تنمية الثروة السكانية

كثيراً ما يردد المسؤولون عبارة أن الزيادة السكانية تلتهم أى نمو فى الاقتصاد المصرى، ويعزو السادة مسؤولو الحكومة عدم شعور رجل الشارع من عوام الشعب المصرى بمعدل النمو الاقتصادى إلى هذه الزيادة ويعتبرونها أحد أسباب عدم لمس الشعب لإنجازات تحققت بحسب زعم الحكومة، وبالتالى يؤدى ذلك لعدم رضا الشعب عن أداء الحكومة!!
ولنأخذ من الصين والهند (أكبر تعداد سكانى) العظة والعبرة. فبثبات وهدوء تحقق كل من الصين والهند تقدمات متنوعة وحاسمة وبمعدلات نمو اقتصادى عالٍ مقارنة بدول آسيوية أخرى، وكذلك تمتلكان قوة عسكرية قادرة تتيح لهما الدفاع الفعال عن مجالهما وحدودهما. فالصين تعتبر ثالث أقوى اقتصاد عالمى وقد تغدو الصين القوة الاقتصادية فى غضون سنوات، ولكنها تمارس نظاماً سياسياً حزبياً يبدو أقرب للاستبداد بالسلطة مع انتشار الفساد، ولو بدرجة أقل من ذى قبل.
أما الهند فإنها تعانى فقر قطاع كبير من سكانها، ولكنها تمارس نظام سياسياً حزبياً يميل للديمقراطية أظهر كفاءة ومرونة وتطوراً فى ظل معتقدات دينية متباينة. نحن نتكلم هنا عن قرابة 3 مليارات نسمة يمثلون قرابة 45 % من سكان المعمورة فكيف وصلت الصين والهند وحققتا كل هذه الإنجازات؟ العبرة يمكن استخلاصها من المستوى العلمى والتكنولوجى والتطوير البحثى بمعنى أن معيار التقدم العالمى واحد وليس هناك تقدمات متعددة أو معايير متعددة للتقدم تختلف بتعدد الثقافات والأديان وجغرافيا المكان وديموغرافيا السكان.
وعليه فإن معيار التقدم المعروف هو ديمقراطية تبادل السلطة مع اقتصاد منتج قادر على النمو مع التحرر الفكرى والثقافى وحرية التعبير عن الرأى والاعتراف بالآخر آخذين فى الاعتبار مستوى التعليم والبحث العلمى والتكنولوجى، وليست مشكلة تعداد وزيادة السكان بمعضلة جوهرية تحول دون التقدم ولكنها ثروة بشرية لو أُحسن الاستفادة منها لوصلنا لما وصلت إليه الهند والصين.
عاطف عطية النجار