بمناسبة زيارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما لمصر.. الموقع الذى اختاره لمخاطبة العالمين العربى والإسلامى أملاً فى غسل خطايا الإدارات السابقة، خاصة إدارة جورج بوش الابن، أعلن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو رفضه القاطع لوقف التوسع فى المستعمرات فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، وفتحت الآلة الصهيونية نيرانها على أوباما لدرجة «اتهامه» والعياذ بالله بأن لديه ميولًا فلسطينية، وخرج علينا أكثر من متحدث رسمى إسرائيلى «يُشهد» العالم على عداء أوباما للسامية بالنظر إلى جذوره الإسلامية، وأكدوا أن الرئيس الأمريكى يطالب بما لا يمكن قبوله أو حتى تصوره، وبما لم يحدث فى التاريخ وهو «التوقف!» عن الاستمرار فى الاستعمار الاستيطانى فى أرض تم احتلالها بالقوة!!.. والسؤال البديهى فى ظل هذا المفهوم الإسرائيلى هو: أين ومتى رحب الواقعون تحت الاحتلال بالمستعمر؟ لكن جرت العادة على إحناء الرؤوس وخرس الألسنة إذا تعلق الأمر بإسرائيل، وهو ما فعلته الإدارات السابقة، إلى حد أن جورج بوش سلم خطابًا إلى رئيس الحكومة الأسبق آرييل شارون عام 2004 يؤكد له فيه موافقة إدارته على استمرار إسرائيل فى البناء والتوسع فى الأرض المحتلة، داهسًا بأقدامه قرارات الأممالمتحدة ومجلس الأمن الدولى، التى اعتبرت أن الاستعمار الاستيطانى مخالف للشرعية الدولية، وهى نفس الشرعية التى تنقض علينا بموجبها الجيوش الأمريكية خاصة فى العراق!! وقد طالعت تعليقات القراء على مقال نشرته صحيفة «لوفيجارو» الفرنسية منذ أيام بعنوان «إسرائيل تتهم أوباما بأن لديه ميولاً فلسطينية!!» وكان العامل المشترك بين المؤيدين لهذا الاتهام هو الذهاب إلى أن أوباما معاد للسامية، وأنه يؤيد الفلسطينيين على حساب «الحق!!» اليهودى، وطبعًا لأن اسمه باراك حسين أوباما، وأنه درس فى مدرسة قرآنية فى طفولته بإندونيسيا.. لكن اللافت للنظر أن هؤلاء كانوا أقلية مقارنة بالذين اعتبروا أن هذا الرئيس الشاب أدرك فداحة الظلم الواقع على شعب ابتلاه الاستعمار العالمى بأبشع أنواع الإنكار لحقه وكرامته الإنسانية بل لإنسانيته فى حد ذاتها تحت دعاوى أساطير مختلقة لتغليف الجريمة.. ونبه هؤلاء إلى حالة الفزع التى أرستها إسرائيل ومن هم وراءها، شاهرة سلاح العداء للسامية أو الإرهاب أو أى نقيصة أخرى من مفردات القاموس الصهيونى الغريب ضد أى منتقد لسياسة تل أبيب، أو أى من حكوماتها مهما عاثت تنكيلاً وتشريدًا واغتصابًا للأرض، أو حتى حرقًا بالقنابل الفوسفورية كما لا يحق لأىٍ كان أن يتعاطف مع شعب يُحيل المستعمرون اليهود - كما فى الخليل الآن - حياته إلى جحيم حقيقى تحت سمع العالم وبصره.. وبطبيعة الحال فإن الشاهد أن أول القصيدة «كُفر» حيث لم يطالب أوباما بإنهاء الاحتلال الإسرائيلى بل مجرد تجميد الاستيطان اليهودى الزاحف كالثعبان منذ عام 1980 حيث كان عدد المستعمرين اليهود فى الضفة الغربيةالمحتلة نحو 50 ألفًا ارتفع الآن إلى ما يقرب من نصف مليون، وإذا كان هذا هو رد الفعل الإسرائيلى تجاه تصريحات أوباما فما بالك بمقولة: الجلوس مع الإسرائيليين والتفاوض معهم؟!.. هذه حلقة مهمة فى تاريخ الصراع قد تضع نهاية لأكاذيب كثيرة حول رغبة إسرائيل فى السلام، ولأننى رحبت منذ اليوم الأول بانتخاب أوباما، واعتبرت ذلك مرحلة جديدة فى تاريخ أمريكا، فإننى أضع يدى على قلبى وأخشى عليه من التهديدات المباشرة والمستترة التى لوح بها أنصار إسرائيل.. والأهم.. علينا نحن أن نحدد دورنا ومسؤولياتنا وأى مستقبل نريد! وأن نفرض احترام حقوقنا!