الهيئة الوطنية للانتخابات تعلن رسميا انطلاق التصويت بالخارج من دولة نيوزيلندا    البيت الأبيض: نجري محادثات مع روسيا وأوكرانيا بشأن خطة وقف الحرب    المصري يبدأ معسكره بالقاهرة استعدادا لمواجهة كايزر شيفز (صور)    تطورات إصابة حسين الشحات في الأهلي    إحالة 4 أشخاص للمحاكمة بتهمة خطف شاب وابتزازه لسرقته    أخبار الفن اليوم: أول ظهور ل محمد صبحي بعد أزمته الصحية.. القاهرة السينمائي يختتم الدورة الحادية عشرة للملتقى السنوي بتتويج 37 مشروعًا.. محمد أنور يبدأ تصوير "بيت بابي"    رئيسة المفوضية الأوروبية تؤكد دعم الاتحاد لإقامة دولة فلسطينية    حقيقة إلغاء انتخابات مجلس النواب وتأجيلها عام كامل؟.. مصطفى بكري يكشف الحقائق    الجنيه يخسر 26 قرشًا أمام الدولار في أسبوع.. وضغوط متواصلة على سوق الصرف    ثلث القيمة يختفى فى أسابيع |انهيار قياسى للعملات المشفرة    احمد بنداري: مؤتمران أيام تصويت المصريين بالخارج ومؤتمر يومي تصويت الداخل    حنان الصاوي تكتب : دورة عاشرة بروح عالمية.. مهرجان شرم الشيخ الدولي يزهر المسرح في سيناء    هل تؤثر عدم زيارة المدينة على صحة العمرة؟ أمين الفتوى يُجيب(فيديو)    هل يوجد عذاب للقبر؟.. أمين الفتوى يجيب    هل التأمين على الحياة حلال أم حرام؟.. أمين الفتوى يجيب    احتفالية مستشفى الناس بحضور سفراء ونجوم المجتمع.. أول وأكبر مركز مجاني لزراعة الكبد بالشرق الأوسط "صور"    طبقا للطب الصينى.. تمارين ينصح بها للشعور بالدفء    أطعمة تعيد التوازن لأمعائك وتحسن الهضم    مساعد وزير الخارجية يشيد ببرامج الاتحاد الأفريقي لإعادة إعمار الدول الخارجة من النزاعات    أول رد من عائلة محمد فوزي على إدعاء كريم الحو في «The Voice» | شاهد    سانوفي تطلق دواء "ساركليزا" في مصر لتمنح مرضى سرطان المايلوما المتعددة أملًا جديدًا في العلاج    «سمات روايات الأطفال.. مؤتمر مركز بحوث أدب الطفل تناقش آفاق فهم البنية السردية وصور الفقد والبطل والفتاة في أدب اليافع    عضو الحزب الجمهورى: إسرائيل لا تعترف بأى قرار ولا تحترم أى قرار دولى    أشرف صبحي يلتقي رئيس مكتب دوري كرة السلة الأمريكي NBA بمصر    جينارو جاتوزو: منتخب إيطاليا لا يزال هشا    رئيس كوريا الجنوبية: أحب الحضارة المصرية وشعبنا يحبكم    وكالة الطاقة الذرية تدعو إلى مزيد من عمليات التفتيش على المواقع النووية الإيرانية    محافظة الجيزة: غلق كلي بطريق امتداد محور 26 يوليو أمام جامعة النيل غدا الجمعة    الداخلية تضبط صاحب فيديو «عصا البلطجة» بالجيزة    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 20نوفمبر 2025 فى المنيا    محافظ الفيوم يوجه بسرعة رفع مخلفات الطبقة الأسفلتية القديمة بشارع عدلي يكن لتيسير الحركة المرورية    الوكيل: تركيب وعاء أول مفاعل نووي ينقل مشروع الضبعة من مرحلة الإنشاءات إلى التركيبات    يونيفيل: استقرار هش على طول الخط الأزرق ونسير دوريات مع الجيش اللبناني    فقرة بدنية في مران الزمالك قبل مواجهة زيسكو    محافظ القليوبية يُهدي ماكينات خياطة ل 15 متدربة من خريجات دورات المهنة    إيقاف بسمة وهبة وياسمين الخطيب.. الأعلى للإعلام يقرر    شركة مياه القليوبية ترفع درجة الاستعداد للمرحلة الثانية من انتخابات النواب    الجبهة الوطنية يكلف عبد الظاهر بتسيير أعمال أمانة الجيزة عقب استقالة الدالي    النائب محمد إبراهيم موسى: تصنيف الإخوان إرهابية وCAIR خطوة حاسمة لمواجهة التطرف    مجلس الوزراء يُوافق على إصدار لائحة تنظيم التصوير الأجنبي داخل مصر    محافظ الأقصر يوجه بتحسين الخدمة بوحدة الغسيل