أينما ذهب، توجهت إليه الأنظار ولاحقته عدسات المصورين، ومن القاهرة، التى اختارها لمخاطبة العالم الإسلامى، إلى أكرا، التى اختارها لمخاطبة القارة السمراء، سجل الرئيس الأمريكى، باراك أوباما لحظات تاريخية، بمجرد أن حطت طائرته ال«إير فورس 1» أرض مطار «كوتوكا» الدولى، حاملة أول عائلة من جذور أفريقية، تسكن البيت الأبيض، حيث تدفقت الجماهير، متحدية الطرق المغلقة والأمطار الغزيرة، التى هطلت على مدار اليومين الماضيين، مرحبة ب«عودة ابن القارة السوداء»، بحسب ما خرج أحد مانشيتات الصحف، محتفياً ب«الزيارة» فى احتفالات شعبية ورسمية، لم تخل من تكهنات سياسية وتساؤلات إعلامية حول أسباب تفضيل أوباما لغانا، كما حدث عندما اختار القاهرة ليوجه منها خطابه للعالم الإسلامى، واضعاً الجانب الإنسانى على رأس أولوياته فى تلك المنطقة. وبطبيعة الحال استحوذت الزيارة على وسائل الإعلام فى غانا، واحتفت مانشيتات الصحف بالاختيار الذى أجمع مراقبون على كونه يأتى من منطلق رصيدها الديمقراطى مقارنة بالدول الأفريقية المجاورة، سواء فى الصحراء الغربية أو شرق ووسط وجنوب أفريقيا، ولكن فى حديثه الخاص لإذاعة «صوت أمريكا»، أضفى الرئيس جون إيفانس ميلز بعداً آخر أقل حماسة، بقوله إن أوباما ربما يريد اختياره لغانا، وهى البلد الصغير حجماً، مقارنة بسائر دول القارة، أن يقيم العلاقات ويبنى الجسور مع الجميع، دون تمييز لقوى على حساب الأخرى. لكن ما لم يتحدث عنه الرئيس الغانى مباشرة، لدواع دبلوماسية، هو ما تتداوله الأوساط السياسية من أن اختيار أكرا أيضاً يحمل فى طياته نوعاً من التقريع لنظام الحكم السياسى السائد فى موطنه كينيا، والتى تعانى توتراً سياسياً وعدم استقرار داخلى منذ انتخابات 2006. على النقيض، ينظر المجتمع الدولى لغانا باعتبارها واحة الديمقراطية فى صحراء أفريقيا الغربية القاحلة، جراء معاناتها من الأوضاع السياسية المتردية، والفساد وسوء استخدام السلطة. لذلك، فإن زيارته التاريخية لأكرا لم تأت إلا لتؤكد دوافعه لاختيار القاهرة من حيث رغبته الحقيقية فى تغيير الصورة النمطية للولايات المتحدةالأمريكية من قائدة للعالم وقطب أوحد إلى «شريك» لمجتمع يسعى إلى «تعزيز السلام والتضامن بين الشعوب»، بحسب تعبير وزير الخارجية الغانى.