبت بثقة لأؤكد ولائى لهم: «فيروس سى وإكس وواى وزد، أنا على العهد معاكم يا حاجة».. فربتت على كتفى فى حنان وقالت: «وأكيد برضه فات عليكى لحم الحمير والقمح المسرطن مثلنا، يبقى يا بنتى الرفاهية دى هتجيلك منين والعياذ بالله؟ دى كلها عكوسات، لقد أصيبت ابنة شقيقتى بهذه الرفاهية منذ شهور وعملنا لها زار فأصبحت زى الفل.. تحبى أتفق لك مع الشيخ مرجان؟ ده سره باتع».. وهنا تدخل الرجل الطيب قائلا: «يا جماعة فلنتعامل مع الموضوع بأسلوب علمى، هذا الفيروس جديد وهو نتيجة تزاوج فيروس الخنازير والطيور وعقبال عندكم.. فدعونا أولا نجرب وصفة العطار فإذا لم تذهب الأعراض نبقى نشوف الشيخ مرجان، إيه رأيك يا بنتى؟».. وهنا رأيت أمامى الطيبة الأصيلة فى المصريين، وكيف يلتفون حول بعضهم البعض فى الأزمات خصوصا فى المرض.. فخشيت إن رفضت عروضهم الكريمة أن يظنونى أتعالى عليهم لا سمح الله، فقلت لهما بامتنان: الحقيقة بابا وماما كمان عندهم نفس الأعراض.. ثم نظرت للرجل الطيب وقلت: سوف أعطيك نمرة موبايل والدى إبقى كلمه وقل له على وصفة العطار ثم قلت للسيدة وسأعطى لكى نمرة موبايل ماما اتفقى معاها تذهبوا سويا للزار.. ثم نظرت لكوب فارغ كنت أحمله فى يدى وقلت: «أما أنا فالطبيب كان غير واثق إذا كان عندى التهاب أو حصاوى فى الرفاهية، ولهذا فقد أعطانى هذا الكوب علشان أروح أحلل».