الكلوى بمركزى طب أسرة الدير واصفون    الهلال الأحمر المصري يطلق «زاد العزة» ال77 محمّلة بأكثر من 11 ألف طن مساعدات    التضامن: نخطط لتحويل العاصمة الجديدة إلى مدينة صديقة للأطفال    أسهم الإسكندرية لتداول الحاويات تواصل الصعود وتقفز 7% بعد صفقة موانئ أبوظبي    إيقاف إبراهيم صلاح 8 مباريات    جثة طائرة من السماء.. مصرع شاب عثروا عليه ملقى بشوارع الحلمية    السبت المقبل.. «التضامن» تعلن أسعار برامج حج الجمعيات الأهلية    اسعار الأسمنت اليوم الخميس 20نوفمبر 2025 فى المنيا    والده ل في الجول: أشرف داري لا يفكر في الرحيل عن الأهلي    الرقابة المالية تصدر ضوابط عمل لجنة حماية المتعاملين وتسوية المنازعات في مجال التأمين    تموين القليوبية: جنح ضد سوبر ماركت ومخالفي الأسعار    جامعة بنها تحافظ على مكانتها ضمن أفضل الجامعات عالميًا في تصنيف التايمز للتخصصات البينية 2026    مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبى: سنفرض عقوبات على عدد من الجهات السودانية    نائب وزير الخارجية يجدد دعوة أبناء مصر بالخارج للتوجه إلى صناديق الاقتراع    طقس الإسكندرية اليوم: ارتفاع تدريجي فى درجات الحرارة.. والعظمى 27 درجة مئوية    سبورت بيلد: صلاح هو المشكلة الأكبر أمام تألق فيرتز في ليفربول    أدعية الرزق وأفضل الطرق لطلب البركة والتوفيق من الله    عصام صاصا عن طليقته: مشوفتش منها غير كل خير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عن أمن الدولة.. وأمن المجتمع

جاءت أسرتى للالتقاء بى فى العاصمة اليونانية أثينا، وأحضرت معها صُحف يومى السبت والأحد 18 و19 يوليو 2009 ولفت انتباهى بشكل خاص عدة عناوين حول توترات طائفية فى مناطق مُختلفة بمصر. وكالعادة، تبدأ هذه التوترات بمستصغر الشرر: حادث فردى هنا أو هناك، يتصادف أن يكون أحد أطرافه من الأقباط، فيتحول إلى عُنف جماعى، يكون مُعظم ضحاياه عادة من الأقباط.
ومن ذلك ما يتكرر حينما يلجأ الأقباط إلى تحويل منزل أحدهم، أو تحويل نادٍ ثقافى أو اجتماعى يخصّهم إلى مكان لصلواتهم، لعدم وجود كنيسة قريبة يتعبّدون فيها. وحين يعلم بعض المتشددين المسلمين بذلك، فإنهم يُثيرون زوبعة، تؤدى إلى احتقان، ثم توتر، فاصطدام، فعُنف، فجرحى، وربما قتلى.
كان ذلك هو ما حدث فى بلدة الخانكة بمحافظة القليوبية، وأدت إلى مواجهة اهتزت لها كل مصر فى ذلك الوقت (1971)، والتى لم تكن قد شهدت مثيلاً لها منذ بداية القرن العشرين. هذا رغم أنه لم يقع أى جرحى أو موتى فى تلك المواجهة. وكان أحد أسباب اهتزاز الوجدان الوطنى، فى حينه، هو أن المصريين المُعاصرين لذلك الحدث لم يكونوا قد رأوا أو سمعوا عن مثل تلك الأحداث الطائفية. هذا فضلاً عن أن المصريين كانوا فى حالة تهيؤ واستعداد لحرب تحرير أراضيهم التى احتلتها إسرائيل فى حرب يونيو 1967، أى قبل حادثة الخانكة بأربع سنوات.
ولأن المجتمع والدولة أخذا الأمر بجدية شديدة، فقد قرر مجلس الشعب فى حينه (1971) تعيين لجنة تحقيق فيما حدث. وللأهمية، فإنه عيّن وكيل مجلس الشعب، وأستاذ القانون، د. جمال العُطيفى رئيساً لتلك اللجنة، التى ضمت نخبة من كبار عُلماء الاجتماع والإعلام، ورجال الدين الإسلامى والمسيحى، ورجال القانون.
وبعد عدة شهور من الاستقصاء والتجوال فى كل أنحاء الجمهورية، رفعت اللجنة تقريرها إلى مجلس الشعب، الذى أقر توصياته العشر، وطلب من الحكومة (السُلطة التنفيذية) أن تسهر على تنفيذ تلك التوصيات، أو «الوصايا»، العشر، والتى كانت لجنة العُطيفى قد أكدت أن من شأن تطبيقها عدم تكرار تلك التوترات، التى تتضخم حتى تنفجر على شكل فتن طائفية.
