مصر فيها خمسة وأربعون مليون «موبايل» ومع ذلك «الشبكة واقعة».. ومع كل هذا الكم من الخطوط التليفونية المحمولة.. الاتصال مازال مفقودًا بين المصريين، ولا تجمعهم شبكة أحلام واحدة ولا مشروع واحد للمستقبل.. ثمانية عشر مليار جنيه هى فاتورة المحمول السنوية، يتحملها شعب فقير ولا عائد اقتصاديًا من ورائها إلا قليلاً.. السؤال هنا كيف يتحول المحمول إلى باب رزق.. للبواب ولسائق التاكسى ولتاجر الخضار وللسباك والكهربائى ولطالب الجامعة ولربة المنزل مثلما حدث مع الكمبيوتر؟.. حكى لى الدكتور أحمد أبوطالب عن مشروع الحاسب الإنتاجى وهو فكرة رائعة لو استغلها الشباب لفتحت لهم أبواب رزق واسعة.. يمكن تصميم مطبوعات على الكمبيوتر وطبعها على ورقة ثم تطبع الصورة على ال«تى شيرت» باستخدام المكواة.. نفس الفكرة تطبق على صحون المائدة وعلى الأكواب الكبيرة «الماجات».. أفكار بسيطة لكنها تحتاج إلى تشجيع كى يقبل الشباب عليها ويتكسبوا ويخففوا الضغوط الاقتصادية عن كاهل عائلاتهم.. هناك أيضًا مستوى أعمق لاستخدام الموبايل والنت، وهو مشروع العمل من منازلهم.. فتيات وشباب وزوجات صغيرات يقومون بأداء خدمات حجز للفنادق أو عمل أبحاث للشركات والبنوك ثم إرسال شغلهم على شبكة الإنترنت إلى تلك المؤسسات.. قطاع آخر من الشباب فكروا فى مشروع شيخ الحارة الإلكترونى وهو خريطة تساعد الناس على الوصول إلى العنوان المطلوب.. آخرون يقدمون لك خدمات الوصول إلى معلومات عن السينما والأفلام أو عناوين المطاعم وماذا تقدم.. مصر تستورد سنويًا أجهزة موبايل بمليارين من الدولارات وفى النهاية تستخدم للمنظرة والفشخرة الكدابة والتقليد الأعمى وهوس الامتلاك.. وأنا سألت كثيرًا من الشباب عن سبب هذا الهوس فقالوا لا أمل لنا فى أن نمتلك شقة أو سيارة أو رصيدًا فى البنك.. فلماذا تستكثرون علينا المحمول يا من «كوشتم على كل الحاجات».. كم ساعة يعيشها شباب مصر يوميًا مع الموبايل والإنترنت؟ ما هى الموضوعات التى يتكلمون فيها وما هى المواقع التى يدخلون عليها؟.. دش فى دش، أو على أحسن تقدير دردشة، وغرف الدردشة شاهدة على الفراغ العاطفى والثقافى وعلى الجوع الجنسى عند هؤلاء الشباب.. ماذا تفعل وزارة الاتصالات فى هذه المعضلة.. هل لديها حل.. هل لديها تصورات لفتح أبواب رزق للشباب ولاستغلال التكنولوجيا الجديدة المتاحة للجميع لكى يتم تعظيم الناتج القومى؟.. فى الحقيقة نجحت وزارة الاتصالات فى تحويلنا إلى مواطنين مفروسين مذهولين.. وعدونا بحكومة إلكترونية.. وعدونا ب«السيليكون فالى» فلم يحدث.. اكتفوا بالقرية الذكية كناد للنخبة ورجال الأعمال.. ولم ينجحوا فى أن يؤسسوا «بنجالور» مصر مثلما فعلت الهند ولم ينجحوا فى إثارة وعى الأجيال الجديدة والشابة بأهمية التكنولوجيا وأجهزة الاتصال الحديثة فى تحسين ظروفهم المعيشية والمساهمة فى إكسابهم مهارات ليتكسبوا عيشهم.. هل فكر الدكتور طارق كامل فى أن يجلس مع الدكتور صفى الدين خربوش ومع هانى سيف النصر، المسؤول عن الصندوق الاجتماعى للتنمية ومع الدكتور أحمد درويش وزير التنمية الإدارية ومع وزيرى التربية والتعليم والتعليم العالى وغير العالى.. تستطيع هذه الحكومة أن تفعل معجزة لو نجحت فى تقديم مشروع قومى للشباب العاشق للموبايل والإنترنت.. أعطونا نموذجًا لمشروع من هذا النوع.. ولا تتركوا الشباب لشيطان الموبايل والإنترنت الذى اسمه الفراغ. [email protected]