القضية الشائكة فى المنطقة هى فلسطين، كانت حقوق شعبها محوراً لعدة قنوات وجرائد فى المنطقة وخارجها، وتناولها بالتفصيل العديد من الكُتّاب، منهم من بدأوا مناصرين للقضية فى الصحف الغربية، ومن خلال مقالات باللغة الإنجليزية مثل فؤاد عجمى، لبنانى الأصل. فى العام 1973 كان عجمى صوتاً قوياً «فى دعم حق الفلسطينيين فى تقرير مصيرهم»، لكن الأمر لم يستمر، فقد جهزت دوائر المثقفين الأمريكيين ليكون خصماً لإدوارد سعيد! هذا الدور الذى منح لعجمى جعله يتحول تماماً، فقد صار معجباً بإسرائيل، لأنها تتمتع بأمر لا يمتلكه الفلسطينيون، وهو «القوة». يرى عجمى الآن أن فكرة دولة فلسطينية «مجرد سراب»، بل يتعدى ذلك بقوله «أن ينسوا فكرة دولة مستقلة ذات سيادة، إنها شبح». من المبررات التى يصوغها عجمى أن تنازلات الفلسطينيين لإسرائيل غير كافية. صار عجمى من المدعوين بصفة دائمة فى حفلات التبرع لإسرائيل، ويلقى خطاباً حماسياً. الموقف من فلسطين يجمع الجميع، جهاد الخازن مثلاً يصف عجمى ب«الواطى»، أما أمير طاهرى فيشير إلى أن عجمى صار وحيداً فى خندق الدفاع عن حرب العراق، وطاهرى، وعجمى، ومأمون فندى يرون فى القضية الفلسطينية «وسيلة للعرب لتجنب مواجهة القضايا الملحة لديهم سواء أكان ذلك عدواً خارجياً مثل إيران، أو مسائل الحرية والديمقراطية والمساواة فى الداخل». كما يدعى هؤلاء أن القادة العرب المستبدون شغلوا رعاياهم بأحلام «رمى العدو الصهيونى» فى البحر، ويشبهونهم بمواقف عبد الناصر وأفكاره بشأن «الأمة العربية» و«فلسطين الحبيبة».. أى أن هؤلاء الكُتّاب لا يعتبرون الصراع العربى الإسرائيلى أساس الاستقرار فى المنطقة. لكن كيف يكتب هؤلاء فى الجرائد السعودية، أو بمعنى آخر ما هو الوجه الذى يظهرون به أمام العرب، ربما يكون أمير طاهرى مثالاً جيداً على هذا حيث يتبع أسلوباً من الممكن وصفه «بالدب الذى قتل صاحبه»، فهو حينما يكتب فى جريدة سعودية، يمتدح المملكة بطريقته فهى «أكثر الدول ولاء لأمريكا»! ماذا عن الجانب الآخر؟ كيف يمكن تصور تناول الإعلام العربى لقضية فلسطين، هناك ما يعرف بالإعلام «العروبى»، والذى يتميز بالتركيز على القضايا الأساسية للعرب «فلسطين، الوحدة العربية، المطالبة بالديمقراطية، وتحرير العراق»، إلى جانب بلورته موقفا معارضاً للسعودية «الممالئة» لأمريكا رغم سيطرتها على منافذ الإعلام العربى.. يتمثل هذا الإعلام العروبى بجلاء فى «القدس العربى»، التى يعدها الكتاب «كفة ميزان العرب»، تليها قناة «الجزيرة»، ذات النبرة النضالية، لكن تناول هذا الدور لم يشغل بال المؤلف، ربما لأن الإعلام العربى ككل له مواقف واضحة فى صف القضية الفلسطينية، بل إن ما لفت نظر المؤلف هو إنطلاق عجمى، وفندى، من الدفاع عن فلسطين، وحقوقها التاريخية، للدفاع عن إسرائيل، وإن كان أكثرهم تحولاً فؤاد عجمى، الذى لا تترجم كتبه بحماس فى العالم العربى، وإن كانت كتاباته المناهضة لصدام حسين لاقت رواجاً فى الخليج حسب الكتاب.