فهل نفذت الحكومة المصرية هذه التوصيات؟
لقد مر على صدور تقرير مجلس الشعب 38 سنة... وإلى تاريخه لم يتم تنفيذ مُعظم تلك التوصيات العشر. ويحضرنى من هذه التوصيات تلك الخاصة ببناء الكنائس. والأقباط شأنهم شأن المسلمين، يتزوجون، ويُنجبون، ويتكاثر أعدادهم، وكما يحتاج المسلمون إلى مساجد جديدة لمواجهة زيادتهم السُكانية، فكذلك الأقباط. فما الذى يُضير الحكومة أو المسلمين، إذا بنى الأقباط كنائس جديدة لمواجهة احتياجاتهم الدينية، والروحية والاجتماعية؟
لماذا يحتاج بناء كنيسة، ما لا يحتاجه بناء مسجد؟ لماذا يتطلب تشييد كنيسة «أمراً جمهورياً»؟ صحيح أنه منذ خمس سنوات فوّض رئيس الجمهورية المُحافظين، سُلطة المُوافقة على بناء الكنائس فى مُحافظاتهم، ولكن المُحافظ، رغم التفويض، لا يفعل ذلك إلا بعد الرجوع لجهاز «مباحث أمن الدولة».
وكان لى مواجهة حول هذا الأمر مع رئيس الجهاز السابق، وهو اللواء صلاح سلامة، منذ تسع سنوات، وذلك فى مكتبه فى لاظوغلى فى أوائل عام 2000. وقد أصبح الرجل فيما بعد مُحافظاً لكفر الشيخ. وقد استغرب واستنكر وقتها اهتمامى بمسألة الأقباط، وأنا «مسلم» فرددت عليه بتساؤل مُماثل: ولماذا يهتم جهازه بهم. ورد هو بأن ذلك جُزء من واجب الجهاز، الذى هو الحفاظ على «أمن الدولة».
فقلت له، وأنا كعالم اجتماع مصرى، من واجبى الحفاظ على «أمن المجتمع»، وعلى اللياقة المدنية للمسلمين. ويبدو أن الرجل فوجئ بهذه الإجابة... فبدأ ينصحنى بدراسة ظواهر اجتماعية أخرى مثل «الثأر» أو «الموالد»، و«الزار»، و«الطرق الصوفية»، و«الختان»، و«التضخم السُكانى»... وفوجئ اللواء صلاح سلامة مرة أخرى، حينما أجبته بأننى بالفعل درست ومُستمر فى دراسة هذه الظواهر.
المهم، أننى سألت رئيس جهاز مباحث أمن الدولة، الذى كان يعمل فيه وقتها حوالى أكثر من ألف ضابط من مُختلف الرُتب، كم من هؤلاء الضباط هم من الأقباط؟ ورفض الرجل الإجابة على السؤال. وها أنا أكرر السؤال لوزير الداخلية اللواء حبيب العادلى. إن مغزى السؤال، هو ما دام «ملف الأقباط» هو ضمن اختصاص جهاز أمن الدولة، فيُجدر أن يكون بين مسؤولى الجهاز من يستطيعون فهم دقائق المسألة القبطية، وكيفية التعامل مع هذه الدقائق.
فلو كان ذلك كذلك، لما تزايدت الأحداث الطائفية بالمُعدل الفلكى الذى مرت به خلال الثمانى وثلاثين سنة الماضية، والتى تجاوز عددها الألف، أى بمُعدل 33 حادثاً سنوياً فى المتوسط. ومن ذلك ما تناقلته وكالات الأنباء والصُحف مؤخراً فى مُحافظات بنى سويف والمنيا وأسيوط والدقهلية، وكان أحدها بسبب شجار على زجاجة كوكاكولا بين طفلين.
ولا ينبغى اللجوء إلى تفسيرات «المؤامرة» كأن نلوم «الخارج»، أو ندعى أننا دائماً «مُستهدفون»، أو أن «أقباط المهجر»، هم وراء تضخيم كل شىء، أو أنهم يستقوون بالغرب أو بأمريكا. فالذين علمتنا وسائل الإعلام أنهم أعداؤنا بالأمس، وفى مقدمتهم إسرائيل وأمريكا، هم الآن بقُدرة قادر من أوفى أصدقاء نظامنا الحاكم، ويُدعمونه بمليارات الدولارات سنوياً، ويلتقى زعماء البلدان بزعيم مصر وكبار مُستشاريه دورياً فى القاهرة وواشنطن وشرم الشيخ.
ألم يلتق رئيسنا بالرئيس الأمريكى أوباما وبرئيس وزراء إسرائيل نتنياهو مؤخراً؟ أما أقباط المهجر فهم فقط يُعبّرون عن أنين ومُعاناة أقباط الداخل. فلا شأن لأقباط المهجر بما حدث مثلاً فى الخانكة (1971)، أو بحادثة الكشح (2000) أو أبو قرقاص، أو عزبة دميانة، أو محرم بك، أو عزبة باسليوس (2009). إنهم فقط يتلقون رسائل من الأهل الذين يُعانون فى الداخل المصرى المكلوم. لذلك ينبغى أن نكف عن لوم الضحايا حينما يستغيثون من هول التفرقة أو التعصب، أو العنف الذى يتعرضون له.
فيا جهاز الأمن، أقلع عن مُمارساتك فى استخدام ملف الأقباط تارة، وملف الإخوان المسلمين تارة أخرى، وملف ابن خلدون تارة ثالثة، وملف البهائيين تارة رابعة، وملف الشيعة تارة خامسة. اهتم بأمن المجتمع أولاً، وارحم الأقباط ثانياً.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.